نداء الحق لامة الاسلام {{فاعتبروا يا أولي الأبصار}}

 نداء الحق لامة الاسلام {{فاعتبروا يا أولي الأبصار}

Translate

الاثنين، 6 فبراير 2023

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم و...

 

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر البحار والأنهار

  أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر البحار والأنهار

اعلم انا لم نر في الإسلام إلا بحرين، حسب أحدهما يخرج من نحو مشارق الشتاء بين بلد الصين وبلد السودان فإذا بلغ مملكة الإسلام دار على جزيرة العرب كما مثلناه، وله خلجان كثيرة وشعب عدة، وقد اختلف الناس في وصفه والمصورون في تمثيله، فمنهم من جعله شبه طيلسان يدور ببلد الصين والحبشة وطرف بالقلزم وطرف بعبادان. وأبو زيد جعله شبه طير منقاره بالقلزم ولم يذكر شعبة ويلة وعنقه بالعراق وذنبه بين حبشة والصين. ورأيته ممثلاً على ورقة في خزانة أمير خراسان وعلى كرباسة عند أبي القاسم ابن الأنماطي بنيسابور، وفي خزانة عضد الدولة والصاحب، وإذا كل مثال يخالف الآخر، وإذا في بعضهن خلجان وشعب لا اعرفها. وأما انا فسرت فيه نحو آلفي فرسخ، ودرت على الجزيرة كلها من القلزم إلى عبادان، سوى ما توهت بنا المراكب إلى جزائره ولججه، وصاحبت مشايخ فيه ولدوا ونشأوا، من ربانيين واشاتمة ورياضيين ووكلاء وتجار، ورأيتهم من ابصر الناس به وبمراسيه وأرياحه وجزائره. فسألتهم عنه وعن أسبابه وحدوده ورأيت معهم دفاتر في ذلك يتدارسونها ويعولون عليها ويعملون بما فيها. فعلقت من ذلك صدراً صالحاً بعد ما ميزت وتدبرت، ثم قابلته بالصور التي ذكرت. وبينا أنا يوماً جالس مع أبي علي بن حازم انظر في البحر ونحن بساحل عدن إذ قال لي: ما لي أراك متفكراً. قلت: أيد الله الشيخ قد حار عقلي في هذا البحر لكثرة الاختلاف فيه، والشيخ اليوم من اعلم الناس به لأنه أمام التجار ومراكبه أبداً تسافر إلى أقاصيه، فإن رأى أن يصفه لي صفة اعتمد عليها وارجع من الشك إليها فعل. فقال: على الخبير بها سقطت، ثم مسح الرمل بكفه ورسم البحر عليه لا طيلسان ولا طير، وجعل له معارج متلسنة وشعباً عدة ثم قال هذه صفة هذا البحر لا صورة له غيرها. وأنا أصوره ساذجاً وأدع الشعب والخلجان إلا شعبة ويلة لشهرتها وشدة الحاجة إلى معرفتها وكثرة الأسفار فيها وأدع ما اختلفوا فيه وارسم ما اتفقوا عليه. وعلى الأحوال كلها لا شك إنه يدور على ثلاثة أرباع جزيرة العرب، وإن له لسانين كما ذكرنا من نحو مصر يفترقان على طرف الحجاز بموضع يسمى فاران. وعظم هذا البحر وامتناعه بين عدن وعمان حتى يصير اتساعه نحو ستمائة فرسخ ثم يصير لسان إلى عبادان. ومواضع الخوف في المملكة جبيلان موضع غرق فرعون وهي لجة القلزم وفيها تسير المراكب العراض لترجع من البر الغامر إلى البر العامر. ثم فاران وهو موضع تهب فيه الرياح من مصر والشام فتتحاذيان وفيه هلاك المراكب ومن رسمهم أن يبعثوا رجالا يرقبون الريح، فإذا سكنت الرياح أو غلبت التي هم من نحوها ساروا وإلا أقاموا المدة الطويلة إلى وقت الفرج. ثم مرسى الحوراء كثير العرى تغتر فيه المراكب عند دخوله. ومن القلزم إلى الجارعرى صعبة من أجلها لا يسيرون إلا بالنهار، والربان على الجخوار منكب يطلع في البحر فإذا ظهرت عراة صاح يميناً وشمالاً وقد رتب صبيان يصرخان بذلك، وصاحب السكان بيده حبلان يجذبهما يميناً وشمالاً إذا سمع النداء، وإن غفلوا غن ذلك صدم العرى المركب فأعطبته. ثم عن جزيرة الصلاب مضيق يتقى فيه للمراكب ويؤجل فمن أخذ ذات الشمال كان في سعة البحر. ثم جابر وهو موضع سوء يرى فيه قعر البحر وذلك القصير كثيرا ما يعطب فيه المراكب. وعند دخول كمران خوف وشدة. والمندم مضيق صعب لا يسلك إلا في شباب الريح وقوتها. ثم يتلجلج البحر إلى عمان، وترى ما ذكر الله أمواجاً كالجبال الراسيات، إلا أنه سليم في الذهاب مخوف في الرجعة من العطب والغرق جميعاً، ولا بد في كل مركب من مقاتلة ونفاطين. ثم مرسى عمان ردي مهلك. ثم فم السبع مضيق مخوف،. ثم الخشبات التي تنسب إلى البصرة، وهي الطامة الكبرى، مضيق وبحر رقيق، وقد نصب في البحر جذوع عليها بيوت، ورتب فيها قوم يوقدون بالليل حتى يتباعد عنهم المراكب من رقة تلك المواضع، وسمعت شيخا يقول وقد لحقتنا ثم شدة وضرب المركب الأرض عشر مرات، هذا موضع يسافر فيه أربعون مركباً فيرجع واحد. ولا أحب أن أطول هذا الأصل وإلا ذكرت مراس هذا البحر والطرق فيه.

ولهذا البحر الصيني زيادات في وسط الشهر وأطرافه، وفي كل يوم وليلة مرتين، ومنه جزر البصرة ومدها إذا زاد دفع دجلة فانقلبت في أفواه الأنهار وسقت الضياع، فإذا نقص جزر الماء، وقد اختلف الناس في سببه، فقال قوم ملك يغمس فيه إصبعه كل يوم فيمد فإذا رفع إصبعه جزر. وقال كعب الأحبار لقي الخضر ملكاً. فقال اخبرني عن المد والجزر. فقال الملك أن الحوت يتنفس فيخرجه الماء إلى منخريه فذلك الجزر، ثم يتنفس فيخرجه من منخريه فذلك المد. وروي لنا فيه وجه آخر اذكره في إقليم العراق. وفيه ضيق وعمق، أحرجه راس الجمجمة إلى الديبل. ثم بعده بحر لا يدرك عمقه، وفيه من الجزائر ما لا يحصى كثرة، فيها ملك من العرب يقال أن بها ألفا وسبعمائة جزيرة تملكهن امرأة، وزعم من دخل مملكتها إنها تجلس لرعيتهاعلى سريرعريانة وعليها تاج وعلى رأسها أربعة آلاف وصيفة قياماً عراة. ثم بحر هركند وهو قاموس فيه سرنديب تكون ثمانين فرسخا في مثلها فيها جبل آدم الذي اهبط فيه، اسمه الرهن يرى من مسيرة أيام، عليه أثر قدم غرقت نحو سبعين ذراعا والأخرى على مسيرة يوم وليلة في البحر، يرى عليه كل ليلة نور. وثم يوجد الياقوت أجوده ما احدره الريح، وفيه ريحان شبه المسك، وفيها ثلاثة ملوك، وثم شجر كافور، لا يرى أطول من شجرته بيضاء تظل أكثر من مائتي رجل، ينقر أسفلها فينساب عليه الكافور كالصمغ، ثم تبطل الشجرة. تليها جزيرة الكلب فيها معادن الذهب، طعامهم النارجيل، بيض عراة حسان، يتصل بها جزيرة الرمى فيها أشجار البقم، تغرس غرساً، ثمرها يشبه الخرنوب مر وعروقها شفاء من سم ساعة. وجزيرة أسقوطرة كأنها صومعة البحر المظلم، وهي سد البوارج ومنهم تخاف المراكب ولم تزل في هلع حتى جاوزنها. وهو ابرك البحرين واحمدهما عاقبة.

والبحر الآخر خروجه من أقصى المغرب بين السوس الأقصى والأندلس، يخرج من المحيط عريضاً، ثم ينخرط ثم يعود فيعظم إلى تخوم الشام. وسمعت بعض مشايخ المغرب يفسر هذه الآية ورب المشرقين ورب المغربين قال: المغربان هذان الوجهان من هذا البحر مغرب الصيف عن يمينه ومغرب الشتاء عن يساره، وسمعت جماعة منهم يذكرون أنه يضيق في حدود طنجة حتى يكون واتفقوا على انه عند معابر الأندلس إذا عاينت هذا البرترايا لك البر الآخر. وذكر ابن الفقيه أن طول بحر الروم الدبوري آلفان وخمسمائة فرسخ من انطاكية إلى جزائر السعادة، وعرضه في مكان خمسمائة فرسخ وفي مكان مائتا فرسخ. فما كان من ناحية القبلة من طرسوس إلى دمياط ثم إلى السوس كلهم مسلمون، وما كان من الجهة الأخرى يعني يسار البحر فنصارى. وفيه ثلاث جزائر عامرة آهلة: اصقلية تقابل المغرب، واقريطش تقابل مصر، وقبرص تقابل الشام. وله خلجان معروفة، وعلى حافته بلدان كثيرة، وثغور جليلة، ورباطات فاضلة، وجهة منه على تخوم الروم إلى حدود الأندلس والغالب عليه الروم وهو مخوف منهم جداً وهم وأهل اصقلية. والأندلس أخبر الناس به وحدوده وخلجانه لأنهم يسافرون فيه ويغزون من هو يليهم، وفيه طرقهم إلى مصر والشام. وقد ركبت معهم المدة الطويلة أبداً أسألهم عنه وعن أسبابه واعرض عليهم ما سمعت فيه فقل ما رأيتهم يختلفون فيه، وهو بحر صعب هائج تسمع له أبداً جلبة خاصة ليالي الجمع. اخبرنا الفقيه أبو الطيب عبد الله بن محمد الجلال بالري. قال: حدثنا احمد بن محمد بن يزيد الاستراباذي. قال: حدثنا العباس بن محمد. قال: حدثنا أبو سلمة. قال: حدثنا سعيد بن زيد. قال: حدثنا ابن يسار عن عبدالله بن عمرو. قال: أن الله لما خلق بحر الشام أوحى إليه أني خلقتك وأنى حامل فيك عبادا لي يبتغون من فضلي يسبحونني ويقدسونني ويكبرونني ويهللونني فكيف أنت صانع بهم. قال: رب إذاً أغرقهم. قال: اذهب فقد لعنتك، وسأقل حليتك وصيدك. وأوحى إلى بحر العراق مثل ذلك. فقال: رب إذاً احملهم على ظهري فإذا سبحوك سبحتك معهم وإذا قدسوك قدستك معهم وإذا كبروك كبرتك معهم. قال: اذهب فقد باركت فيك سأكثر حليتك وصيد ك. وهذا دليل على أن ليس إلا بحران.

ولا أدري هذان البحران يقلبان في المحيط أم يخرجان منه وقرأت في بعض الكتب إنهما يخرجان منه وهما إلى القلب فيه اقرب، لأنك إذا خرجت من فرغانة لا تزال تنحدر إلى مصر ثم إلى أقصى المغرب. وأهل العراق يسمون العجم أهل فوق وأهل الغرب أهل أسفل. فهذا يؤيد ما ذهبنا إليه ويدل على إنها أنهار اجتمعت فصبت في المحيط والله أعلم. وجعل أبو زيد البحار ثلاثة، زاد المحيط ولم ندخله نحن في الجملة، لأنه كما يقال مستدير بالعالم كالحلقة لا يعرف له غاية ولا نهاية. وأما الجيهاني فإنه جعلها خمسة، زاد بحر الخزر وخليج القسطنطينية. ونحن اقتصرنا على ما أنبأ الله في كتابه حيث يقول مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان والبرزخ من الفرما إلى القلزم مسيرة ثلاثة أيام، فإن قيل إنما أراد الله تعالى بالبحرين العذب والمالح لأنهما لا يختلطان كما قال وهو الذي مرج البحرين -الآية- فالجواب أن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان من الحلو والله يقول منهما ولا خلاف بين أهل العلم أن اللؤلؤ يخرج من الصيني والمرجان من الرومي. فعرفنا أنه إنما أراد هذين البحرين. فإن قيل البحار سبعة لأن الله قال عز وجل: )ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر(. وزاد المقلوبة والخوارزمية، فالجواب لم يقل الله تعالى إن البحار سبعة وإنما ذكر بحر العرب، وقال ولو أن سبعة مثله جعلت أيضاً مدادا. كما قال: )ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعاً ومثله معه(. مع إنه يجب بهذا الدعوى أن تكون ثمانية. وأيضا فإنا نلتزم هذا السؤال وننتصب فيه فنقول أن البحر هو بحر الحجاز والسبعة بحر القلزم وبحر اليمن وبحر عمان وبحر مكران وبحر كرمان وبحر فارس وبحر هجر، فهذه ثمانية كما نطقت الآية. فإن قيل يلزمك بهذا التأويل أن تكون أكثر من عشرة لأنك تركت بحر الصين وبحر الهند وبحر الزنج. فالجواب من وجهين أحدهما أن الله تعالى خاطب العرب بما يعرفونه ويعاينونه ليؤكد عليهم الحجة، وما كانت أسفارهم إلا في هذه البحار. ألا ترى أن هذا البحر بهذه الأسامي يدور على ديار العرب من القلزم إلى عبادان. والوجه الآخر لا ننكر أن يكون البحار كثيرة وذكر الله تعالى منها في هذه الآية ثمانية. فإن قيل هذا يرجع عليك ويلزمك أن البحار تجوز أن تكون سبعة، وإنما ذكر الله منها في تلك الآية بحرين. فالجواب هذا لا يشبه ذاك. لأن الله تعالى قال في تلك: )مرج البحرين يلتقيان(. فأشار إلى بحرين معهودين، والألف واللام إذا لم يكونا للجنس فإنما هما للتعريف. وقال في هذه يمده من بعده سبعة أبحر، ولم يدخل فيه حرف التعريف. فيجوز أن يكون أراد به سبعة من جماعة. كما قال: )سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً( وأيام الله كثيرة. وقال في آية أخرى: )وعلى الثلثة الذين خلفوا( فلا يجوز بأن يقال أنهم كانوا أكثر. فإن قيل لما وقع الاختلاف في تفسير هذه الآية ورأينا بحر الصين لا يلقى الرومي سقط الاحتجاج بها وسلمت لنا الآية الأخرى، فوجب أن تكون البحار سبعة. فالجواب قد ارتفع الاختلاف بقوله: )يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان(. وأما الالتقاء فحدثني جماعة من مشايخ مصر أن النيل كان يفيض في بحر الصين إلى قريب. فأن قيل تأويلك يوجب التناقض لأن فيه إنهما يلتقيان وإن بينهما على ما ذكرت ثلاثة أيام، وحاشى كتاب الله من التناقض. وما تأولناه مستقيم لأن التقاءهما جريان الحلو فوق المالح والبرزخ المنع من اختلاطهما. فالجواب تأويلنا أيضاً مستقيم لأن أعطينا كل معنى حقه فقلنا الالتقاء ما ذكرناه من صب النيل في الصيني وطرف النيل اليوم يفيض في الرومي فبالنيل التقيا. ويقال أن أم موسى إنما طرحت تابوته في بحر القلزم فخرج في النيل إلى مصر، مع أن الالتقاء غير الاجتماع لان الملتقيين يكون بينهما فصل ومسافة، وما ذهبوا إليه يسمى اختلاطاً لا التقاء. فإن قيل لم جعلت بحار الأعاجم من السبعة بعد ما قلت أن الله خاطبهم بما يعرفونه. فالجواب فيه من وجهين أحدهما أن العرب قد كانت تسافر إلى فارس آلا ترى أن عمر بن الخطاب رضه قال: إني تعلمت العدل من كسرى، وذكر خشيته وسيرته والآخر أن من سار إلى هجر وعبادان لا بد له من بحر فارس وكرمان وتيز مكران، أولا ترى إلى كثير من الناس يسمونه إلى حدود اليمن بحر فارس، وان اكثر

صناع المراكب وملاحيها فرس، وهو من عمان إلى عبادان قليل العرض لا يجهل المسافر فيه جهته. فإن قيل فهلا قلت هذا في بحر القلزم إلى موضع الأتساع. فالجواب قد قلنا أن من القلزم إلى عيذاب وما وراءها مفاوز خالية لم يسمع أن هذا البحر ينسب إلى شيء منها مع أنا قد انفصلنا عن هذا في بعض الجوابات. فإن قيل كيف يجوز أن تجعل بحرا واحدا ثمانية أبحر. فالجواب أن هذا مشهور عند كل من ركب البحر، ألا ترى كيف سمى الله بحر الروم بحرين، حيث يقول: وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً فلما بلغا مجمع بينهما . وكان هذا كله بسواحل الشام وأعلام ذلك ظاهرة وصخره موسى ثم بينة. فإن قيل فلم لا قلت أن معنى قوله مرج البحرين هو بحر واحد أيضاً. فالجواب هذا لا يجوز لأن الله تعالى قال: بينهما برزخ والبرزخ حاجز. مع أنا نقول لهذا المخالف إن كان الآمر على ما تزعم فأرنا ثمانية بحار في الإسلام. فإن ذكر المحيط قيل له ذلك على تخوم العالم بغير نهاية تعرف، وإن ذكر القسطنطيني قيل ذاك خليج من الرومي يخرج خلف اصقلية آلا ترى انهم ابدا يغزون فيه، فإن ذكر الخزري قيل له تلك بحيرة آلا ترى أن اكثر الناس يسمونها بحيرة طبرستان، أولم تر إلى قرب أطرافها، فإن قال المقلوبة والخوارزمية قيل له من جعل هاتين من هذه الجملة لزمه أن يجعل بحيرات الرحاب وفارس وتركستان فيجاوز العشرين. فإن انصف رجع إلى قولنا والله أعلم. المراكب وملاحيها فرس، وهو من عمان إلى عبادان قليل العرض لا يجهل المسافر فيه جهته. فإن قيل فهلا قلت هذا في بحر القلزم إلى موضع الأتساع. فالجواب قد قلنا أن من القلزم إلى عيذاب وما وراءها مفاوز خالية لم يسمع أن هذا البحر ينسب إلى شيء منها مع أنا قد انفصلنا عن هذا في بعض الجوابات. فإن قيل كيف يجوز أن تجعل بحرا واحدا ثمانية أبحر. فالجواب أن هذا مشهور عند كل من ركب البحر، ألا ترى كيف سمى الله بحر الروم بحرين، حيث يقول: وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً فلما بلغا مجمع بينهما . وكان هذا كله بسواحل الشام وأعلام ذلك ظاهرة وصخره موسى ثم بينة. فإن قيل فلم لا قلت أن معنى قوله مرج البحرين هو بحر واحد أيضاً. فالجواب هذا لا يجوز لأن الله تعالى قال: بينهما برزخ والبرزخ حاجز. مع أنا نقول لهذا المخالف إن كان الآمر على ما تزعم فأرنا ثمانية بحار في الإسلام. فإن ذكر المحيط قيل له ذلك على تخوم العالم بغير نهاية تعرف، وإن ذكر القسطنطيني قيل ذاك خليج من الرومي يخرج خلف اصقلية آلا ترى انهم ابدا يغزون فيه، فإن ذكر الخزري قيل له تلك بحيرة آلا ترى أن اكثر الناس يسمونها بحيرة طبرستان، أولم تر إلى قرب أطرافها، فإن قال المقلوبة والخوارزمية قيل له من جعل هاتين من هذه الجملة لزمه أن يجعل بحيرات الرحاب وفارس وتركستان فيجاوز العشرين. فإن انصف رجع إلى قولنا والله أعلم.

وأما الأنهار الفائضة في المملكة، فالمشهور منها فيما رأيت وميزت اثنا عشر.

دجلة والفرات والنيل وجيحون ونهر الشاش وسيحان وجيحان وبردان ومهران ونهر الرس ونهر الملك ونهر الاهواز، يجري فيها السفن. ودونها خمسة عشر أخرى: نهر المروين ونهر هراة ونهر سجستان ونهر بلخ ونهر الصغد وطيفوري وزندرود ونهر العباس وبردى ونهر الاردن والمقلوب ونهر انطاكية ونهر ارجان ونهر شيرين ونهر سمندر. ثم ما بعدهن صغار، نذكر بعضهن في الأقاليم مثل نهر طاب والنهروان والزاب ونظائرهن.

فأما دجلة فإنها عين تخرج من تحت رباط ذي القرنين عند باب الظلمات بإقليم أقور فوق الموصل، ثم يلقاها عدة انهار منها الزاب إلى أن يلقاها الفرات وشعب النهروان ببغداد.

وأما الفرات فإنه يخرج من بلد الروم ثم يتقوس على إقليم اقور، ويتشعب إليه الخابور، ثم يدخل العراق ويتبطح خلف الكوفة ويلقى دجلة منه أربع شعب.

وأما النيل فمخرجه من بلد النوبة ثم يشق إقليم مصر فيتشعب خلف الفسطاط، فنهر يفيض بالإسكندرية ونهر بدمياط. وذكر الجيهاني انه يخرج من جبل القمر ثم ينصب في بحيرتين خلف خط الاستواء ويطيف بأرض النوبة. وقال غيره لا يعرف له أول ولا يدري أحد من أين يقبل. وحدثنا أبو الحسن الخليل بن الحسن السرخسي بنيسابور. قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد القنطري. قال: حدثنا المأمون بن احمد السلمي. قال: حدثنا محمد بن خلف. قال: اخبرنا أبو صالح كاتب الليث بن سعد عن الليث. قال: ذكروا والله اعلم إنه كان رجل من بني العيص يقال له حائذ بن أبي شالوم بن العيص وإنه خرج هارباً من ملك من ملوكهم حتى دخل ارض مصر فأقام بها سنين، فلما رأى عجائب نيلها وما يأتي به جعل الله على نفسه أن لا يفارق ساحلها حتى يبلغ منتهاه من حيث يخرج أو يموت قبل ذلك فسار حتى انتهى إلى بحر اخضر فنظر إلى النيل يشق البحر قال المقدسي هذا البحر هو المحيط. قال: فصعد على البحر فإذا هو برجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح فلما رآه استأنس إليه وسلم عليه. فسأله من أنت. قال: حائذ بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق صلعم. فمن أنت. قال: أنا عمران بن العيص بن إسحاق عم. قال: فما الذي جاء بك يا عمران. قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت إلى هذا الموضع فأوحى الله تعالى إلى أن قف في هذا الموضع حتى يأتيك أمري. قال: فقال له يا عمران اخبرني عن النيل. فقال: لست بمخبرك دون أن تفعل ما أسألك. قال: وما ذاك. قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحي الله إلي بأمر أو يتوفاني فتدفنني. قال: ذاك لك. قال: له سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابة مقاربة للشمس إذا طلعت اهوت إليها لتبتلعها فلا يهولنك آمرها فاركبها فإنها تذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليه راجعاً حتى تنتهي إلى النيل، فسر عليه فإنك ستبلغ أرضاً من حديد جبالها وشجرها وسهولها من ارض ذهب، إلى أن تنتهي وإذا بقبة من ذهب فيها ينتهي إليك علم النيل. فسار حتى بلغ القبة فإذا ماء ينحدر من السور إلى القبة ثم يفترق في الأبواب الأربعة. فأما ثلاثة فتغيض في الأرض وأما واحد فيشق على وجه الأرض وهو النيل. فشرب منه واستراح أهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك، فقال له: يا حائذ قف مكانك فقد انتهى إليك علم النيل، وهذه الجنة وذكر الحديث بطوله.

وأما جيحون فإن ابتداءه من بلاد وخان يمد إلى الختل ثم يتسع ويعظم ويقع إليه ستة انهار: نهر هلبك ثم نهر بربان ثم نهر فارغر ثم نهر انديجاراغ ثم نهر وخشاب وهو اعمقهن ثم يلقاه نهر القواديان ثم انهار الصغانيان كل ذلك من جانب هيطل ينحدر متبحرا إلى خوارزم فيقر في بحيرة مرة وقد سقى عدة من المدن مع مدن خوارزم كلها شرقاً وغرباً.

وأما نهر الشاش فإنه يخرج عن يمين بلد الترك ويمد إلى بحيرة خوارزم أيضاً وهو يقارب جيحون في العظم إلا أنه شبه الميت.

وأما سيحان وجيحان وبردان فأنهن. انهار طرسوس وأذنة والمصيصة، يخرجن من بلد الروم ثم يفضن في البحر. وكذاك سائر انهار الشام آلا نهر بردى والأردن فإنهما يفيضان في البحيرة المقلوبة. وبردى يتفجر من جبال فوق دمشق، ويشق القصبة ويسعي الكورة ثم ينقسم فضلته فبعض يتبحر في اقصى الكورة وبعض ينحدر إلى الاردن.

وأما نهر مهران فإنه يخرج من الهند ثم يفيض في بحر الصين بعد ما يلقاه عدة انهار في الأقاليم وطعم مائه ولونه وزيادته وكون التماسيح فيه كالنيل.

وأما نهر الرس والملك والكر فأنهن يخرجن من بلاد الروم فيسقين إقليم الرحاب ثم يفضن في بحيرة الخزر.

وأما انهار الاهواز فإنها عدة انهار تنحدر على الإقليم من الجبال ثم تجتمع بحصن مهدي وتفيض في بحر الصين عند عبادان. ووجدت في كتاب بالبصرة أربعة انهار من الجنة في الدنيا: النيل وجيحون والفرات والرس. وأربعة من انهار النار: الزبداني والكر وسنجة والسم.

وأما نهر المروين وهراة وسجستان وبلخ فإنها تخرج من أربعة جوانب بلد الغور ثم تنحدر إلى هذه العرر فتسقيها.

وأما طيفوري فإنه ينحدر من جبال جرجان فيسقى الكورة. ونهر الري يخرج من فوق البلد من شبه فوارة ثم ينشعب وينحدر على البلد. وزندرود ينحدر من جبال اصفهان ثم يدخل اليهودية ويسقي الكورة.

وأما انهار فارس فإنها تفيض في خمس بحيرات في الإقليم ونهرطاب يقبل من البرج قبل سميرم ثم يمد على تخوم فارس ثم يفيض في بحر الصين عند سينيزونهر ارجان يتفجر من جبال فارس ويقع فيه ماء مالح تحت العقبة ويسقي الكورة بالقسمة.

=====

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر الخصائص في الأقاليم

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر الخصائص في الأقاليم

أظرف الأقاليم العراق وهو أخف على القلب وأحد للذهن، وبها تكون النفس أطيب والخاطر أدق إذا كانت كفاية. واجلها وأوسعها فواكه وأكثرها علماً وأجلة وأبرداً المشرق. وأكثرها صوفاً وقزاً ودخلاً على قدره الديلم. وأجودها ألباناً وأعسالاً وألذها إخبازاً وأمكنها زعفراناً الجبال. وأكثرها ثماراً وأرخصها أسعاراً ولحوماً وأثقلها قوماً الرحاب. وأسفلها قوماً وأشرهم أصلاً وفصلاً خوزستان. وأحلاها تموراً وأوطأها قوماً كرمان. وأكثرها فانيذاً وأرزازاً ومسكاً وكفاراً السند. وأكيسها قوماً وتجاراً وأكثرها فسقاً فارس. وأشدها حراً وقحطاً ونخيلاً جزيرة العرب. وأكثرها بركات وصالحين وزهاداً ومشاهد الشام. وأكثرها عباداً وقراء وأموالاً ومتجراً وخصائص وحبوباً مصر. وأخوفها سبلاً وأجودها خيلاً وأوسطها قوماً أقور. وأجفاها وأثقلها وأغشها قوماً وأكثرها مدناً وأوسعها أرضاً المغرب.

وقال عبد الرحمان بن أخي الأصمعي دخلت على الجاحظ، فقلت افدني في البلدان فائدة، قال نعم الأمصار عشرة: المروة ببغداد، والفصاحة بالكوفة، والصنعة بالبصرة، والتجارة بمصر، والغدر بالري، والجفاء بنيسابور، والبخل بمرو، والصلف ببلخ، والحرفة بسمرقند. وقد صدق لعمري.

آلا أن بنيسابور أيضاً صناعاً حذاقاً، وبالبصرة تجارات،، وبمكة فصاحة،وبمرو دهاة، وصنعاء طيبة الهواء، وبيت المقدس حسنة البناء، وصغر وجرجان موضع الوباء، ودمشق كثيرة الأنهار، وصغد ممتدة الاشجار، والرملة لذيذة الثمار، وطبرستان دائمة الامطار، وفرغانة رخيصة الاسعار، والمروة والجحفة معدن الدعار، والرقة موضع الاخطار، وهمذان وتنيس مركز الاحرار، والشام إقليم الاخيار، وسمرقند فرضة التجار، ونيسابور بلدة الكبار، والفسطاط آهل الأمصار، وطوب لأهل الغرج بعدل الشار، ولأصفهان الهواء والحلل والفخار، ورسوم شيراز على الإسلام عار، وعدن دهليز الصين مع صحار، وبالصغانيان الكلأ والثمار والاطيار، وبخارا جليلة لولا الماء وحريق النار، وبلخ خزانة الفقه مع الرحب واليسار، وأيليا تصلح لأهل الدين والدار، وأهل بغداد قليلو الإعمار، وصنعاء ونيسابور بالضد.

وليس أكثر ولا أرذل من مذكري نيسابور، ولا اطمع من أهل مكة، ولا أفقر من أهل يثرب، ولا أعف من أهل بيت المقدس، ولا آدب من أهل هراة وبيار، ولا أذهن من أهل الري، ولا أنقب من أهل سجستان، ولا أبخس من أهل عُمان، ولا أجهل من أهل عَمان، ولا أصح موازين من أهل الكوفة وعسكر مكرم، ولا أحسن من أهل حمص وبخارا، ولا أقبح من أهل خوارزم، ولا أحسن لحى من الديلم، ولا أشرب للخمور من أهل بعلبك ومصر، ولا أفسق من أهل سيراف، ولا أعمى من أهل سجستان ودمشق، ولا أشغب من أهل سمرقند والشاش، ولا أوطأ من أهل مصر، ولا أبله من أهل البحرين، ولا أحمق من أهل حمص، ولا ألبق من أهل فسا ونابلس ثم الري بعد بغداد، ولا أحسن لساناً من أهل بغداد، ولا أوحش من لسان صيدا وهراة، ولا أصح من السان خراسان، ولا أحسن عجميةً من أهل بلخ والشاش، ولا أعفط من أهل البطائح، ولا أسلم صدورا. من أهل هيطل، ولا أخير قوما من أهل غرج الشار.

فإن سأل سائل أي البلدان أطيب نظر? فإن كان ممن يطلب الدارين قيل له بيت المقدس، وإن كان مخلصاً آمنا من الطمع قيل مكة، وإن كان ممن يطلب النعمة والحيازة والرخص والفواكه قيل له كل بلد أجزاك، وإلا فعليك بخمسة أمصار: دمشق والبصرة والري وبخارا وبلخ. أو بخمس مدائن: قيسارية وباعيناثا وخجندة والدينور ونوقان. أو بخمس نواح: الصغد والصغانيان ونهاوند وجزيرة ابن عمر وسابور. فاختر ما شئت منها فإنها منازه الإسلام. وأما الاندلس فيقال أنها جنات. ومستفاض جنات الدنيا أربع: غوطة دمشق ونهر الابلة وروضة الصغد وشعب بوان. ومن أراد التجارة فعليه بعدن أو عمان أو مصر. وكلما نذكر من عيوب أهل البلدان فأهل العلم والادب عنه بمعزل، خاصة الفقهاء، لأني رأيت الفضل فيهم.

واعلم أن كل بلد فيه صاد فأهله حمق إلا البصرة. فإن اجتمعت صادان مثل المصيصة وصرصر فنعوذ بالله. وكل بلد نسبت صاحبه إليه فلقيت الزاي الياء فهو داه، مثل رازي مروزي سجزي. وكل بلد آخر أن فله خاصية أو طيبة، مثل جرجان موقان ارجان. وكل بلد شديد البرد فأهله أسمن وأضخم وأحسن وأكبر لحى، مثل فرغانة وخوارزم وارمينية. وكل بلد على بحر أو نهر فالزنا واللواطة فيه كثير، مثل سيراف وبخارا وعدن. وكل بلد يحيط به أنهار فأن في أهله شغباً وخروجاً، مثل دمشق وسمرقند والصليق. وكل بلد رحب رخى فإن المعايش به ضيقة إلا بلخ. واعلم أن بغداد كانت جليلة في القديم وقد تداعت الآن إلى الخراب، واختلت وذهب بهاؤها، ولم أستطبها ولا أعجبت بها، وإن مدحناها فللتعارف. وفسطاط مصر اليوم كبغداد في القديم ولا أعلم في الإسلام بلدا أجل منه. وأما إقليم المشرق فقد فشا فيه الجور وفسد، وهو خيرمن غيره. وأقاليم الأعاجم فلا تطيب لأهل أسفل. ولو كان للرملة ماء جار لما استثنينا أنها أطيب بلد في الإسلام، لأنها ظريفة خفيفة، بين قدس وثغور وغور وبحور، معتدلة الهواء لذيذة الثمار سرية الأهل، غيرأن فيهم جهلا خزانة مصر ومطرح البحرين رخية.

===========

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر المذاهب والذمة

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر المذاهب والذمة

اعلم أن المذاهب المستعملة اليوم في الإسلام التي لها خاص وعام

ودعاة وجمع، ثمانية وعشرون مذهبا. أربعة قي الفقه، وأربعة في الكلام، وأربعة في الحكم فيهما، وأربعة مندرسة، وأربعة في الحديث، وأربعة غلب عليها أربعة، وأربعة رستاقية. فأما الفقهيات: فالحنفية والمالكية والشفعوية والداودية. وأما الكلاميات: فالمعتزلة والنجارية والكلابية والسالمية. وأما الذين لهم فقه وكلام: فالشيعة والخوارج والكرامية والباطنية. وأما أصحاب الحديث: فالحنبلية والراهوية والاوزاعية والمنذرية. وأما المندرسة: فالعطائية والثورية والاباضية والطاقية. وأما التي في الرساتيق: فالزعفرانية والخرمدينية والابيضية والسرخسية. وأما التي غلب عليها أربعه من شكلها: فالاشعرية على الكلابية، والباطنية على القرمطية، والمعتزلة على القدرية، والشيعة على الزيدية، والجهمية على النجارية. فهذه جمل المذاهب المستعملة اليوم ثم تنشعب إلى فرق لا تحصى.

ولما ذكرنا القاب وأسماء تتكرر ولا تزيد على ما ذكرنا، يعرف ذلك العلماء، وهن أربعة ملقبة، وأربعة ممتدحة، وأربعة منكو رة، وأربعة نحتلف فيها، وأربعة لقب بها أهل الحديث، وأربعه معناهن واحد، وأربعة يميزهن النحارير. فأما الملقبة فالروافض والمجبرة والمرجئة والشكاك. وأما الممتدحة فأهل السنة والجماعة وأهل العدل والتوحيد والمؤمنون وأصحاب الهدى. وأما المنكورة فالكلابية ينكرون الجبر والحنبلية ينكرون النصب ومنكرو الصفات ينكرون التشبيه ومثبتوها ينكرون التعطيل. وأما المختلف فيها فعند الكرامية الجبر جعل الاستطاعة مع الفعل، وعند المعتزلة جعل الشر بقدر الله تعالى وأن يقال أفعال العباد مخلوقة الله. والمرجئة عند أهل الحديث من أخر العمل عن الايمان، وعند الكرامية من نفى فرض الاعمال، وعند المامونية من وقف في الايمان، وعند أصحاب الكلام من وقف في أصحاب الكبائر ولم يجعل منزلة بين منزلتين. والشكاك عند أصحاب الكلام من وقف في القرآن، وعند الكرامية من استثنى في الايمان. والروافض عند الشيعة من أخر خلافة علي، وعند غيرهم من نفى خلافة العمرين. وأما أربعة معناهن واحد: فالزعفرانية والواقفية والشكاك والرستاقية. وأما أربعة لقب بها أهل الحديث: فالحشوية والشكاك والنواصب والمجبرة. وأما ألتي يميزهن كل نحرير، فأهل الحديث من الشفعوية، والثورية من الحنفية، والنجارية من الجهمية، والقدرية من المعتزلة. واعلم أن اصل مذاهب المسلمين كلها منشعبة من أربع: الشيعة والخوارج والمرجئة والمعتزلة. واصل افتراقهم قتل عثمان، ثم تشعبوا ولا يزالون مفترقين إلى خروج المهدي. والارجاء هاهنا هو الوقف في أهل الكبائر يدخل فيه أهل الرأي والحديث. وقالت المعتزلة كل مجتهد مصيب في الفروع حسب واحتجوا بالذين اشكلت عليهم القبلة وقت النبي، ﷺ، فصلى كل قوم إلى جهة، فلم يأمرمن أخطأ بالإعادة، بل جعله بمثابة من أصابها. وهذه المقالة تعجبني ألا ترى إن أصحاب النبي ﷺ، قد اختلفوا وجعل اختلافهم رحمة. وقال بأيهم اقتديتم أهتديتم وقال سفيان بن عيينة. إن الله تعالى لا يعذب احداً على ما أختلف فيه العلماء، أولا ترى أن القاضي إذا اجتهد في قضية لم يجز لغيره أن يبطلها وإن كانت عنده خطأ. وقالت طائفة من الكرامية كل مجتهد مصيب في الاصول والفروع جميعا إلا الزنادقة، واحتج صاحب هذه المقالة، وهو قول جماعة من المرجئة بخبر النبي ﷺ، يفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتين وسبعين في الجنة وواحدة في النار. وقال بقية الأئمة: لا مصيب إلا من وافق الحق وهم صنف واحد، واحتجوا بالخبر الآخر إثنتان وسبعون في النار وواحدة ناجية وهذا أشهر، إلا أن الأول أصح أسنادا والله أعلم. فإن صح الأول فالهالكة هما الباطنية، وإن صح الثاني فالناجية السواد الأعظم. ولم أر السواد الأعظم إلا من أربعة مذاهب أصحاب أبي حنيفة بالمشرق، وأصحاب مالك بالمغرب، وأصحاب الشافعي بالشاش وخزائن نيسابور، وأصحاب الحديث بالشام واقور والرحاب، وبقية الأقاليم ممتزجون. قد بينت ذلك في شرح الأقاليم من هذا الكتاب.

وأما أصحاب القراءات المستعملة اليوم فعلى أربعة أقسام: حروف أهل الحجاز وهن أربع قراءة نافع وابن كثير وشيبة وأبي جعفر. وحروف أهل العراق وهن أربع حرف عاصم وحمزة والكسائي وأبي عمرو. وقراءة أهل الشام وهي لعبد الله بن عامر. وحروف الخاص وهن أربع قراءة يعقوب الحضرمي واختيار أبي عبيد واختيار أبي حاتم وقراءة الأعمش، وأكثر الائمة على أن الجميع على صواب. وقد أخترت من المذاهب مذهب أبي حنيفة رحه للخلال ألتي أذكرها في إقليم العراق. ومن الحروف مقرأ أبي عمران عبد الله بن عامر اليحصبي للمعاني ألتي أصفها في إقليم أقور.

واعلم أن الناس قد عدلوا عن مذهب أبي حنيفة في أربع: صلاة العيدين إلا بزبيد وبيار، وصدقة الخيل، وتوجيه الميت عند الموت، والتزام الاضحية إلا ببخارا والري. وعدلوا من مذهب مالك في أربع: الصلاة قدام الإمام إلا بالمغرب ويوم الجمعة بمصر وصلاة الجنائز بالشام، وفي أكل لحوم الكلاب إلا بمدينتين بالمغرب تباع جهراً وتطرح في هرائس مصر ويثرب سراً، وفي الخروج من الصلاة بتسليمة واحدة إلا ببعض بلدان المغرب، وفي المسامحة في تسبيحات الركوع والسجود إلا الجهال. وعدلوا عن مذهب الشافعي في أربع: الجهر بالبسملة إلا بالمشرق في مساجد أصحابه، وكذلك القنوت في الفجر، وفي إحضار النية مع تكبيرة الافتتاح، وفي ترك القنوت في الوتر في غير نصف رمضان الأخير إلا بنسا.

وعدلوا عن مذهب داود في أربع: تزويج ما فوق الأربع، وإعطاء الابنتين النصف، ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، وفي مسألة العول. وعدلوا عن مذهب أصحاب الحديث في أربع: المتعة في الحج، والمسح على العمامة، وترك التيمم بالرمل، وانتقاض الوضوء بالقهقهة. إلا أنه قد وافقهم الأربع أربعة: في القهقهة أبو حنيفة رحه، وفي المتعة الشيعة، وفي التيمم الشافعي، وفي المسح على العمامة الكرامية. وعدلوا عن مذهب الشيعة في أربع: المتعة ووقوع طلاق الثلاث والمسح على الرجلين والحيعلة في الآذان. وعدلوا عن مذهب الكرامية في أربع: المسامحة في النية عند كل فريضة، وصلاة الفريضة على الدابة، وجواز الصوم لمن أكل بعد طلوع الفجروهولا يعلم، وصحة صلاة من طلعت الشمس وهوفيها. وخالف العوام الجميع في أربع: تكبير أيام التشريق، والصلاة قبل العيدين، وترك الدخول من. منى آخر يوم قبل الزوال، وغسل القدم ثلاث مرات في الوضوء.

وقلما رأيت فقهاء أبي حنيفة رحه ينفكون من أربع من الرياسة مع لباقة فيها والحفظ والخشية والورع. وأصحاب مالك من أربع الثقل والبلادة والديانة والسنة. وأصحاب الشافعي من أربع النظر والشغب والمروة والحمق. وأصحاب داود من أربع من الكبرة والحدة والكلام واليسار. والمعتزلة من أربع من اللطافة والدراية والفسق والسخرية. والشيعة من أربع البغضة والفتنة واليسار والصيت. وأصحاب الحديث من أربع القدوة والهمة والانفاق والغلبة. والكرامية من أربع التقى والعصبية والذل والكدية. والادباء من أربع الخفة والعجب والتصرف والتجمل. والمقرئين من أربع الطمع واللواطة والرياء والسمعة.

وأما الاديان الذين هم ذمة فأربعة اليهود والنصارى والمجوس والصابئون.

ونحن نذكرغلبة كل قوم ممن ذكرنا في مواضعهم، بلا ميل ولا تعصب إن شاء الله تعالى. ونصف ما فيهم من خيروشر. فإن قيل أكثر ما ذكرته خطأ وخلاف ما يعرفه الناس حتى أنك خالفت الاصول، بجعلك الاقسام رباعيات وعدلت عن السباعيات، بعد ما قد علمت أن الله عز إسمه، خلق السموات والأرض سبعاً سبعاً والأيام والليالي سبعاً سبعاً، والأرزاق من سبع، ونزل القرآن على سبعة أحرف، والمساجد سبعة. وذكر ما سنجيب عن بعضه، فالجواب إنا قد تحرزنا بقولنا المذاهب المستعملة ولم نقل فرق المسلمين. وأما وجود الآمر على خلاف ما ذكرنا في البعض فذلك ندر والأغلب ما ذكرنا. وأما السامرة فإنهم صنف من اليهود، ألا ترى إن نبيهم موسى عم. وأما الرباعيات وإن كانت اتفقت وما تقصدناها، فإن لها نظائر في الاصول وهي أن الكتب أربعة، وخلق الإنسان من أربع، والطبائع أربع، والفصول أربعة، والأنهار أربعة، وأركان الكعبة أربعة، وأشهر الحرم أربعة. وحدثنا أبو بكر أحمد بن عبدان بالأهواز، قال: حدثنا محمد بن معاوية الأنصاري قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح عن سفيان الحريري عن عبد المؤمن عن زكرياء أبي يحيى عن الأصبغ بن نباتة أنه سمع علياً رضه، يقول: إن القرآن نزل ربعاً فينا وربعاً في عدونا وربعاً سيراً وأمثالاً وربعاً فرائض وأحكاماً، فهذه أصول أيضا لا تنكر.

============

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر ما عانيت من الأسباب

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر ما عانيت من الأسباب

اعلم أن جماعة من أهل العلم ومن الوزراء قد صنفوا في هذا الباب، وإن كانت مختلة، غيرأن أكثرها بل كلها سماع لهم. ونحن فلم يبق إقليم إلا وقد دخلناه، وأقل سبب إلا وقد عرفناه. وما تركنا مع ذلك البحث والسؤال والنظر في الغيب، فانتظم كتابنا هذا ثلاثة أقسام: أحدها ما عايناه، والثاني ما سمعناه من الثقات، والثالث ما وجدناه في الكتب المصنفة في هذا الباب وفي غيره. وما بقيت خزانة ملك إلا وقد لزمتها، ولا تصانيف فرقة إلا وقد تصفحتها، ولا مذاهب قوم إلا وقد عرفتها، ولا أهل زهد إلا وقد خالطتهم، ولا مذكرو بلد إلا وقد شهدتهم، حتى استقام لي ما ابتغيته في هذا الباب. ولقد سميت بستة وثلاثين إسماً دعيت وخوطبت بها مثل: مقدسي وفلسطيني ومصري ومغربي وخراساني وسلمي ومقرئ وفقيه وصوفي وولي وعابد وزاهد وسياح ووراق ومجلد وتاجر ومذكر وإمام ومؤذن وخطيب وغريب وعراقي وبغدادي وشامي وحنيفي ومتؤدب وكرى ومتفقه ومتعلم وفرائضي واستاذ ودانشومند وشيخ ونشاسته وراكب ورسول وذلك لاختلاف البلدان ألتي حللتها. وكثرة المواضع التي دخلتها.

ثم إنه لم يبق شيء مما يلحق المسافرين إلا وقد أخذت منه نصيبا غير الكدية وركوب الكبيرة، فقد تفقهت وتادبت، وتزهدت وتعبدت، وفقهت وأدبت. وخطبت على المنابر، وأذنت على المنائر. وأممت في المساجد، وذكرت في الجوامع، واختلفت إلى المدارس. ودعوت في المحافل، وتكلمت في المجالس. وأكلت مع الصوفية الهرائس. ومع الخانقائيين الثرائد، ومع النواتي العصائد. وطردت في الليالي من المساجد، وسحت في البراري، وتهت في الصحاري. وصدقت في الورع زمانا، وأكلت الحرام عيانا. وصحبت عباد جبل لبنان، وخالطت حيناً السلطان. وملكت العبيد، وحملت على رأسي بالزبيل. وأشرفت مراراً على الغرق، وقطع على قوافلنا الطرق. وخدمت القضاة والكبراء، وخاطبت السلاطين والوزراء. وصاحبت في الطرق الفساق، وبعت البضائع في الأسواق. وسجنت في الحبوس، وأخذت على أني جاسوس. وعاينت حرب الروم في الشواني وضرب النواقيس في الليالي. وجلدت المصاحف بالكرى، وأشتريت الماء بالغلاء. وركبت الكنائس والخيول، ومشيت في السمائم والثلوج. ونزلت في عرصة الملوك بين الاجله، وسكنت بين الجهال في محلة الحاكه. وكم نلت العز والرفعه، ودبر في قتلي غير مرة. وحججت وجاورت، وغزوت ورابطت. وشربت بمكة من السقاية السويق، وأكلت الخبز والجلبان بالسيق. ومن ضيافة ابراهيم الخليل، وجميز عسقلان السبيل. وكسيت خلع الملوك وأمروا لي بالصلات. وعريت وافتقرت مرات، وكاتبني السادات، ووبخني الأشراف. وعرضت علي الأوقاف، وخضعت للاخلاف. ورميت بالبدع، واتهمت بالطمع. وأقامني الأمراء والقضاة أمينا، ودخلت في الوصايا وجعلت وكيلا. وامتحنت الطرارين، ورأيت دول العيارين. واتبعني الارذلون، وعاندني الحاسدون، وسعي بي إلى السلاطين. ودخلت حمامات طبرية، والقلاع الفارسية. ورأيت يوم الفواره، وعيد برباره، وبئر بضاعه، وقصر يعقوب وضياعه. ومثل هذا كثير ذكرنا هذا القدر ليعلم الناظر في كتابنا أنا لم نصنفه جزافا، ولا رتبناه مجازا، ويميزه من غيره. فكم بين من قاسى هذه الأسباب، وبين من صنف كتابه في الرفاهية ووضعه على السماع. ولقد ذهب لي في هذه الأسفار فوق عشرة آلاف درهم سوى ما دخل علي من التعصيرفي أمور الشريعة. ولم يبق رخصة مذهب إلا وقد استعملتها. قد مسحت على القدمين، وصليت بمد هامتان، ونفرت قيل الزوال، وصليت الفريضى على الدواب، ومع نجاسة فاحشة على الثياب، وترك التسبيح في الركوع والسجود، وسجود السهو قبل التسليم. وجمعت بين الصلوات، وقصرت لا في سفر الطاعات. غيرأني لم أخرج عن قول الفقهاء الأئمة، ولم أؤخر صلاة عن وقتها بته. وما سرت في جادة وبيني وبين مدينة عشرة فراسخ فما دونها إلا فارقت القافلة وانفتلت إليها لأنظرها قديما، وربما اكتريت رجالا يصحبوني، وجعلت مسيري في الليل لأرجع إلى رفقائي مع إضاعة المال والهم.

========

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر المواضع المختلف فيها

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر المواضع المختلف فيها

اعلم أن في الإسلام مواضع ومشاهد ليست بصحيحة ولا مجمع عليها. فوجب إفراد هذا الباب لها لتباين الصحة وننحاز عنها إذا ذكرناها في الأقاليم. بكازرون قبة من نحو العقبة تزعم المجوس إنها وسط الدنيا ولها عيد في كل سنة، خارج ينبع نحو البحرمشهد قالوا هولسان الأرض حين قالت أتينا طائعين بالجش موضع قالوا ثم كانت سلسلة داود ألتي كانت موضع البينات. قال قوم قبر آدم عند منارة مسجد الخيف،، قال آخرون عند قبر إبراهيم، وقال قوم بالهند، وقيل إن قبر آدم بالتيه، وزعم رجل بايليا أنه رأى في النوم أنه خلف جبل زيتا. قال أهل الكتاب قبر داود بصهيون. قال قوم مدائن لوط بين كرمان وخراسان. زعم قوم أن نار إبراهيم كانت بجرمق. قال قوم الدكة التي بالغري هي قبر نوح. وقبر علي في محراب جامع الكوفة وقال آخرون عند المنارة المائلة. قال قوم قبر فاطمة مع النبي ﷺ، في الحجرة، وقال آخرون في البقيع. خارج من نحو سر خس رباط فيه قبر صغير زعموا أنه قبر رأس الحسين بن علي. بفرغانة زعموا قبر أيوب. على قلة جبل سينا زيتونة قالوا هي التي لا شرقية ولا غربية على جبل زيتا أخرى يقال فيها ذلك. وقال قوم صخرة موسى بشروان. والبحر بحيرة طبرستان والقرية باجروان وقتل الغلام بقرية خزران. قال قوم سد ياجوج وماجوج خلف الأندلس. وقال آخرون هو درب خزران وياجوج وماجوج هم الخزر. وسمعت أبا علي الحسن بن أبي بكر البناء يقول كان قبريوسف دكة، يقال إنها قبر بعض الاسباط حتى جاء رجل من خراسان وذكر أنه رأى في المنام إنه ذهب إلى بيت المقدس وأعلمهم أن ذاك يوسف الصديق، قال فأمر السلطان والدي بالخروخ وخرجت معه، قال فلم يزل الفعلة يحفرون حتى انتهوا إلى خشب العجلة وإذا بها قد نخرت ولم أزل أرى عند عجائزنا من تلك النحاتة يستشفين بها من الرمد.

==========

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/باب اختصرناه للفقهاء

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

باب اختصرناه للفقهاء

هذا باب أفردناه لمن أحب أن يعرف أمصار المسلمين، وكور الأقاليم، ويقف على عدد القصبات ومدنها، ولم يكن له فراغة إلى تدبر ما فصلناه. ولا حاجة في نسخ ما شرحناه. وطلب جملة يخف حملها في الأسفار، وحفظها على الاختصار. وكثيراً ما سئلت عن هذا القدر وابتغي مني هذا الباب، فقدمته قبل الشروع في ذكر المملكة باختصار الألفاظ، وترك الاطناب وجعل الإغماض. فمن فهم فقد فهم، وإلا إذا نظر في الأصل علم.

اعلم أنا جعلنا الأمصار كالملوك، والقصبات كالحجاب، والمدن كالجند، والقرى كالرجالة. وقد أختلف في الأمصار فقالت الفقهاء: المصر كل بلد جامع فيه الحدود ويحله أمير ويقوم بنفقته ويجمع رستاقه مثل عثر، ونابلس، وزوزن. وعند أهل اللغة المصر كل ما حجز بين جهتين مثل البصرة، والرقة، وارجان. والمصر عند العوام كل بلد كبير جليل مثل الري، والموصل، والرملة. وأما نحن فجعلنا المصر كل بلد حله السلطان الأعظم، وجمعت إليه الدواوين، وقلد ت منه الأعمال، وأضيف إليه مدن الإقليم. مثل دمشق، والقيروان، وشيراز. وربما كان للمصر أو للقصبة نواح لها مدن. مثل طخارستان لبلخ، والبطائح لواسط، والزاب لافريقية.

فالأقاليم أربعة عشر ستة عربية جزيرة العرب ثم العراق ثم أقور ثم الشام ثم مصر ثم المغرب. وثمانية عجمية المشرق ثم الديلم ثم الرحاب ثم الجبال ثم خوزستان ثم فارس ثم كرمان ثم السند. ولا بد لكل إقليم من كور ثم لكل كورة من قصبة ثم لكل قصبة من مدن، إلا الجزيرة والمشرق والمغرب فإن لكل واحد مصرين. والمصر قصبة كورته، وليس كل قصبة مصراً. ثم الأمصار أسم كورها أيضا إلا الأربع الأول والمنصورة والثلاث الأواخر. نبتدئ من المشرق وهلم جرا إلى المغرب.

فالأمصار: سمرقند، ايرانشهر، شهرستان، أردبيل، همذان، الاهوا ز، شيراز، 1لسيرجان، المنصورة، زبيد، مكة، بغد اد، الموصل، دمشق، الفسطاط، القيروان، قرطبة. وبقية القصبات سبع وسبعون: بنجكت نموجكت، بلخ، غزنين، بست، زرنج، هراة، قا ين، مرو،اليهودية، الدامغان، آمل، بروان، أتل، مراغة، دبيل،الري،1ليهودية،ا لسوس، جنديسابور، تستر، العسكر، الدورق، رامهرمز، أرجان، سيراف، درابجرد، شهرستان،أصطخر، أردشير، نرماسير، بم، جيرفت، بنجبور، قزدار، ويهند، قنوج، الملتان، صنعاء، البصرة، الكوفة، واسط، حلوان، سامرا، آمد، ا لرقة، حلب، حمص، طبرية، الرملة، صغر، الفرما، بلبيس، العباسية، اسكندرية، أسوان، برقة، بلرم، تاهرت، فاس، سجلماسة، طرفانة.

نرجع إلى ذكر المدن المحيطة بقصباتها فنقدم الحاجب ونتبعه جنده فمن أشكل عليه شيءمن ذلك فليفتشه على إقليمه.

أخسيكت، نصراباذ، رنجد، زاركان، خيرلام، وشبشان،اشتيقان، زرندرامش، أوزكند،أوش، قبا، برنك، مرغينان، رشتان، باب، جارك، أشت، توبكار، أوال، دكركرد، نوقاد، مسكان، بيكان، جدغل، شاودان، خجندة.

ولا سبيجاب: خورلوغ، جمشلاغو، أسبانيكت، باراب، شاوغر، سوران، ترار، زراخ، شغلجسان، با لاج، بروكت، بروخ، يكانكث، أذخكت، ده نوجيكت، طراز، بالوا، جكل، برسخان،أطلخ جموكت، شلجى، كول، سوس، تكابكث، بلاسكون، لبان، شوى،أبا لغ، مادانكث، برسيان، بلغ، جكركان، يغ، يكا لغ، روانجم، كتاك، شور، جشمه، دل، أواس، جركرد.

ولبنكث: نكث، جينانجكث، نجاكمث، بنا كث، خرشكث، غرجند، غناج، بهوزن، وردك، كبرنه، نمدوانك، نوجكت، غزك، أنوذ كث، بشكت، بركوش، خاتونكث، جيغوكث، فرنكد، كدالى، نكالك، تل أوش، غزكرد، زرانكث، دروا، فردكث، أجخ ومن نواحيها: أيلاق قصبتها تونكمث، مدنها: شا وكمث، با نخاش، نوكث، با لايان، أربلخ، نموذلغ، خمرك، سيكث،. كهسيم، دخكث، خاس، خجاكث، غرجند، سام، سرك، بسكث.

لبنجكث: أرسبا نيكث، كردكث، غزق، ساباط، زامين، ديزك، نوجكث، دزه، خرقانة، خشت، قطوان، مرسمند ة.

ولنموجكث: بيكند، الطواويس، زند نة، بمجكث، خد يمنكن، عروان، بخسون، سيكث ارياميثن، ورخشى، زرميثن، كمجكث، فغرسين، كشفغن، نويدك، وركى. ناحيتها كش مدنها نوقد، قريش، سونج، أسكيفغن. ونسف مدنها: كسبة، بزدة، سيركث.

ولسمرقند: بنجكث، ورغسر، ابغر، كشاني، أشتيخن، دبوسية، كرمينية، وربنجان، قطوانة.

وعلى جيحون ناحية ختل مدينتها هلبك، مرند، أنديجارغ، هلاورد، لاوكند، كاربنك، تمليات، أسكندرة، منك، فارغر، بيك. ثم مدينة ترمذ، كالف، زم، نويده، آمل، فربر. وكورة الصغانيان مدنها: دارزنجي، باسند، سنكردة، بهام، زينور، ريكد شت، الشومان، قواديان، أند يان، دستجرد، هنبان. ولخوارزم قصبتها الهيطلية كات، مدنها: غردمان، وايخان، أرذخيوه، نوكفاغ، كردر، مزد اخقان، جشيرة، سدور، زردوخ، قرية برا تكين، مدكمينية. قصبة الخراسانية: الجرجا نية، مدنها: نوزوار، زمحشر، روزوند، وزارمند، دسكاخان خاس، خشميثن، مداميثن، خيوه، كردرانخاس، هزاراسف، جقر وند، سد فر، جرجا نية، جا ز، درغان، جيت.

ولبلخ: أشفورقان، سليم، كركو، جاه، مذر، برواز. ناحية طخارستاذ

مد نها: ولوالج، الطالقان، خلم، غربنك، سمنجان، أسكلكند، روب، بغلان العليا، بغلان السفلى، أسكيمشت، راون، آرهن، أندراب، سراي، عاصم. ناحية الباميان مدنها: بسغورفند، سقاوند، لخراب، بذخشان، بنجهير، جاربايه، بروان. ولغزني: كرد يس، سكا وند، نوه، بردن، دمراخي، حش باره، فرمل، سرهون، لجرا، خوا شت، غراب، زاوه، كاويل، كابل، لمغان، بودن، لهوكر. وناحيتها والشتان مدنها: أفشين، أ سبيدجه، مستنك، شال، سكيرة، سيوه. ولبست: جالقان، بان، قرمة، بوزاد، داور، سروستان، قرية الجوز، رخود، بكراواذ، بنجواي، طلقان. ولزرنج: كوين، زنبوك، فره، درهند، قرنين، كواربواذ، بارنواذ، كزه، سنج، باب الطعام، كروادكن له، الطاق. لهراة: كروخ، أوبه، مالن، السفلقات، خيسار، أستربيان، ماراباذ. نواحيها: بوشنج، مدنها: خركرد، فلجرد، كوسوي، كرة، وباذغيس مدنها: دهستان، كوغناباذ، كوفا، بشت، جاذاوا، كابرون، كاليون، جبل الفضة. وكنج رستاق: مدنها: ببن، كيف، بغ. وأسفزار مد نها: كواشان، كواران، كوشك، أدرسكر. وناحية غرجستان قصبتها أبشين، ومدنها: شورمين، بليكان. ولليهودية: أنبار، برزور، فارياب، كلان، الجرزوان. لمرو: خرق، هرمزفره، با شان، سنجان، سوسقان، صهبة، كيرنك، سنك، عبادي، دندانمان. ناحيتها مروالروذ مدنها: قصر أحنف، طالقان، ومدينة سرخس. ولقاين: تون، خوست، خور، كرى، طبس، الرقة، يناود، سناوذ، طبس السفلى. ولايرا نشهر: بوزجان، زوزن، طرثيث، سا بزوار، خسروجرد، أ زاذوار، خوجان، ريوند، مازل، مالن، جاجرم. وخزائنها طوس قصبتها الطابران ومن مدنها النوقان، وا لرادكان، وجنابد، أستورقان، تروغبذ. نسا مد نها: أسفينقان، وا لسرمقان، فراوة، شهرستانةا نة. وابيورد مد نها. مهنة كوفن.

وللدامغان: بسطام، مغون، سمنان، زغنة، بيا ر. ولشهرستان: آبسكون، ألهم، أستاراباذ آخر الرباط. ولآمل: سالوس، سارية، ميلة، مامطير، ترنجى، طميس، هرى، بود، ممطير، نا مية، تميشة. ولبروالن: ولامر، شكيرز، تارم، خشم. ناحيتها الجيل مدنها: دولاب، بيلمان شهر، كهن روذ. ولاتل: بلغا، سمندر، سوار، بغند قيشوي، البيضاء، خمليج، بلنجر.

ولبرذعة: تفليس، القلعة، خنان، شمكور، جنزة، برديج، الشماخية، شروان، باكوه، الشابران، باب الابواب، الابخان، قبلة شكى، ملازكرد، تبلا. ولد بيل: بدليس، خلاط، أرجيش، بركري، خوي، سلماس، أرمية، داخرقان، مراغة، أهر، مرند، سنجان، قاليقلا. ولارد بيل: رسبة، تبريز، جابروان، الميا نج، السراة، ورثان، موقان، ميمذ، برزند.

وللري: قم، آوه، ساوة، آوه، قزوين، أبهر، زنجان، شلنبة، ويمة.

ولهمذان: أسداواذ، طزر، قرماسين، بوسته، رامن، وبه، سيراوند. ولها نواح جليلة بلا مدن مثل: نهاوند ولها روذراور، وكرج ابي دلف ولها كرج أخرى، ومرج وبروجرد. والصيمرة بلامدن والدينور بلا مدن وشهرزور..... ولليهودية: المد ينة، خالنجان، الرباط، لوردكان، سميرم، يزد، ناين، نياستانه، أردستان، قاشان.

وللسوس: البذان، بصنا، بيروت، قرية الرمل، كرخة. ولجندي سابور: الدز، الروناش، بايوه، قاضبين، اللور. ولم أر لتستر مدينة البتة. وللعسكر: جوبك، زيدان، سوق الثلثاء، حبك، ذوقرطم. وللاهواز: نهر تيري، جوزدك، بيروه، سوق الاربعاء، حصن مهدي، باسيان، شوراب، بندم، دورق، خان طوق، سنة، مناذرالصغرى. وللدورق: أزم بخساباذ، الدز، أ ندبار، آزر، جبى، ميراقيان، ميرا ثيان. ولرامهرمز: سنبل، أ يذج، ليرم، با زنك، لاذ، غروة، بافج، كوزوك.

ولارجان: قوستان، داريان، مهروبان، جنابة، سينيز، بلا، سابور، هندوان. ولسيراف: جور، ميمند، نابند، الصيمكان، خبر، خورستان، الغندجان، كران، سميران، زيرباذ، نجيرم، نابنددون، سورا، راس كشم. ولدرابجرد، طبستان، الكردبان، كرم، يزدخواست، رستاق الرستاق، برك، أزبراه، سنان، جويم أبي أحمد، الاصبهانات. ولشيراز: البيضاء، فسا، المص، كول، جور، كارزين، دشت بارين، جم، جوبك، جمكان، كورد، بجة، هزار، أ بك. ولشهرستان: دريز، كازرون، خرة، النوبندجان، كاريان، كندران، توز، زم الاكراد، جنبذ، خشت. ولاصطخر: هراة، ميبذ، مائين، الفهرج، الحيرة، سروستان، أسبانجان، بوان، شهر بابق، أورد، الرون، أشتران، خرمة، ترك نيشان، صاهه.

ولبردسير: ما هان، كوغون، زرند، جنزرود، كوه بيان، قواف، زاور، أناس، خوناوب، غبيرا، كارشتان. وناحيتها خبيص، مدنها: نشك، كشيد، كوك، كثروا. ومن المنفردات جنزروذ، فرزين، ناجت خير، مرزقان، السورقان، مغون، جيروقان. وللسيرجان: بيمند، الشا مات، واجب، بزورك، خور، دشت برين، كشيستان. ولنرماسير: باهر، كرك، وريكان، نسا، د ا رجين. ولبم: د ا رز ين، طوشتان، أوارك، مهركرد، راين، مائين، رائين. ولجيرفت: باس، جكين، منوقان، درهفان، جوى سليمان، كوه بارجان، قوهستان، مغون، جواون، ولاشجرد، روذكان، درفاني.

ولبنجبور: مشكة، كيج، سراي، شهر، بربور، خواش، دمندان، جالك، دزك، دشت علي، التيز، كبرتون، راسك، به، بند، قصرقند، أصفقة، فهل فهره، قنبلي، أرمابيل. ولويهند: قامهل، كنباية، سوبارة، أورهة، زهو، هر، برهيروا. ولقزدار: قندابيل، بجثرد، جثرد، بكانان، خوزي، رستاكهن، موردان، روذماسكان، كهركور، محالى، كيزكانان، سورة، قصدار. وللمنصورة: د يبل، زندرايج، كدر، مايل، تنبلي، نيرون، قالرى، أنرى، بلرى، المسواهى، البهراج، بانية، منجابري، الرور، سوبارة، كيناس، صيمور.

لزبيد: معقر، كدرة، مهجم، مور، عطنة، الشرجة، غلافقة، مخا، الحردة، الجريب، اللسعة، شرمة، العشيرة، رنقة، الخصوف، الساعد، الجرده، الحمضة. وناحية عثر مدنها: بيش، الجريب، حلى، السريق. ولصنعاء: صعدة، نجران، جرش، العرف، جبلان، الجند، ذمار، نسفان، يحصب، السحول، المذيخرة، خولان. ولمكة: منى، أمج، الجحفة، الفرع، جبلة، مهايع، حاذة، الطائف، بلدة. وناحية يثرب لها بدر، الجار، ينبع، العشيرة، الحوراء، المروة، سقيا يزيد، خيبر. وناحية قرح قصبتها وادي القرى ومدنها: الحجر، العونيد، بدا يعقوب، ضبة، النبك. ولصحار: نزوة، السر، ضنك، حفيت، دبا، سلوت، خلفار، سمد، لسيا، ملح. وناحية مهرة مدنها: الشحر..، وناحية الاحقاف مدينتها: حضرموت. وناحية سبا، وناحية اليمامة. وللاحساء: الزرقاء، سا بون، أوال، العقير.

وللبصرة: الا بلة، نهر الدير، مطارا، مذار، نهرزبان، بدران، بيان، نهر الامير، نهر القديم، عبادان، أبو الخصيب، نهر دبا، المطوعة، القندل، المفتح، الجعفرية. وللكوفة: حمام عمر، الجامعين، سورا، النيل، القادسية، عين التمر. ولبغداد: بردان النهروان، كارة الدسكرة، طراستان، هارونية، جلولا، باجسرى، باقبة، برهرز،كلواذى، درزيجان، المداين، أسبانبر، كيل، سيب، دير العاقول، النعمانية، جبل عبرتا، بابل، قصر هبيرة، عبدس، بهروي. ولواسط: فم الصلح، نهر سابس، درمكان، باذبين، قراقبة، سيادة، السكر، قرقوب، الطيب، لهبان، البسامية، أودسة. وناحية البطائح مدينتها الصليق، ولها: جامدة، هرار، الحد ادية، الز بيدية. ولحلوان: خانقين، زبوجان، المرج، شلاشان الجامد، الحر، السيروان، بندنيجان. ولسامرا: الكرخ، عكبرا، الدور، الجامعين، بت، راذانان، قصر الجص، جوى، أيوانا، بريقا، سندية، راقفروبة، دمما، الا نبار، حيت، تكريت، السن.

وللموصل: نينوى، الحديثة، معلثاى، الحسنية، تلعفر، سنجار، الجبال، بلد، أذرمة، برقعيد، نصيبين، دارا، كفرتوثا، رأس العين، ثمانين. ولآمد: ميافارقين، تل فافان، حصن كيفا، الفار، حاذية. وللرقة: المحترقة، الرافقة، خانوقة، الحريش، تل محرى، باجروان، حصن مسلمة، ترعوز، حران، الرها. ومن النواحي: جزيرة ابن عمر، لها: فيشابور، باعيناثا، المغيثة، الزوزان. وناحية سروج. ولها: كفرزاب، كفرسيرين. وناحية الفرات مدينتها قرقيسيا، ولها: الرحبة، الدالية، عانة، الحديثة. وناحية الخا بور مدينتها: عرابان، ولها الحصين، الشمسينية، ميكسين، سكير العباس، الخيشة، السكينية، التنانير ولحلب: أنطاكية، بالس، سميساط، المعرتين، منبج، بياس، التينات، قنسرين، السويدية. ولحمص: سلمية، تدمر، الخناصرة، كفرطاب، اللاذقية، جبلة، جبيل، نطرسوس، بلنياس، حصن الخوابي، لجون، رفنية، جوسية، حماة، شيزر، وادي بطنان. ولدمشق: داريا، بانياس، صيدا، بيروت، عرقة، اطرابلس، الزبداني، وناحية البقاع مدينتها بعلبك، ولها: كامد، عرجموش. ولطبرية: بيسان، اذرعات، قدس، كا بل، اللجون، عكا، صور، الفراذية. وللرملة: بيت المقدس، بيت جبريل، غزة، عسقلان، يافة، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحاء، عمان. ولصغر: ويلة، عينونا، مدين، تبوك، أذرح، مآب، معان.

وللفرما: البقارة، الورادة، العريش، تنيس دمياط، شطا، دبقو وللعباسية: شبروازه، دمنور، سنهور، بنها العسل، شطنوف، مليج، دميرة، بورة، دقهلة، سنهور، برلس، سندفا، وسبع مدن يعرفن بالمحلات. ولبلبيس: مشتول، فاقوس، جرجير، صندفا، بنها العسل، دميره، طوخ، طنتثنا هو دير نطلى. وللاسكندرية: الرشيد، محلة حفص، ذات الحمام، برلس. وللفسطاط: الجزيرة، الجيزة، القاهرة، العزيزية، عين شمس، بهنى، المحلة، سند فا، دمنهور، حلوان، القلزم. ولا سوان: قوص، أخميم، بلينا، طحا، سمسطا، بوصير، اشمونين، أجمع، وناحية ألفيوم.

ولبرقة: رمادة، اطرا بلس، أجدابية، السوس، صبرة، قابس، غافق.

لبلرم: الخالصة، اطرابنش، مازر، عين المغطا، قلعة البلوط، جرجنت، بثيرة، سرقوسة، لنتيني، قطا نية، الياج، بطرنوا، طبرمين، ميقش، مسينة، رمطة، دمنش، جاراس، قلعة القوارب، قلعة الصراط، قلعة أبي ثور، بطرلية، ثرمة، بورقاد، قرليون، قرينش، برطنيق، اخياس، بلجة، برطنة.

وللقيروان. صبرة، أسفا قس، ألمهد ية، سوسة، توسق، بنزرد، طبرقة، مرسى الخرز، بونة، باجة، لربس، قرنة، مرنيسة، مس، بنجد، مرماجنة، سبيبة، قمودة، قفصة، نفزاوة، لافس، أوذنة، قلانس، قبيشة، رصفة، بنونش، لجم، جزيرة أبب شريك، باغاي، سوق ابن خلف، دوفانة، المسيلة، اشير، سوق حمزة، جزيرة بني زغناية، متيجة، تنس، دار سوق ابراهيم، الغزة، قلعة برجمة، باغر، يلل، جبل توجان، وهران، جاراوا،أرزكول، مليلة، نكور، سبتة، كلزاوة، جبل زالاغ، أسفاقس، منستير، مرسى الحجامين، هياجة، لربس، مرسى الحجر، جمونس الصابون، طرس، قسطيلية، نفطة، تقيوس، مدينة القصور، مسكيانة، باغاي، دوفانة، عين العصافير، دار ملول، طبنة، مقرة، تيجس، مدينة المهريين، تامسنت دكما، قصر الافريقي، ركوى، القسطنطينية، ميلى، جيجل، تابريت، جف، ايكجا، مرسى الدجاج، أشير.

ولتاهرت: يممة تاغليسية، قلعة ابن الهرب، هزارة الجعبة، غدير الدروع، لماية، منداس، سوق ابن حبلة، مطماطة، جبل تجان، وهران، شلف طير، الغزة، سوق ابرا هيم، ورهباية، البطحة، الزيتونة، تمما يعود، الخضراء، واريفن، تنس، قصر الفلوس، بحرية، سوق كرى، منجصة، أوكى، تبرين، سوق ابن مبلول، ربا، تاويلت أبي مغول، تامزيت، تاويلت، لغوا، فكان. ولسجلماسة: درعة، تادنقوست، أثر، ايلا، ويلميس، حصن السودان ابن صالح، النحاسين، حصن السودان، هلال أمصلى، دار الامير، حصن برارة، الخيامات، تازروت.

ولفاس: البصرة، زلول الجاحد، سوق الكتامى، ورغة، سبوا، صهناجة، هوارة، تيزا، مطماطة، كزناية،، سلا، مدينة بني قرباس، مزحاحية، أزيلا،، سبتا، بلد غمار، قلعة النسور، نكور، بلش، مرنيسة تابريدا، صاع، مدينة مكناسة، قلعة شميت، مدائن برجن، اوزكى، تيونوا، مكسين، أمليل، أملاه أبي الحسن، قسطينة، نفزاوة، نقاوس، بسكرة، قبيشة. نواحيها الزاب، مدينتها المسيلة، ومدنها: مقرة، طبنة، بسكرة، بادس، تهوذا، طولقا، جميلا، بنطيوس، واذنة وطنجة مدنها: وليلة، مدركة، متروكة، زقور، غزة، غميرة، الحاجر، تاجراجرا، البيضاء، الخضراء.

ولطرفانة: اغمات، ويلا، وريكة، تندلي، ماسة، زقور، غزة، غميرة، الحاجر، فنكور، الخضراء.

ومن مذكورات بلدان قرطبة: طليطلة، لاردة، تطيلة، سرقسطة، طرطوشة، بلنسية، مرسية، بجانة، مالقة، استجة، رية، جيان، شنترة، غافق، ترجالة، قورية، ماردة، باجة، شنترين، أخشنبة، أشبيلية، شدونة، جبل طارق، قرمونة، مورور، الجزيرة. ولو كنت دخلت الاندلس لكورتها لكثرة المدن والاعمال والنواحي بها. وهي نظير هيطل، بل أجل وقد بقي يسير من مدن الاسلام لم نذكرها لجهلنا أياها. والاندلس مثل هذا الجانب الافريقي أو قريبة منه. وذكر ابن خرداذبة إنها أربعون مدينة يعني المذكورات.

===

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر أقاليم العالم ومركز القبلة

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر أقاليم العالم ومركز القبلة

اعلم أن كل مصنف في هذا الباب جعل الأقاليم أربعة عشر: سبعة ظاهرة عامرة،: وسبعة خراباً. وسمعت بعض المنجمين يقول الخلق كلهم في المغرب ولا يسكن المشرق أحد من الحر وسمعت غيره يقول من البرد. وقالوا من أقصى المغرب إلى هذه العامرة بأقصى الترك ستمائة فرسخ على سير مستو بلا تعريج. وعلى هذا صنف من ذكرنا كتبهم في هذا الباب، ونحن ننقل منها وعمن لقينا من كبراء المنجمين هذا الباب، لأنه علم يحتاج إليه في سمت القبلة ومعرفة مواضع الأقاليم منها. فإني رأيت خلقا قد اختلفوا في القبلة وحولها وتماروا فيها ولو عرفوا الوجه في ذلك ما اختلفوا فيها ولا غيروا ما وضعه الأوائل.

فأما الأرض فإنها كالكرة، موضوعة جوف الفلك كالمحة جوف البيضة، والنسيم حول الأرض وهو جاذب لها من جميع جوانبها إلى الفلك، وبنية الخلق على الأرض أن النسيم جاذب لما في أيديهم من الخفة، والأرض جاذبة لما في أيديهم من الثقل، لأن الأرض بمنزلة الحجر الذي يجذب الحديد. ومثلوا الفلك بخراط يدير شيئاً مجوفاً وسطه جوزة، فإذا أدار ذلك الشيء وقفت الجوزة وسطه. والأرض مقسومة بنصفين بينهما خط الاستواء، وهو من المشرق إلى المغرب، وهذا طول الأرض، وهو أكبر خط في كرة الأرض. كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك، عرض الأرض من القطب الجنوبي الذي يدور حوله سهيل إلى الشمال الذي يدور حوله بنات نعش. فاستدارة الأرض موضع خط الاستواء ثلاثمائة وستون درجة، والدرجة خمسة وعشرون فرسخاً، فيكون ذلك تسعة آلاف فرسخ. وبين خط الاستواء وكل واحد من القطبين تسعون درجة، واستدارتها عرضاً مثل ذلك، لأن العمارة في الأرض بعد خط الاستواء أربع وعشرون درجة، ثم الباقي قد غمره البحر. فالخلق على الربع الشمالي من الأرض والربع الجنوبي خراب، والنصف الذي تحتنا لا ساكن فيه، والربعان الظاهران هما الأربعة عشر إقليماً التي ذكرنا.

الإقليم الأول ثمانية وثلاثون ألف فرسخ وخمسمائة فرسخ، وعرضه ألف وتسعمائة وخمسة وتسعون فرسخاً. أوله حيث يكون الظل نصف النهار إذا استوى مع الليل قدماً واحدة ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، وآخره في هذا الوقت قدمان وثلاثة أخماس. والذي بين طرفيه عرضاً نحو من ثلاثمائة وتسعين ميلاً، والميل أربعة آلاف ذراع، ووقع وسطه قريباً من صنعاء وعدن والاحقاف، ووقع طرفه الذي يلي الشام بتهامة قرب مكة، فدخل فيه من الأمهات: صنعاء وعدن وحضرموت ونجران وجرش وجيشان وصعدة وتبالة وعمان والبحرين وأدنى أرض السودان إلى المغرب وطوائف من بلد الهند والصين مما يلي ساحل البحر، وكل ما في سمت هذه البلدان شرقاً وغرباً فهو داخل في هذا الإقليم.

الإقليم الثاني أوله حيث يكون الظل إذا استوى الليل والنهار كما قلنا عند الظهيرة قدمين وثلاثة أخماس قدم، والذي بين طرفيه ثلاثمائة وخمسون ميلاً قاصداً، ووقع وسطه قرب يثرب، وأقصى جنوبيه وراء مكة، والآخر من قبل الشمال عند الثعلبية فمكة، والثعلبية بين إقليمين، ووقع في هذا الإقليم من المدن: مكة ويثرب والربذة وفيد والثعلبية وأسوان مصر إلى حد النوبة والمنصورة واليمامة وطائفة من بلاد السند والهند، وكل ما كان على خط هذه البلدان شرقاً وغرباً فهو داخل فيه.

الإقليم الثالث أوله حيث يكون ظل نصف النهار ثلاثة أقدام ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، وآخره حيث يكون ظل الاستواء فيه نصف النهار أربعة أقدام ونصفاً وثلث عشر قدم، فيبلغ النهار في وسطه أربع عشرة ساعة، ووقع وسطه بالقرب من مدين شعيب في شق الشام ومن واقصة في شق العراق، وصار عرضه نحواً من ثلاثمائة ميل ونصف قاصداً، فصارت الثعلبية وماكان في سمتها شرقاً وغرباً في طرفه الأقصى الذي يلي الجنوب، وصارت بغداد وفارس وقندهار الهند والاردن وبيروت في حده الادنى الذي يلي الشام، وكذلك كل ما كان في سمت ذلك شرقا وغرباً فواقصة وما كان في سمتها شرقاً وغرباً بين إقليمين ووقع فيه من المدن: الكوفة والبصرة وواسط ومصر والاسكندرية والرملة والاردن ودمشق وعسقلان والأرض المقدسة وقندهار الهند وسواحل كرمان وسجستان والقيروان وكسكر والمداين، وما كان في سمتهن شرقاً وغرباً فهو داخل في الإقليم.

الإقليم الرابع أوله حيث يكون الظل فيه في الوقت الذي ذكرنا أربعة أقدام وثلاثة أخماس وثلث خمس قدم، وعرضه نحواً من مائتين وستين ميلاً ونيفاً قاصداً، ووقع وسطه بالقرب من أقور ومنبج وعرقة وسلمية وقومس من نحو الري، ووقع طرفه الأدنى الذي يلي العراق بالقرب من بغداد وما كان على سمتها شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشام بالقرب من قاليقلا وساحل طبرستان إلى أردبيل وجرجان وما كان في هذا السمت، ووقع فيه من المشاهير: نصيبين ودارا والرقة وقنسرين وحلب وحران وسميساط والثغور الشامية والموصل وسامرا وحلوان وشهرزور وماسبذان والدينور ونهاوند وهمذان واصبهان والمراغة وزنجان وقزوين وطوس وبلخ وجميع ما التفت هذه المدن على السمت.

الإقليم الخامس أوله حيث يكون الظل خمسة أقدام وثلاثة أخماس وسدس خمس قدم، والذي بين طرفيه عرضاً نحو مائتين وثلاثين ميلاً قاصداً، ووقع وسطه بالقرب من أرض تفليس من الرحاب ومرو من خراسان وأرض جرجان وكل ما كان في هذا السمت من البلدان شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشمال بالقرب من دبيل فيه من البلدان: قاليقلا وطبرستان وملطية ورومية وديلمان وجيلان وعمورية وسرخس ونسا وبيورد وكش والاندلس وما قرب من رومية وانطالية.

الإقليم السادس أوله حيث يكون الظل ستة أقدام وستة أعشار وسدس عشر قدم، يفضل آخره على ظل أوله قدما واحدة فقط، ويكون عرضه نحواً من مائتي ميل ونيف قاصداً، ووقع طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي الذي يليه من الإقليم الخامس وذلك سمت دبيل شرقاً وغرباً، فأما طرفه الأقصى الشمالي ألذي يلي الشمال فوقع بالقرب من أرض خوارزم وما وراءها وأسبيجاب مما يلي الترك، ووقع وسطه بالقرب من القسطنطينية ومن آمل خراسان ومن فرغانة وما كان في هذا السمت شرقاً وغرباً ووقع فيه: سمرقند وبرذعة وقبلة والخزر والجيل وأطراف الأندلس ألتي تلي الشمال وأطراف الصقالبة ألتي تلي الجنوب.

الإقليم السابع أوله ألذي يكون الظل فيه سبعة أقدام ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، كما هو في الإقليم السادس لأن آخره الذي هو أول هذا وآخره ألذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي من الإقليم الذي يليه وهو السادس وذلك سمت خوارزم وطراربند شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى ألذي يلي الشمال في أقاصي أرض الصقالبة وأطراف الترك ألتي تلي خوارزم في الشمال، ووقع وسطه في بلاد اللان بلا مدن معروفة.

وقال عبد الله بن عمرو: الدنيا مسيرة خمسمائة سنة، أربعمائة سنة خراب ومائة عمران، موضع المسلمين منها سنة. وعن أبي الجلد قال: الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، السودان اثنا عشر ألف فرسخ، والروم ثمانية آلاف فرسخ، وفارس ثلاثة آلاف، والعرب ألف فرسخ.

=

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر أقاليم العالم ومركز القبلة

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر أقاليم العالم ومركز القبلة

اعلم أن كل مصنف في هذا الباب جعل الأقاليم أربعة عشر: سبعة ظاهرة عامرة،: وسبعة خراباً. وسمعت بعض المنجمين يقول الخلق كلهم في المغرب ولا يسكن المشرق أحد من الحر وسمعت غيره يقول من البرد. وقالوا من أقصى المغرب إلى هذه العامرة بأقصى الترك ستمائة فرسخ على سير مستو بلا تعريج. وعلى هذا صنف من ذكرنا كتبهم في هذا الباب، ونحن ننقل منها وعمن لقينا من كبراء المنجمين هذا الباب، لأنه علم يحتاج إليه في سمت القبلة ومعرفة مواضع الأقاليم منها. فإني رأيت خلقا قد اختلفوا في القبلة وحولها وتماروا فيها ولو عرفوا الوجه في ذلك ما اختلفوا فيها ولا غيروا ما وضعه الأوائل.

فأما الأرض فإنها كالكرة، موضوعة جوف الفلك كالمحة جوف البيضة، والنسيم حول الأرض وهو جاذب لها من جميع جوانبها إلى الفلك، وبنية الخلق على الأرض أن النسيم جاذب لما في أيديهم من الخفة، والأرض جاذبة لما في أيديهم من الثقل، لأن الأرض بمنزلة الحجر الذي يجذب الحديد. ومثلوا الفلك بخراط يدير شيئاً مجوفاً وسطه جوزة، فإذا أدار ذلك الشيء وقفت الجوزة وسطه. والأرض مقسومة بنصفين بينهما خط الاستواء، وهو من المشرق إلى المغرب، وهذا طول الأرض، وهو أكبر خط في كرة الأرض. كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك، عرض الأرض من القطب الجنوبي الذي يدور حوله سهيل إلى الشمال الذي يدور حوله بنات نعش. فاستدارة الأرض موضع خط الاستواء ثلاثمائة وستون درجة، والدرجة خمسة وعشرون فرسخاً، فيكون ذلك تسعة آلاف فرسخ. وبين خط الاستواء وكل واحد من القطبين تسعون درجة، واستدارتها عرضاً مثل ذلك، لأن العمارة في الأرض بعد خط الاستواء أربع وعشرون درجة، ثم الباقي قد غمره البحر. فالخلق على الربع الشمالي من الأرض والربع الجنوبي خراب، والنصف الذي تحتنا لا ساكن فيه، والربعان الظاهران هما الأربعة عشر إقليماً التي ذكرنا.

الإقليم الأول ثمانية وثلاثون ألف فرسخ وخمسمائة فرسخ، وعرضه ألف وتسعمائة وخمسة وتسعون فرسخاً. أوله حيث يكون الظل نصف النهار إذا استوى مع الليل قدماً واحدة ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، وآخره في هذا الوقت قدمان وثلاثة أخماس. والذي بين طرفيه عرضاً نحو من ثلاثمائة وتسعين ميلاً، والميل أربعة آلاف ذراع، ووقع وسطه قريباً من صنعاء وعدن والاحقاف، ووقع طرفه الذي يلي الشام بتهامة قرب مكة، فدخل فيه من الأمهات: صنعاء وعدن وحضرموت ونجران وجرش وجيشان وصعدة وتبالة وعمان والبحرين وأدنى أرض السودان إلى المغرب وطوائف من بلد الهند والصين مما يلي ساحل البحر، وكل ما في سمت هذه البلدان شرقاً وغرباً فهو داخل في هذا الإقليم.

الإقليم الثاني أوله حيث يكون الظل إذا استوى الليل والنهار كما قلنا عند الظهيرة قدمين وثلاثة أخماس قدم، والذي بين طرفيه ثلاثمائة وخمسون ميلاً قاصداً، ووقع وسطه قرب يثرب، وأقصى جنوبيه وراء مكة، والآخر من قبل الشمال عند الثعلبية فمكة، والثعلبية بين إقليمين، ووقع في هذا الإقليم من المدن: مكة ويثرب والربذة وفيد والثعلبية وأسوان مصر إلى حد النوبة والمنصورة واليمامة وطائفة من بلاد السند والهند، وكل ما كان على خط هذه البلدان شرقاً وغرباً فهو داخل فيه.

الإقليم الثالث أوله حيث يكون ظل نصف النهار ثلاثة أقدام ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، وآخره حيث يكون ظل الاستواء فيه نصف النهار أربعة أقدام ونصفاً وثلث عشر قدم، فيبلغ النهار في وسطه أربع عشرة ساعة، ووقع وسطه بالقرب من مدين شعيب في شق الشام ومن واقصة في شق العراق، وصار عرضه نحواً من ثلاثمائة ميل ونصف قاصداً، فصارت الثعلبية وماكان في سمتها شرقاً وغرباً في طرفه الأقصى الذي يلي الجنوب، وصارت بغداد وفارس وقندهار الهند والاردن وبيروت في حده الادنى الذي يلي الشام، وكذلك كل ما كان في سمت ذلك شرقا وغرباً فواقصة وما كان في سمتها شرقاً وغرباً بين إقليمين ووقع فيه من المدن: الكوفة والبصرة وواسط ومصر والاسكندرية والرملة والاردن ودمشق وعسقلان والأرض المقدسة وقندهار الهند وسواحل كرمان وسجستان والقيروان وكسكر والمداين، وما كان في سمتهن شرقاً وغرباً فهو داخل في الإقليم.

الإقليم الرابع أوله حيث يكون الظل فيه في الوقت الذي ذكرنا أربعة أقدام وثلاثة أخماس وثلث خمس قدم، وعرضه نحواً من مائتين وستين ميلاً ونيفاً قاصداً، ووقع وسطه بالقرب من أقور ومنبج وعرقة وسلمية وقومس من نحو الري، ووقع طرفه الأدنى الذي يلي العراق بالقرب من بغداد وما كان على سمتها شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشام بالقرب من قاليقلا وساحل طبرستان إلى أردبيل وجرجان وما كان في هذا السمت، ووقع فيه من المشاهير: نصيبين ودارا والرقة وقنسرين وحلب وحران وسميساط والثغور الشامية والموصل وسامرا وحلوان وشهرزور وماسبذان والدينور ونهاوند وهمذان واصبهان والمراغة وزنجان وقزوين وطوس وبلخ وجميع ما التفت هذه المدن على السمت.

الإقليم الخامس أوله حيث يكون الظل خمسة أقدام وثلاثة أخماس وسدس خمس قدم، والذي بين طرفيه عرضاً نحو مائتين وثلاثين ميلاً قاصداً، ووقع وسطه بالقرب من أرض تفليس من الرحاب ومرو من خراسان وأرض جرجان وكل ما كان في هذا السمت من البلدان شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى الذي يلي الشمال بالقرب من دبيل فيه من البلدان: قاليقلا وطبرستان وملطية ورومية وديلمان وجيلان وعمورية وسرخس ونسا وبيورد وكش والاندلس وما قرب من رومية وانطالية.

الإقليم السادس أوله حيث يكون الظل ستة أقدام وستة أعشار وسدس عشر قدم، يفضل آخره على ظل أوله قدما واحدة فقط، ويكون عرضه نحواً من مائتي ميل ونيف قاصداً، ووقع طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي الذي يليه من الإقليم الخامس وذلك سمت دبيل شرقاً وغرباً، فأما طرفه الأقصى الشمالي ألذي يلي الشمال فوقع بالقرب من أرض خوارزم وما وراءها وأسبيجاب مما يلي الترك، ووقع وسطه بالقرب من القسطنطينية ومن آمل خراسان ومن فرغانة وما كان في هذا السمت شرقاً وغرباً ووقع فيه: سمرقند وبرذعة وقبلة والخزر والجيل وأطراف الأندلس ألتي تلي الشمال وأطراف الصقالبة ألتي تلي الجنوب.

الإقليم السابع أوله ألذي يكون الظل فيه سبعة أقدام ونصفاً وعشراً وسدس عشر قدم، كما هو في الإقليم السادس لأن آخره الذي هو أول هذا وآخره ألذي يلي الجنوب حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي من الإقليم الذي يليه وهو السادس وذلك سمت خوارزم وطراربند شرقاً وغرباً، ووقع طرفه الأقصى ألذي يلي الشمال في أقاصي أرض الصقالبة وأطراف الترك ألتي تلي خوارزم في الشمال، ووقع وسطه في بلاد اللان بلا مدن معروفة.

وقال عبد الله بن عمرو: الدنيا مسيرة خمسمائة سنة، أربعمائة سنة خراب ومائة عمران، موضع المسلمين منها سنة. وعن أبي الجلد قال: الأرض أربعة وعشرون ألف فرسخ، السودان اثنا عشر ألف فرسخ، والروم ثمانية آلاف فرسخ، وفارس ثلاثة آلاف، والعرب ألف فرسخ.

====

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم

ذكر مملكة الإسلام

اعلم أن مملكة الإسلام حرسها الله تعالى ليست بمستوية فيمكن أن توصف بتربيع أو طول وعرض، وإنما هي متشعبة يعرف ذلك من تأمل مطالع الشمس ومغاربها، ودوخ البلدان وعرف المسالك ومسح الأقاليم بالفراسخ. وسنجتهد في تقريب الوصف وتصويره لذوي العقول والإفهام إن شاء الله تعالى.

الشمس تغرب في حافة بلد المغرب ويرونها تنزل في البحر المحيط، وكذلك أهل الشام يرونها تغيب في بحر الروم. وإقليم مصر يأخذ من البحر الرومي طولا إلى بلد النوبة، ويقع بين بحر القلزم وتخوم المغرب. ويمتد المغرب من تخوم مصر إلى البحر المحيط، مثل الشريطة يضغطه، من قبل الشمال بحر الروم ومن قبل الجنوب بلدان السودان. ويمد إقليم الشام من تخوم مصر نحو الشمال إلى بلد الروم، فيقع بين بحر الروم وبادية العرب. ويتصل البادية وبعض الشام بجزيرة العرب، ويدور على الجزيرة بحر الصين إلى عبادان من أرض مصر. ويتصل أرض العراق بالبادية وبعض الجزيرة. ويتصل بتخوم العراق الشمالية إقليم أقور فيمتد إلى بلد الروم وقد تقوس عليه الفرات من نحو الغرب، ووقع خلف الفرات بقية البادية وطرف من الشام، فهذه أقاليم العرب.

ووقعت خوزستان والجبال على تخوم العراق الشرقية وطائفة من الجبال، وإقليم الرحاب على تخوم أقور الشرقية. ووقعت فارس وكرمان والسند خلف خوزستان على صف واحد، البحر جنوبيها والمفازة وخراسان شماليها. وتاخمت السند وخراسان من قبل الشرق بلدان الكفر، وتاخمت الرحاب بلد الروم من قبل الغرب والشمال. ووقع إقليم الديلم بين الرحاب والجبال والمفازة وخراسان. فهذه مملكة الاسلام فتدبرها وفيها تفتل وتعرج لمن شقها من شرقها إلى غربها. ألا ترى إنك إذا أخذت من البحر المحيط إلى مصر كنت على الاستواء ثم تميل يسيراً إلى العراق ثم تنفتل في أقاليم الاعاجم وخراسان مائلة إلى جهة الشمال، أولا ترى أن الشمس تطلع عن يمين بخارا من نحو أسبيجاب.

وأما مساحتها على الوصف الذي شرحناه فإنك تأخذ من البحر المحيط إلى القيروان مائة وعشرين مرحلة، ثم إلى النيل ستين مرحلة، ثم إلى دجلة خمسين مرحلة، ثم إلى جيحون ستين مرحلة، ثم إلى تونكت خمسة عشر يوماً، ثم إلى طراز خمسة عشر يوماً، وإن عطفت إلى فرغانة فمن جيحون إلى أوزكند ثلاثين مرحلة، وإن عطفت إلى كاشخر فأربعين مرحلة. ووجه آخر تأخذ من سواحل اليمن إلى البصرة خمسين يوماً، ثم إلى أصفهان مائة فرسخ وثمانية وثلاثين، ثم إلى نيسابور ثلاثين مرحلة، ثم إلى جيحون عشرين مرحلة، ثم إلى طراز ثلاثين مرحلة، وهذا على الاستواء، ويسقط إقليم مصر والمغرب والشام.

وأما العرض فمختلف جداً لأن إقليم المغرب قليل العرض وكذلك مصر، ثم إذا حاذيت الشام إتسعت المملكة، تم لا تزال تتسع حتى تصير وراء جيحون إلى بلد السند نحو ثلاثة أشهر وأما أبو زيد فجعل العرض من ملطية، مادأ على الجزيرة والعراق وفارس وكرمان إلى أرض المنصورة، ولم يذكر المراحل إلا أنها تكون نحو أربعة أشهر غير عشرة أيام، والذي ذكرنا أبين واتقن فمن أقصى المشرق بكاشخر إلى السوس الأقصى نحو عشرة أشهر.

قدر للخليفة سنة 232 ما يرتفع من الخراج والصدقات، سوى الحمايات والجبايات من جميع المملكة، فبلغ ألفي ألف وثلاثمائة ألف وعشرين ألفاً ومائتين وأربعة وستين ديناراً ونصفاً. قال وحسب خراج الروم للمعتصم فبلغ خمسمائه قنطار وكذا قنطاراً، فإذا به أقل من ثلاثة آلاف ألف دينار، فكتب إلى ملك الروم: إن أخس ناحية عليها أخس عبيدي، خراجها أكثر من خراج أرضك.

وطول المملكة على ما قدمنا ألفان وستمائة فرسخ، كل مائة فرسخ ألف ألف ومائتا ألف ذراع. فالفرسخ اثنا عشر ألف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعا. والاصبع ست حبات شعير مصفوفة بطون بعضها إلى بعض. والميل ثلت الفرسخ. وفي البريد خلاف بالبادية. والعراق اثنا عشر ميلاً، وبالشام وخراسان ستة، ألا ترى كيف بني بخراسان على كل فرسخين رباط، ورتب فيه أصحاب البريد، فبهذا نأخذ.

   أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الأول، أقاليم العرب

   أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الثاني، أقاليم العجم

======

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الأول، أقاليم العرب/جزيرة العرب

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم‏ | ذكر مملكة الإسلام‏ | الجزء الأول، أقاليم العرب

جزيرة العرب

إنما بدأنا بجزيرة العرب لأن بها بيت الله الحرام، ومدينة النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها انتشر دين الاسلام. وفيها كان الخلفاء الراشدون، والانصار والمهاجرون. وبها عقدت رايات المسلمين، وقويت أمور الدين. وأيضاً فأن بها المشاعر والمناسك والمواقيت والمناحر. ثم هي عشرية قد ذكرها الائمة في دواوينهم، ولا بد للمدرسين من معرفتها في شروحهم. ولأن منها دحيت الأرض ودعا إبراهيم عم الخلق. ومع ذلك فإنها تشتمل على حدود جليلة وكور كبيرة وأعمال نفيسة. ألا ترى أن الحجاز كلها، واليمن بأسرها، وبلد سبأ والاحقاف واليمامة والاشحار وهجر وعمان والطائف ونجران وحنين والمخلاف وحجر صالح وديار عاد وثمود والبئر المعطلة والقصر المشيد وموضع إرم ذات العماد وأصحاب الاخدود وحبس شداد وقبرهود وديار كندة وجبل طيء وبيوت الفارهين بالواد وجبل سينا ومدين شعيب وعيون موسى فيها. وهي أمد الأقاليم مساحة وأفسحها ساحة وأفضلها تربة وأعظمها حرمة وأشرفها مدناً. بها صنعاء التي فاقت البلاد، وعدن التي تشد إليها الرحال، والمخاليف للاسلام فيها جمال. واليمن الجليلة والحجاز. فإن قال قائل لم جعلت اليمن والمشرق والمغرب جانبين جانبين، قيل له: أما اليمن فالنبي ﷺ جعلها حيث فرق مواقيتها في الأحرام. وأما خراسان فإن أبا زيد جعلها إقليمين وهو إمام في هذا العلم بخاصة في إقليمه، فلا عيب علينا إن جعلناها جانبين. فإن قال فلم خالفته بعد ما نصبته أماماً فصيرت خراسان إقليماً واحداً، قيل له لنا في هذا جوابان: أحدهما أنا لم نحب أن نفرق مملكة آل سامان إذ المشهور في الاسلام أنهم ملوك خراسان وأنما دار ملكهم فى هيطل. والجواب الثاني أن أبا عبدالله الجيهاني أيضاً إمام في هذا العلم وهو لم يفرق خراسان. فقولنا من جهة يوافقهما ومن جهة يخالف. وهذه صورة جزيرة العرب.

وقد جعلناه أربع كور جليلة، وأربع نواح نفيسة، والكور أولها الحجاز ثم اليمن ثم عمان ثم هجر. والنواحي: الاحقاف، والاشحار، اليمامة، قرح. فأما الحجاز فقصبته مكة ومن مدنها: يثرب وينبع وقرح وخيبروالمروة والحوراء وجدة والطالف والجار والسقيا والعونيد والجخفة والعشيرة هذه أمهات، دونهن: بدر، خليص، أمج، الحجر، بدا يعقوب، السوارقية، الفرع، السيرة، جبلة، مهاج، حاذة. وأما اليمن فقسمان ما كان نحو البحر فهو غور وأسمه تهامة قصبته زبيد ومن مدنه: معقر، كدرة، مور، عطنة، الشرجة، دويمة، الحمضة، غلافقة، مخا، كمران، الحردة، اللسعة، شرمة، العشيرة، رنقة، الخصوف، الساعد، المهجم، وغيرهن. ناحية أبين مدنها: عدن لحج. وناحية عثر مدنها: بيش، حلى، السرين، وناحية السروات. وأما ما كان من ناحية الجبال فهو بلاد باردة تسمى نجداً قصبتها صنعاء، ومن مدنها: صعدة، نجران، جرش، العرف، جبلان، الجند، ذمار، نسفان، يحصب، السحول، المذ يخرة، خولان. ناحيتها الاحقاف بها من المدن: حضرموت، حسب. وناحية مهرة مدينتها الشحر، وناحية سبأ. وأما عمان فقصبتها صحار ومدنها: نزوة، السر، ضنك، حفيت، دبا، سلوت، جلفار، سمد، لسيا، ملح. وأما هجر فقصبتها الاحساء ومدنها: سابون، الزرقاء، اوال، العقير، وناحيتها اليمامة. وأكثر مدن هذه الجزيرة صغار لكنها على آئين المدن. الآن نرجع إلى وصف ماأمكن من بلدان الكور وندع ما لا فائدة فيه.

مكة

هي مصر هذا الإقليم قد خطت حول الكعبة في شعب واد، رأيت لها ثلاث نظائر عمان بالشام واصطخر بفارس وقرية الحمراء بخراسان. بناؤها حجارة سود ملس وبيض أيضاً، وعلوها الاجركثيرة الاجنحة من خشب الساج، وهي طبقات مبيضة نظيفة، حارة في الصيف إلا أن ليلها طيب قد رفع الله عنهم مؤونة الدفأ وأراحهم من كلف الاصطلاء. وكلما نزل عن المسجد الحرام يسمونه المسفلة، ؤما ارتفع عنه المعلاة، وعرضها سعة الوادي. والمسجد في ثلثى البلد إلى المسفلة، والكعبة في وسطه، وفيه طول باب الكعبة مرتفع عن الأرض نحو قامة، عليه مصراعان ملبسان بصفائح الفضة قد طليت بالذهب قبال المشرق، طول المسجد ثلاثمائة ذراع وسبعون ذراعاً، وعرضه ثلاثمائة وخمسة عشر ذراعاً. وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعاً وشبر في ثلاثة وعشرين ذراعاً وشبر، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعاً، وذرع الطواف مائة ذراع وسبعة أذرع، وسمكها في السماء سبعة وعشرون ذراعاً، والحجر من قبل الشام فيه يقلب الميزاب شبه أندر قد البست حيطانه بالرخام مع أرضه، إرتفاعها حقو ويسمونه الحطيم، والطواف من ورائه ولا يجوز الصلاة إليه. فإن قال قائل إذا لم يجز الطواف إلا عليه فأجز الصلاة إليه، قيل له هذا كلام غيرفهيم لأنه مشكوك فيه فوجب أن يحتاط فيه من الوجهين. والحجر الاسود على الركن الشرقي عند الباب على لسان الزاوية مثل رأس الانسان، ينحني إليه من قبله يسيراً. وقبة زمزم تقابل الباب الطواف بينهما، ومن ورائها قبة الشراب، فيها حوض كان يسقي فيه السويق والسكر في القديم. والقام بازاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم، يدخل في الطواف أيام الموسم ويكب. عليه صندوق حديد عظيم راسخ في الأرض، طوله أكثر من قامة، وله كسوة ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت، فإذا رد جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح أوقات الصلاة، فإذا سلم الامام إستلمه ثم أغلق الباب، وفيه أثر قدم إبراهيم عم، مخالفة، وهو أسود وأكبر من الحجر. وقد فرش الطواف بالرمل، والمسجد بالحصى، وأدير على صحنه أروقة ثلاثة على أعمدة رخام، حملها المهدي من الاسكندرية في البحر إلى جدة، والمسجد من بنائه. قد ألبست حيطان الأروقة من الظاهر بالفسيفساء حمل إليها صناع الشام ومصر، الا ترى اسماءهم عليه وله تسعة عشر باباً: باب بني شيبة، باب النبي، باب بني هاشم، باب الزياتين، باب البزازين، باب الدقاقين، باب بني مخزوم، باب الصفا، باب زقاق الشطوي، باب التمارين، باب دار الوزير، باب جياد، باب الحزورة، باب إبراهيم، باب بني سهم، باب بني جمح، باب العجلة، باب الندوة، باب البشارة، وإليه الاسواق من المشرق والجنوب، ودور المصريين ومنازلهم من الغرب. ويقع السعي بين الصفا والمروة في السوق الشرقي، والعدو من قرنة المسجد إلى باب بني هاشم وثم أميال خضر، وخلف هذين السوقين آخران إلى آخر المعلاة بينهما منافذ. فمن دخل من العراق وأراد باب بني شيبة فليتيامن وليسلك سوق رأس الردم ولا يسلك سوق الليل. ومن أراده من المصريين فإذا بلغ الجراحية خارج البلد عطف على اليسار إلى الثنية، ثم انحدر على المقابر إلى مدخل العراقيين. ويدخل إليها من ثلاثة وجوه، أبواب منى نحو العراق دربان ثم درب العمرة ثم درب اليمن بالمسفلة، الجميع مصفحة بالحديد والبلد محصن. وأبو قبيس مطل على المسجد يصعد إليه من الصفا في درج. وقد أحاط بالطواف أميال من الصفر وخشبات فيها قناديل معلقة، ويجعل فوقها الشمع لملوك مصر واليمن والشار صاحب غرجستان.

وبمكة ثلاث برك تملأ من قناة شقتها زبيدة من بستان بني عامر، وآبار عذيبية ومستغلاتهم الدور. أخبرنا أبو بكر بن عبدان الشيرازي، قال: حدقنا علي بن الحسين ابن معدان، قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين المصيصي، قال: حدثنا أبو الأحوص عن الأشعث بن سليم عن الاسود بن يزيد، قال: قالت عائشة رضها سألت النبي ﷺ عن الحجر من البيت هو، قال: نعم، قلت: فمالهم لم يدخلوه في البيت، فقال: أن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فماشأن بابه مرتفعاً، قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الحجر في البيت وأن الزق بابه بالأرض. ويقال أن ابن الزبيرأدخل عشرة من مشايخ الصحابة حتى سمعوا ذلك منها، ثم أمر بهدم الكعبة فاجتمع إليه الناس وأبوا ذلك، فأبى إلا هدمها، فخرج الناس إلى فرسخ خوفاً من نزول عذاب، وعظم ذلك عليهم ولم يكن ألا الخير. وبناها على ما حكت عائشة وتراجع الناس، فلما قدم الحجاج تحرم ابن الزبير بالكعبة، فأمر بوضع المنجنيق على أبي قبيس وقال: ارموا الزيادة التي ابتدعها هذا المكلف، فرموا موضع الحطيم، وأخرج ابن الزبير وصلبه، ورد الحائط كما كان في القديم، وأخذ بقية الاحجار فسد منها الباب الغربي، ورصف بقيتها في البيت كيلاتضيع.

وسمعت بعض مشايخ القيروان يقول حج المنصور فرأى صغر المسجد الحرام وشعثه وقلة معرفتهم بحرمته، ورأى ا الإعرابي يطوف بالبيت على بعيره وبجاوية، فساءه ذلك وعزم على شراء ما حوله من الدور وزيادتها فيه، وتفخيمه وتجصيصه. فجمع أصحابها ورغبهم في الاموال الجمة فتابوا عن بيعها وضنوا بجوار بيت الله الحرام، فاهتم لذلك ولم يجز أن يغصبها عليهم، ولم يظهر للناس ثلاثة أيام. وتحدث الناس بذلك وأبو حنيفة في تلك السنة حاج، ليس له بعد ذكر ولا ظهر الناس على فقهه، وصائب رأيه، قال: فقصد خيامه وكانت بالابطح، فسأل عن أمير المؤمنين وما الذي غيب شخصه. فذكرت القصة، فقال: هذا باب هين لو قد لقيته عرضته عليه. فأنهي ذلك إليه، فأمر بإحضاره. فلما سأله عن ذلك قال أبو حنيفة: يحضرهم أمير المؤمنين فيسألهم أهذه الكعبة نزلت عليكم أم أنتم نزلتم عليها. فإن قالوأ نزلت علينا كذبوا، لأن منها دحيت الأرض. وإن قالوا نحن نزلنا عليها، فجوابهم أنه قد كثر زوارها وضاقت ساحتها، فهي أحق بفنائها، ففرغوه لها. فلما جمعهم وسألهم قال سفيرهم وكان رجلاهاشمياً، نحن نزلنا عليها. قال: ردوا فناءها فقد كثر زوارها واحتاجت إليه، فبهتوا ورضوا بالبيع. وهذه الحكاية تقوي أحدى الروايتين عن أبي حنيفة كراهية بيع دور مكة وأخذ أجورها إلا على تأويل.

مدينة منى

على فرسخ من مكة، وهي من الحرم. طولها ميلان، تعمر أيام الموسم وتخلو بقية السنة إلا ممن يحفظها. وكان أبو الحسن الكرخي يحتج لأبي حنيفة في جواز الجمعة بها إنها ومكة كمصر واحد. فلما حج أبو بكر الجصاص ورأى بعد ما بينهما استضعف هذه العلة وقال: إنها مصر من أمصار المسلمين، تعمر وقتاً وتخلو وقتاً، وخلوها لا يخرجها من حد الامصار، وعلى هذه العلة يعتمد القاضي أبو الحسين القزويني. وسألني يوماً: كم يسكنها وسط السنة من الناس. قلت عشرون ثلاثون رجلاً وقل مضرب إلا وفيه امرأة تحفظه، قال: صدق أبو بكر وأصاب فيما علمك. فلما لقيت الفقيه أبا حامد البغولني بنيسابور حكيت له ذلك، فقال: العلة ما نص بهأ أبو الحسن إلا ترى إلى قول الله عز أسمه: ثم محلها إلى البيت العتيق ، وقال: هدياً بالغ الكعبة وإنما يقع النحر بمنى . وقل بلد مذكور في الاسلام إلا ولأهله به مضرب، وعلى رأسها من نحو مكة عقبة ترمي عليها الجمرة يوم النحر، والثالث من الأيام الأخر، والأولى بقرب مسجد الخيف، والوسطى بينهما. ومنى شعبان فيهما أزقته، والمسجد في الشارع الايمن، ومسجد الكبش بقرب العقبة، بها آبار ومصانع وقياسير وحوانيت حسنة البناء بالحجر وخشب الساج، وهي بين جبلين يطلان عليها.

المزدلفة

على فرسخ من منى، بها مصلى وسقاية ومنارة وبرك عدة إلى جبل ثبير. وكانت العرب تقول أشرق ثبير كيما نغير على الخلاف وتسمى جمعاً والمشعر ا لحرام.

 

عرفة

قرية فيها مزارع وخضر ومباطح، وبها دور حسنة لأهل مكة ينزلونها يوم عرفة، والموقف منها على صيحة عند جبل متلاط، وثم سقايات وحياض وقناة تخر وعلم قد بني يقف خلفه الأمام للدعاء، والناس حوله على جبال بقربه لاطية. والمصلى على حافة وادي عرنة على تخوم عرفة. ولا يجوز الوقوف بالوادي، ومن خرج إليه قبل غيبوبة الشمس وجب عليه دم. وعلى حد عرفة أعلام بيض، وفي المصلى منبر من الآجر، وخلفه حوض كبير، وقبله بميلين المأزمين هي حد الحرم. بطن محسر: واد بين منى والمزدلفة، هوتخم المزدلفة. التنعيم: موضع به مساجد حول مسجد عائشة، وسقايات على طريق المدينة منه يحرم المكيون بالعمرة، ويحدق بالحرم أعلام بيض، وهو من طريق الغرب التنعيم ثلاثة أميال، ومن طريق العراق تسعة أميال، ومن طريق اليمن سبعة أميال، ومن طريق الطائف احد عشر ميلاً، ومن طريق الجادة عشرة أميال. ذوالحليفة: قرية عند يثرب، بها مسجد عامر، وبالقرب آبار، ولا يرى بها ديار. الجحفة: مدينة عامرة يسكنها بنوجعفر، عليها حصن ببابين، وبها أباريسيرة، وعلى ميلين عين وبها بركة كبيرة ربما عز بها الماء وهي كثيرة الحمى. أخبرنا شافع بن محمد قال: حدثنا علي بن الرجاء قال: حدثنا أبو عتبة قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وأشد وانقل حماها إلى الجحفة. قرن: مدينة صغيرة خلف الطائفت على طريق صنعاء. يلملم: منزل على طريق زبيد عامر. ذات عرق: قرية بها آبار قريبة المستقى يابسة عابسة على منزلين. أخبرنا إبراهيم بن عبدالله الاصبهاني قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد قال. حدثنا نافع مولى ابن عمر عن عبدالله بن عمر: أن رجلاً قام في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل، فقال رسول الله ﷺ يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن، فقال ابن عمر: يزعمون أن رسول الله ﷺ قال يهل أهل اليمن من يلملم في حديث آخر، ويهل أهل العراق من ذات عرق. الذبيب: ميقات الغرب في البحر جبل أزاء الجحفة. شقان: ميقات أهل اليمن في البحر موضع قبال يلملم. عيذاب: مدينة قبالة جدة، يحرم منها من قصد من ذلك الوجه. فهذه مواقيت الآفاق فمن جاوزهن يريد مكة ثم رجع نظر فإن كان لبى سقط عنه الدم، وقال بعض لا يسقط، وقال بعض يسقط وإن لم يلب. ولا يجاوز آفاقي ميقاتا إلا محرماً وإن لم يكن ميقاته كالشامي إذا اجتاز بذي الحليفة. وميقات أهل مكة في الحج منها. الجعرانة: على مرحلة من مكة يخرج الناس إليها في الاحرام بالعمرة.

فهذه مشاهد المناسك وجميع ما يؤدى فيها ثلاث فرائض وست واجبات وخمس سنن. أما الفرائض: فالاحرام، والوقوف بعرفة، وا لطواف للزيارة. والواجبات: الاحرام من الوقت، والسعي بين الصفا والمروة، والافاضة من عرفات بعد المغرب. والسنن: طواف القدوم والرمل في ثلاثة أشواط منه، والعدو في السعي بين العلمين، والافاضة من المزدلفة قبل الطلوع، والاقامة بمنى أيام منى. وقال بعضهم السعي فرض وقال بعض طواف القدوم واجب وطواف الصدر سنة.

 

نرجع الآن إلى وصف مدائن هذه الكورة ونواحيها على الترتيب.

الطائف

مدينة صغيرة، شامية الهواء، باردة الماء، أكثر فواكه مكة منها، موضع الرمان الكثيروالزبيب والعنب الجيد والفواكه الحسنة. وهي على ظهر جبل غزوان، ربما يجلد بها الماء، عامتها مدابغ، إذا تأذى مكة بالحر خرجوا إليها.

جدة

مدينة على البحر، منه اشتق اسمها، محصنة عامرة آهلة، أهل تجارات ويسار، خزانة مكة ومطرح اليمن ومصر. وبها جامع سري، غير أنهم في تعب من الماء مع أن فيها بركاً كثيرة، ويحمل إليهم الماء من البعد، قدغلب عليها الفرس. لهم بها قصور عجيبة، وازقتها مستقيمة، ووضعها حسن، شديدة الحر جداً. أمج: صغيرة بها خمسة حصون إثنان حجر وثلاثة مدر، والجامع على متن الطريق. خليص: متصلة بها وبها بركة وقناة وتمور وخضر ومزارع.

 

السوارقية

كثيرة الحصون بها بساتين ومزارع كثيرة ومواش. الفرع والسيرة: حصنان بكل واحد جامع. جبلة: كبيرة بها متاجر، عليها حصن منيع يقال له المهد، الجامع خارجه. مهايع: نظير جبلة على أودية ساية. حاذة: مدينة مليحة للبكريين بها عدة من الحصون وجامع كبير.

يثرب

هي مدينة النبي ﷺ وقد جعلناها ناحية لما قد أحاط بها من المدن الخطيرة والسواحل المذكورة، تكون أقل من نصف مكة، يحيط بأكثرها بساتين ونخيل وقرى، ولهم مزارع قليلة ومياه عذيبية، وفيها حياض تقلب فيها قنى عند أبواب البلد ينحدر إليها في درج. وقد جر عمر رضه إلى باب الجامع قناة قد أختلت، والاسواق عند الجامع لها نور وبهاء، أكثرهم بنو الحسين بن علي رضهما. بنيانهم مدر، ملحة الأرض، قليلة الأهل، والمسجد في ثلثيها مما يلي بقيع الغرقد على عمل جامع دمشق ليس بالكبير، وهووجامع دمشق من بناء الوليد بن عبد الملك، وقد زاد فيه بنو العباس. وقال ﷺ لو مد هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي. وأول من زاد فيه عمر رضه من الاساطين التي إليها المقصورة اليوم إلى الجدار القبلى. ثم زاد عثمان رضه من قبل القبلة إلى موضعه اليوم. ثم زاد فيه الوليد، ولم يزده لله، ولكن من أجل بيت الحسن بن الحسن بن علي رضه الذي كان بابه في المسجد، وكان يخرج منه عند الاقامة، فبناه بالحجارة المنقوشة والفسافسا، وتولى بناءه عمر بن عبد العزيز رضه. فلما بلغ هدم المحراب دعا بمشايخ المهاجرين والانصار فقال احضروا بنيان قبلتكم لا تقولوا غيرها عمر. فوقع زيادة الوليد من المشرق إلى المغرب ست أساطين، وزاد إلى الشام من المربعة التي في القبرأربع عشرة أسطوانة، منها عشر في الرحبة، وأربع في السقائق. ثم حج المهدي سنة160 فزاد فيه مائة ذراع، من ناحية الشام عشر أساطين. فطوله اليوم مائة وأربعة وخمسون ذراعاً، وعرضه مائة وثلاثة وستون ذراعاً، وطول الصحن مائة وخمسة وستون ذراعاً، وعرضه مائة وخمسة وستون ذراعاً.

قال وكتب الوليد إلى ملك الروم أنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الاعظم، فأعني فيه بصناع وفسافسا. فبعث إليه باحمال وبضعة وعشرين صانعاً. فيهم عشرة يعدلون مائة وثمانين ألف دينار. قال فخلا لهم المسجد، فعمد أحدهم فقال أبول على قبر نبيهم، فلما حل سراويله يبس مكانه. وقد اختلف الناس في ترتيب قبر النبي ﷺ وصاحبيه في رواية النبي من ورائه أبو بكر ومن ورائه عمر. وفي رواية مالك ابن انس النبي غربي البيت أزاءه فضاء، خلف النبي أبو بكر، خلف الفضاء عمر. والفضاء هو الذي ذكر لعمر بن عبد العزيز، فلم ير نفسه له أهلا. ويقال فيه يقبر عيسى عم. حدثنا أبو بكر محمد بن علي الفقيه بساوة قال: حدثنا محمد بن هلال الشاشي قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا يونس قال: حدثنا محمد بن اسماعيل بن أبى فديك عن عمروبن عثمان عن القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي عن قبر رسول الله ﷺ وصاحبيه. فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، قال: فرأيت قبر النبي ﷺ مقدماً، وأبا بكر عندرأسه، رجليه بين كتفي النبي، وعمررأسه عند رجلي النبي ﷺ والمنبر وسط المغطى غلاف منبر النبي ﷺ في روضة مرخمة، والروضه المنعوتة إلى جانب سارية حمراء بين المنبر والقبر. وقرأت في اخبار المدينة أن معاوية أمر بحمل المنبر إلى جانب المحراب كسائر المنابر. فلما اخذوا في نقله تزلزلت المدينة واقبلت الصواعق فقال اتركوه، وامر بعمل هذا المنبر فوقه وهو خمس درجات، والأول ثلاث. وللمسجد عشرون باباً. والمدينة هائلة الأبواب ولها اربعة أبواب: باب البقيع، وباب الثنية، وباب جهينة، وباب الخندق، والخندق من نحو مكة عامرة الحصن مشرفة.

البقيع

شرقي المدينة، مليحة التربة، فيه قبر ابراهيم بن النبي ﷺ والحسن وعدة من الصحابة وقبر عثماق في اقصاه. قبا: قرية على ميلين على يسار طريق مكة، بها بنيان كثير من الحجارة، وثم مسجد التقوى عامر قدامه رصيف وفضاء حسن وآثارات وماء عذب، وبها مسجد الضرار يتطوع العوام بهدمه. أحد: جبل على ثلاثة اميال، قبله قبرحمزة في مسجد قدامة بئر ثم بعده حظيرة فيها قبور الشهداء، وفي الجبل موضع اختبأ فيه النبي ﷺ وهو أقرب الجبال إلى المدينة. العقيق: قرية على ميلين، عامرة من نحو مكة بها ينزل السلطان، وماؤها عذب، وما بين لا بتي المدينة حرم كحرم مكة.

بدر

مدينة صغيرة من نحو الساحل، جيدة التمور، وثم عين النبي ﷺ وموضع الوقعة ومساجد بناها ملوك مصر. الجار: على ساحل البحر، محصنة بثلاث حيطان والربع البحري مفوه، بها دور شاهقة وسوق عامر، خزانة المدينة ومدنها يحمل إليهم الماء من بدر والطعام من مصر، وليس لجامعهم صحن. العشيرة: صغيرة على الساحل قبال ينبع، عندها نخيلات وليس لخانها نظير. ينبع: كبيرة جليلة حصينة الجدار غزيرة الماء أعمر من يثرب وأكثر نخيلاً، حسنة الحصن حارة السوق، لها بابان الجامع عند أحدهما، الغالب عليها بنو الحسن. رأس العين: على أثنى عشر ميلاً. المروة: بلد حصين كثيرة النخيل جيدة التمور، سقياهم من قناة غزيرة عليها خندق وأبواب حديد وهي معدن المقل والبردى، حارة في الصيف، الغالب عليها بنو جعفر. الحوارء: هي ساحل خيبر، لها حصن وربض عامر فيه سوق من نحو البحر. خيبر: بلد حصين مثل المروة، بها جامع حسن، وثم الباب الذي قلعه أمير المؤمنين، وهي والمروة والحوراء مدن خيبر.

ناحية قرح

تسمى وادي القرى، وليس بالحجاز اليوم بلد،اجل واعمر وآهل وأكثر تجارا وأموالأ وخيرات بعد مكة من هذا، عليها حصن منيع على قرنته قلعة قد أحدق به القرى واكنف به النخيل، ذو تمور رخيصة واخباز حسنة ومياه غزيرة ومنازل أنيقة وأسواق حارة، عليه خندق وثلاثة أبواب محددة والجامع في الأزقة في محرابه عظم، قالوا هو الذي قال للنبي ﷺ لا تأكلني فأنا مسموم، وهو بلد شامي مصري عراقي حجازي، غير أن ماءهم ثفيل وتمرهم وسط وحمامهم خارج البلد، والغالب عليها اليهود. الحجر: صغيرة حصينة، كثيرة الآبار والمزارع، ومسجد صالح بالقرب على نشزة مثل الصفة قد نقر في صخرة، وثم عجائب ثمود وبيوتهم. سقيا يزيد: هي أحسن مدن هذه الناحية، والنخيل والبساتين متصلة من قرح إليها، والجامع خارج البلد. بدا يعقوب: على جادة مصر، عامرة آهلة. العونيد: هي ساحل قرح، عامرة كثيرة العسل ولها مرسى حسن.

زبيد

قصبة تهامة، وهو أحد المصرين لأنه مستقر ملوك اليمن، بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن، لهم أدنى ظرف وبه تجار وكبار وعلماء وأدباء، مفيد لمن دخله مبارك على من سكنه، آبارهم حلوة وحماماتهم نظيفة، عليه حصن من الطين بأربعة أبواب: باب غلافقه، وباب عدن، وباب هشام، وباب شبارق. وحولها قرى ومزارع أعمر من مكة وأكبر وأرفق، أكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة، والجامع ناء عن الاسواق نظيف مبربق الأرض، تحت المنبر تقوير ليتصل الصف، وقد أجرى إليها ابن زياد قناة، وهو بلد نفيس ليس باليمن مثله، غير أن أسواقه ضيقة والاسعار بها غالية والثمار قليلة أكثر طعامهم الدخن والذرة. معقر: على جادة عدن، وكذلك عبرة وعارة والمخنق وكلهن صغار. عدن: بلد جليل عامرآهل، حصين خفيف، دهليز الصين وفرضة اليمن وخزانة المغرب ومعدن التجارات، كثيرالقصور، مبارك على من دخله مثرلمن سكنه، مساجد حسان ومعايش واسعة واخلاق طاهرة ونعم ظاهرة، وبارك النبي ﷺ في سوق منى وعدن وهو في شبه صيرة الغنم قد احاط به جبل بما يدور إلى البحر، ودار خلف الجبل لسان من البحر، فلا يدخل إليه إلا أن يخاض ذلك اللسان فيصل إلى الجبل، وقد شق فيه طريق في الصخر عجيب، وجعل عليه باب حديد ومدوا من نحو البحر حائطاً، الجبل إلى الجبل فيه خمسة أبواب، والجامع ناء عن الاسواق ولهم آبار مالحة وحياض عدة، ويقال إنها كانت في القديم حبس شداد بن عاد، إلا إنها يابسة عابسة لا زرع ولا ضرع ولا شجر ولا ثمر ولا ماء ولا كلأ، كثيرة الحريق والوكف، جامع شعث وهرج وحش وحمامات ردية يحمل إليهم الماء من مرحلة. أبين: هي أقدم من عدن، وإليها تنسب عدن لأن برهم وفواكههم وخضرهم منها لكثرة القرى والمزارع بها، وكذلك لهج. مندم: على البحر عامرة بها يعتقل الريح المراكب، قشفة. مخا: مدينة لزبيد، عامرة كثيرة السليط، شربهم من عين خارج البلد، والجامع على طرفه على الساحل. غلافقة: فرضة زبيد، بها جامع على البحر رأيتهم يفضلونه ويرابطون فيه، عامرة آهلة بها نخيل ونارجيل وآبار حلوة، إلا إنها وبية قاتلة للغرباء.

الشرجة والحردة وعطنه

مدن على الساحل بهن خزائن الذرة تحمل إلى عدن.

جدة

بلد اللبن، يحمل إليهم الماء من بعد، وجوامعهم على الساحل.

ناحية عثر

ناحية جليلة، عليها سلطان براسه، ومدنها نفيسة، وعثر مدينة كبيرة طيبة مذكورة لأنها قصبة الناحية وفرضة صنعاء. صعدة: بها سوق حسن، وجامع عامر، يحمل إليهم الماء من بعد وحمامهم وضر.

===بيش=== أطيب هواء منها وأعذب ماء، بها ينزل السلطان داره إلى جانب الجامع. الجريب: بلد الموز، وهو أرخى مدن الناحية وأعجبها إلي.

===حلي=== مدينة ساحلية، عامرة سرية رفقة. السرين: بلد صغير، له حصن، الجامع فيه على باب البلد. مصنعة: وهو فرضة السروات. السروات: معدن الحبوب والخيرات والتمور الردية والعسل الكثير، لا أدري هي مدن أم قرى لأني ما دخلتها.

صنعاء

هي قصبة نجد اليمن، وقد كانت أجل من زبيد واعمر، وكان الاسم لها وأما اليوم فقد أختلت، غير إن بها مشايخ لم أر بجميع اليمن مثلهم هيأة وعقلا، ثم بلد رحب كثير الفواكه رخيص الاسعار أخباز حسنة وتجارات مفيدة، أكبرمن زبيد، ولا تسأل عن طيب الهواء فإنه عجب ومع ذلك رفق معف.

صعدة

أصغر من صنعاء، عامرة في الجبال بها تصنع الركاء الجيدة والانطاع الحسنة، ومنها يرتفع أدم جيد، وهي مدينة العلوية وعملهم. جرش: مدينة وسطة ذات نخل، واليمن ليس ببلد نخيل. نجران: مثل جرش وهما دون صعدة، وأكثر ما ترى من الادم فمن هذه المدن. الحميري: هو بلد قحطان بين زبيد وصنعاء، كثير القرى ردي الهواء وبي مفيد للتجار. المعافر: بلد واسع ذو مزارع وقرى وفوائد. سبأ: بلد خلف هذه النواحي عامر المدينة خرب العمل. حضرموت: هي قصبة الاحقاق، موضوعة في الرمال عامرة نائية عن الساحل، آهلة، لهم في العلم والخير رغبة، إلا أنهم شراة شديد سمرتهم. الشحر: مدينة على البحر، معدن السمك العظيم يحمل إلى عمان وعدن ثم إلى البصرة وأطراف اليمن، وثم أشجار الكندر صمغها. وموضع إرم ذات العماد ليس لها أثر، من لحج إليها فرسخان في مستوى، فتراها من البعد تشرق فإذا قربت لم تر شيئا، وماء عدن من ثم. سخين: مدينة قريش، يقال لهم بنو سامة سمدت أنهم في أربعة آلاف قوس. الشقرة: ديار خثعم، ثم نخيل وقرى قد أحاط بها.

واعلم أن اليمن موضع واسع، قد أقمت به حولاً كاملاً، ودخلت هذه البلدان التي وصفت وغاب عني منه الكثير، غير أني أذكر ما سمعت فيه من أهل الخبرة واستوعب مخاليفه وإن لم أطأ الجميع، لأنه بلد يميز بالمخاليف، واذكر وضع جزيرة العرب وتمثيلها بوصف يقف عليه كل أحد إن شاء الله تعالى. مخاليف اليمن: مخلاف صنعاء والخشب ورحابة ومرمل مخلاف البون مخلاف خيوان. وعلى يمين صنعاء: مخلاف شاكر ووادعة ويام وأرحب. ومن نحو الطائف مخلاف نجران وتربة والهجيرة وكثبة وجرش والسراة مخلاف بتهامة ضنكان عشم بيشة عك ومخلاف الحردة مخلاف همدان مخلاف جوف همدان مخلاف جوف مراد مخلاف شنوءه وصدى وجعفى مخلاف الجسرة مخلاف المشرق وبوشان وغدر مخلاف أعلا وانعم والمصنعتين وبني غطيف وقرية مأرب ومخلاف حضرموت مخلاف خولان رداع مخلاف أحور مخلاف الحقل وذمار مخلاف ابن عامر وثات ورداع مخلاف دثينة مخلاف السرو مخلاف رعين وكحلان مخلاف ضنكان وذبحان مخلاف نافع ومصحى مخلاف حجر وبدر وأخلة والصهيب مخلاف الثجة والمزرع مخلاف ذي مكارم والأملوك مخلاف السلف والأدم مخلاف نجلان ونهب مخلاف الجند مخلاف السكاسك. ومن نحو المعافر: مخلاف الزيادي نحلاف المعافر مخلاف بني مجيد مخلاف الركب مخلاف سقف مخلاف المذيخرة مخلاف حمل وشرعب مخلاف عنة وعنابة. ومن الوجه الآخر: مخلاف وحاظة مخلاف سفل يحصب مخلاف القفاعة والوزيرة والحجر مخلاف زبيد وبازائه ساحل غلافقة وساحل المندب مخلاف رمع مخلاف مقرى مخلاف ألهان مخلاف جبلان مخلاف ذي جرة مخلاف الميتم مخلاف الم. ومن ناحية ظهر صنعاء: مخلاف خولان لخلاف ميسارع مخلاف حراز وهوزن مخلاف الأخروج مخلاف مجنح مخلاف حضور مخلاف ماجن مخلاف واضع المعلل مخلاف العصبة مخلاف خناص وملحان حكم وجازان ومرسى الشرجة مخلاف حجور مخلاف قدم ويحاذي قرية مهجرة مخلاف حية والكودن مخلاف مسخ مخلاف كندة والسكون مخلاف الصدف.

صحار

هي قصبة عمان، ليس على بحر الصين اليوم بلد أجل منه، عامر آهل حسن طيب نزه، ذو يسار وتجار وفواكه وخيرات أسرى من زبيد وصنعاء، أسواق عجيبة وبلدة ظريفة، ممتدة على البحر، دورهم من الآجر والساج شاهقة نفيسة، والجامع على البحر له منارة حسنة طويلة في آخر الاسواق، ولهم آبار عذيبية وقناة حلوة وهم في سعة من كل شيء، دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن، قدغلب عليها الفرس، المصلى وسط النخيل. ومسجد صحار على نصف فرسخ ثم بركت ناقة رسول اللة ﷺ قد بني أحسن بناء، وهواءه أطيب هواء من القصبة، ومحراب الجامع بلولب يدور تراه مرة أصفر وكرة اخضر وحينا أحمر.

نزوة

في حد الجبال كبيرة، بنيانهم، طين، والجامع وسط السوق إذا غلب الوادي في الشتاء دخله، شربهم من أنهار وآبار. السر: أصغر من نزوة، والجامع في السوق، شربهم من أنهار وآبار قد التفت بها النخيل. ضنك: صغيرة في النخيل، أبداً بها سلطان قوي لأنهم شراة عصاة. حفيت: كثيرة النخيل من نحو هجر، الجامع في الاسواق. سلوت: مدينة كبيرة على يسار نزوة. دبا وخلفار: وهما من نحو هجر قريبتان من البحر. وسمد منبر لنزوة. لسيا ومييم وبرنم والقلعة وضنكان مدن إيضاً، والمسقط أول ما يستقبل المراكب اليمنية، ورايته موضعاً حسناً كثير الفواكه.

توأم

قد غلب عليها قوم من قريش فيهم بأس وشدة. عمان: كورة جليلة، تكون ثمانين فرسخاً في مثلها كلها نخيل وبساتين عامة، سقياهم من آبار قريبة ينزعها البقر أكثرها في الجبال، وأهل هذه المدن التى ذكرنا عرب شراة. الأحساء: قصبة هجر وتسمى البحرين، كبيرة كثيرة النخيل عامرة آهلة، معدن الحروالقحط، على مرحلة من البحر، ولهم شبه نبع متجر وثم جزائر، وبها مستقر القرامطة من آل أبي سعيد، ثم نظر وعدل، غيرأن الجامع معطل، وبالقرب خزانة المهدي وخزائن أخر لهم ايضاً فبعض الأموال بتلك وبقيته في خزائنهم. الزرقاء وسابون في خزائنهم وكذلك اوال وسائر المدن في البحر أو قريبات من البحر. اليمامة: ناحية قصبتها الحجر، بلد كبيرجيد التمور يحيط به حصون ومدن منها الفلج.

واعلم أن مثل هذه الجزيرة كمثل صفة، فيهما أدنى طول قد وضع فيها سرير من صدرها إلى بابها، بينه وبين الحائطين من يمين وشمال فضاء، والسرير قطعتان فالسرير الداخل هو نجد اليمن وهي جبال تقع فيها صنعاء وصعدة وجرش ونجران وبلد قحطان وعدن في الصدر في آخر الجبل، لأن الثلاث حيطان هو بحر الصين وهذه السروات عامرة بها الاعناب والمزارع، والفضاء الذي عن يمين السرير تهامة تقع فيه زبيد وبلدانها، والفضاء الذي عن يساره يسمى نجد اليمن تقع فيه الاحقاف ومهرة إلى تخوم اليمامة، ومنهم من يدخلها وعمان في هذه الخطة، وهذا السرير مع الفضاءين هي اليمن، والسرير المؤخر إلى باب الصفة يسمى الحرة. من تخوم اليمن إلى قرح جبال كلها يابسة لا ينبت إلا مواقع المواشي والعضون، والثمام يقع فيه الحرم، والعمق ومعدن النقرة وتلك المجادب والفضاء الايمن يسمى الحجاب، وطية الحجاز قليلة يقع فيها ينبع والمروة والعميص، والسواحل عمارات ونخيل، والفضاء الايسر يسمى نجد الحجار يقع فيه اليمامة وفيد، وما على الجادة من المنازل ويسمى هذا السرير مع فضائيه الحجاز، ويدخل هجر فيه ويقابل باب الصفة البادية وهذا شيء رأيته وقسمته والله أعلم.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو اقليم شديد الحر، إلا السروات فإن هواءها معتدل، حدثت أن رجلاً بصنعاء طبخ قدراً من اللحم ثم ذهب إلى الحج فعاد وما تغيرت ولباسهم في الشتاء والصيف واحد، والليل بمكة في الصيف طيب، كرب بتهامة، وينزل عليهم بعمان في الليالي شبه الدبس، ويكون بالحرم حر عظيم وريح تقتل وذباب في غاية الكثرة وهو قليل الثمار إلا السروات، وليس باليمن نخيل ولا مياه غزيرة وسواحله قشفة معدوم بها الماء إلا غلافقة، وإنما سكنوا تلك المدن لأجل البحر وليس في جميع الاقليم بحيرة ولا نهر يجري فيه السفن. قليل الفقهاء والمذكرين والقراء واليهود به أكثر من النصارى ولا ذمة غيرهم، ولم أر به مجذوماً. وحدثنا أبو الفضل بن نهامة بشيراز قال: حدثنا أبو سعيد خلف بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن حمدان قال: حدثنا عمروبن علي بن يحيى بن كثير قال: حدثنا عامر بن ابراهيم الاصبهاني قال: حدثنا خطاب بن جعفر قال: حدثنا أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله رحلة ألشتاء والصيف قال: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف. وفي قوله وآمنهم من خوف قال خوف الجذام. وبه برص وسودان كثير وعامتهم سمر والغالب عليهم الدقة والهزال، أكثر ثيابهم القطن منتعلين لا يقولون بالمماطرولا ثلج لهم ولا جليد ولا فواكه في الشتاء ولا قديد إلا ما يجفف من ذبائح منى.

ومذاهبهم بمكة وتهامة وصنعاء وقرح سنة، وسواد صنعاء ونواحيها مع سواد عمان شراة غالبة، وبقية الحجاز وأهل الرأي بعمان وهجر وصعدة شيعة، وشيعة

عمان وصعدة وأهل السروات وسواحل الحرمين معتزلة إلا عمان. والغالب على صنعاء وصعدة أصحاب أبي حنيفة والجوامع بأيديهم، وبالمعافر مذهب ابن المنذر، وفي نواحي نجد اليمن مذهب سفيان، والاذان بتهامة ومكة يرجع وإذا تدبرت العمل على مذهب مالك، ويكبر بزبيد في العيدين على قول ابن مسعود: أحدثه القاضي أبو عبدالله الصعواني وقت كوني، ثم والعمل بهجر على مذهب القرامطة، وبعمان داودية لهم مجلس.

أهل هذا الإقليم لغتهم العربية إلا بصحار فإن نداؤهم وكلامهم بالفارسية، وأكثر أهل عدن وجدة فرس إلا أن اللغة عربية، وبطرف الحميري قبيلة من العرب لا يفهم كلامهم، وأهل عدن يقولون لرجليه رجلينه وليديه يدينه وقس عليه ويجعلون الجيم كافاً فيقولون لرجب ركب ولرجل ركل وقد روى أن النبي ﷺ أتي بروثة عند الاستجمار فألقاها وقال هي ركس، وقد تعنى الفقهاء هذا فيجوز ما قالوه ويجوز أن يكون أستعمل هذه اللغة. وجميع لغات العرب موجودة في بوادي هذه الجزيرة إلا أن أصح بها لغة هذيل ثم النجدين ثم بقية الحجاز إلا الاحقاف فإن لسانهم وحش.

القراءات بمكة، على حرف ابن كثير، وباليمن قراءة عاصم، ثم قراءة أبي عمرو مستعملة في جميع الإقليم. وسمعت بعض صدور القراء بمكة يقول ما رأينا ولا سمعنا أن أحداً أم خلف هذا المقام بغير قراءة ابن كثير إلا في هذا الزمان.

والتجارات في هذا الإقليم مفيدة لأن به فرضتي الدنيا وسوق منى والبحر المتصل بالصين وجدة والجار خزانتي مصر، ووادي القرى مطرح الشام والعراق، واليمن معدن العصائب والعقيق والادم والرقيق، فالى عمان يخرج آلات الصيادلة والعطر كله حتى المسك والزعفران والبقم والساج والساسم والعاج واللؤلؤ والديباج والجزع واليوا قيت والابنوس والنارجيل والقند والاسكندروس والصبر والحديد والرصاص والخيزران والغضار والصندل والبلور والفلفل وغير ذلك. وتزيد عدن بالعنبر والشروب والدرق والحبش والخدم وجلود النمور وما لو استقصيناه طال الكتاب، وبتجارات الصين تضرب الأمثال ثم قولهم جاءوك تجراً أو ملكاً.

ولما ركبت بحر اليمن إتفق اجتماعي مع أبي علي الحافظ المروزي في الجلبة، فلما تأكدت المعرفة بيننا قال لي قد شغلت والله قلبي. قلت: بماذا، قال: أراك رجلاً على طريق حسنة تحب الخير وأهله وترغب في جمع العلوم وقد قصدت بلاداً قد غرت كثيراً من الناس وصدتهم عن طريق الورع والقناعة وأخشى إذا أنت دخلت عدن فسمعت أن رجلاً ذهب بألف درهم فرجع بألف دينار وآخر دخل بمائة فرجع بخمسمائة وآخر بكندر فرجع بمثله كافوراً، طلبت نفسك التكاثر. قلت أرجو أن يعصم الله، فلما دخلتها وسمعت أكثر مما قال غرني والله ما غر القوم، وعملت على الذهاب إلى ناحية الزنج، وآتيت ما ينبغي أن يشترى، وتقدمت فيه إلى الوكلاء فبرد الله عز اسمه ذلك على قلبي بموت شريك كنت عاقدته وكسرت نفسي بذكر الموت وما بعده، واعلم هديت أن مع كل ربح مما ذكرنا خطراً، والارباح أبداً مع الاخطار فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بذلك، وليعلم أن الله تعالى يعطي عبده بركعتين إذا أخلصهما لله أكثر من الدنيا بحذافيرها، وما يصنع بنعمة الموت من ورائها وجمع أموال لا بد من تركها.

ومن خصائص نواحي هذا الإقليم أديم زبيد ونيلها الذي لا نظير له كأنه لازورد، وشروب عدن تفضل على القصب، ومسد المهجرة يسمى ليفاً، وبرود سحولا والجريب، وانطاع صعدة وركاءها، وسعيدي صنعاء وعقيقها، وقفاع عثر، وأقداح حلى، ومسان ينبع وحناءها، وبان يثرب وصيحانيها، وبردي المروة ومقلها، وكندر مهره وحيتا نها، وورس عدن، ومغلق قرح، وسناء مكة، وصبر اسقوطرة، ومصين عمان.

ومكاييل هذا الإقليم الصاع والمد والمكوك، فالمد ربع الصاع، والصاع ثلق المكوك، هذا بالحجاز وهي مختلفة، المستعمل منها يزن خمسة أرطال وثلثاً. وسمعت الفقيه أبا عبدالله بدمشق يقول لما حج أبو يوسف ودخل المدينة رجع عن شيئين إلى مذهبهم أحدهما الاذان قبل الفجر، والثاني تقدير الصاع.

وأما الصاع الذي قدره عمر بمشهد الصحابة وكان يكفر به إيمانه فهو ثمانية أرطال، إلا أن سعيد بن العاصي رده إلى خمسة وثلث، إلا ترى إلى قول الراجز:

وجاءنا مجوعـاً سـعـيد ينقص في الصاع ولا يزيد

ولهم بالمراكب صاعان يعطون بأحدهما جرايات الملاحين ويتعاملون بالكبير. وأرطالهم بمكة هو المن المعروف في جميع بلاد الاسلام غير أنهم يسمونه رطلاً، ورطل يثرب إلى قرح مائتا درهم، ورطل اليمن بغدادي، ولعمان المن، وبقية الإقليم بغدادي، ولهم البهار وهو ثلاثمائة رطل.

ونقودهم مختلفة، لأهل مكة المطوقة وهي والعثرية ثلثا المثقال تؤخذ كدراهم اليمن عدداً وتفصل العثرية حتى ربما كان بينهما دريهم، ودينار عدن فيمة سبعة دراهم وهو ثلثا البغوي تزن ولا تعد، ودينار عمان ثلاثون غير أنه يوزن. والدراهم المستعملة في الإقليم تسمى بمكة المحمدية، ولأهل مكة المزبقة أربعة وعشرون بمطوق ضعف أختمى تبطل يوم السادس من ذي الحجه إلى آخر الموسم، ولأهل اليمن العلوية تختلف باختلاف البلدان حتى ربما بطلت، في بعضها قيمة أربعة منها درهم وزنته حول الدانق ولهم قروض ربما غلت فصارت ثلاثة بدانق وربما صارت أربعة، ولأهل عمان الطسوه.

الرسوم في هذا الإقليم لبس الوزر والأزر بلا قميص إلا القليل،وبمخا يعيبون على من يتزر إنما هو أزار واحد يلتف فيه. ويختمون في رمضان في الصلاة ثم يدعون ويركعون، وصليت بهم التراويح بعدن فدعوت بعد السلام فتعجبوا من ذلك، وأمر ابن حازم وابن جابر أن أحضر مسجديهما فافعل ذلك. أكثر ما يوقدون مصابيحهم بالصيفة وهو دهن السمك، يحمل من مهرة، ونورتهم سوداء مثل الماخالقة، وباليمن يلزقون الدروج ويبطنون الدفاتر بالنشاء، وبعث إلي أمير عدن مصحفاً أجلده، فسألت عن الاشراس بالعطارين فلم يعرفوه ودلوني على المحتسب وقالوا عساه يعرفه، فلما سألته، قال: من أين أنت، قلت: من فلسطين، قال: أنت من بلدة الرخاء لو كان لهم أشراس لأكلوه عليك بالنشاء.

ويعجبهم التجليد الحسن ويبذلون فيه الأجرة الوافرة وربما كنت أعطى على المصحف دينارين. ويزينون بعدن السطوح قبل رمضان بيومين ويضربون عليها الدبادب، فإذا دخل رمضان اجتمع رفق يدورون عند السحر يقرأون القصائد إلى آخر الليل، فإذا قرب العيد جبوا الناس، ويتخذون في النيروز قباباً يدورون بها على المباشرين ومعهم الطبول فيجمعون مالاً جزيلاً، وبمكة تنصب القباب ليلة الفطر ويزين السوق بين الصفا والمروة، ويضربون الدبادب إلى الصباح، وإذا صلوا الغداة أقبلن الولائد مزينات بيدهن المراوح يطفن بالبيت، ويرتبون خمسة أئمة في التراويح يصلون ترويحة ويطوفون أسبوعاً، والمؤذنون يكبرون ويهللون ثم يضرب الفرقاعيات كما تضرب عند الصلوات فيتقدم الأمام الآخر، يصلون العشاء إذا مضى من الليل الثلث ويفرغون إذا بقى الثلث، ثم ينادى بالسحور على أبي قبيس، ولا يرى أحسن من مزي أهل مكة في خروجهم إلى الحج في أن أحدهم ينوبه في ذلك ما ينوب العراقي.

ومياه هذا الإقليم مختلفة، ماء عدن وقناة مكة وماء زبيد ويثرب خفيف، وماء غلافقة قاتل، وماء قرح وينبع ردي، وسائر المياه متقاربة، وحججت سنة -56- فرأيت ماء زمزم كريهاً، ثم عدت سنة 67 فوجدته طيباً، وأكثر مياه السواحل عذيبيات. فإن قال قائل ومن أين علمت خفة المياه وثقلها قيل له بأربعة أشياء أحداهن: أن كل ماء يبرد سريعاً فهو خفيف، وما رأيت أسرع برودة من ماء تيماء وأريحا، وهما أخف مياه الاسلام، فمن هذا أستنبطت هذا الوجه، ثم صح لي بكثرة التجارب. والثانية أن الماء الخفيف يبطئ تحلبه، ومن شرب ماءً ثقيلاً أسرع بوله. والثالثة الماء الخفيف يشهي الطعام ويهضمه، والرابعة إذا أردت أن تعرف ماء بلد فاذهب إلى البزازين والعطارين، فتصفح وجوههم فإن رأيت فيها الماء فاعلم خفته على قدر ما ترى من نضارتهم، وأن رأيتها كوجوه الموتى ورأيتهم مطامنى الرؤوس فعجل الخروج منها.

والمضار بمكة باذنجان يمرض، وبالمدينة كراث يتولد منه خروج عرق المديني.

المعادن اللؤلؤ في هذا الإقليم بحدود هجريغاص عليه في البحر بازاء اوال وجزيرة خارك، ومن ثم خرجث درة اليتيم يكترى رجال يغوصون فيخرجون صدفاً، اللؤلؤ وسطها، وأشد شيء عليهم حوت يثب إلى عيونهم وفائدة من تعاطاه بينة. ومن أراد العقيق أشترى قطعة أرض بموضع بصنعاء ثم حفر فربما خرج له شبه صخرة وأقل وربما لم يخرج شيء. بين ينبع والمروة معادن ذهب. العنبر يقع على حافة البحرمن عدن إلى مخا ومن وجه زيلع أيضاً، كل من وجد منه شيئاً قل أو كثر حمله إلى صاحب السلطان ودفعه إليه وأخذ شقة وديناراً، ولا يقع إلا وقت هبوب ريح الآيب ولم يصح لي ما العنبر. ودم الاخوين قبال الجحفة.

يقع عصبيات بين الخياطين وهم شيعة والجزارين وهم سنة، بمكة عصبيات وحروب، وبين الحماحميين والملاحيين بعدن عداوات وحروب، وبين السنة والشيعة بينبع وبين البجة والحبوش والنوبة بزبيد تقع العجائب، وبين الجزارين والأعراب باليمامة وقد بلغ من أمرهم أن اقتسموا الجامع ويقولون، للغريب كن من أينا شئت وإلا فاخرج.

والمشاهد بمكة مولد النبي ﷺ في المحامليين، ودار الاربعين بالبزازين، ودار خديجة خلف العطارين، غار ثور على فرسخ أسفل مكة، وحراء من نحو منى، وغار آخر خلف أبي قبيس، جبل قعيقعان محاذي أبي قبيس، وبالحرم قبر ميمونة على طريق جدة، وفي الثنية قبر الفضيل وسفيان بن عيينة ووهيب بن الورد. بين المسجدين عدة مشاهد للنبي وعلي، مسجد الشجرة بذي الحليفة، وشجرة بقبا وحجر فاطمة. قبر هود عم بالاحقاف على الساحل.

الموضع الذي يخرج منه النار بعدن جبل في البحر، وخلف البلد مسجد أبان، مخلاف معاذ خلف مخا، ثم مسجد البئر المعطلة والقصر المشيد في مخلاف البون وفي مخلاف مرمل، من مخلاف صنعاء خرجت النار التي أحرقت جنة المقسمين. بئر عثمان على طريق الشام. عند العرج جبل قالوا أن جبريل شق فيه للنبي ﷺ وقت هجرته طريقاً إلى المدينة. وقعت نار بين المروة والحوراء فكان يقد كما يقد الفحم. بيوت الفارهين بالحجر عجيبة على أبوابها عقود وطروح ونقوش. الطاغية مدينة خربة خلف خيم أم معبد. بالسروات قلاع عجيبة. كمران جزيرة في البحر فيها مدينة ولهم ماء حلو تسمى العقل بها حبوس ملك اليمن.

وفي أخلاق أهل مكة جفاء، ولا ظرف لأهل اليمن. أهل عمان يطففون ويخسرون ويفسقون. الزنا بعدن ظاهر. أهل الاحقاف نواصب غتم، والحجاز بلد فقير قحط.

والقبائل تأخذ من السروات نحو الشام فتقع في أرض الأغر بن هيثم ثم تخرج إلى ديار يعلى بن أبي يعلى ثم إلى سردد ثم ألى ديار عنز وائل في بني غزية ثم تقع في ديار جرش والعتل وجلاجل ثم إلى ديار الشقرة بها خثعم ثم في ديار الحرث بلد يقال له ذنوب وإسم ساحلها الشرى ثم في شكر وعامر ثم في بجيلة ثم في فهم ثم في بني عاصم ثم في عدوان ثم في بني سلول ثم في مطار وبها معدن البرام ثم في بلاد برمة منها الأبرقة وحصن المهيا ثم أنت بالفلج. وولايات هذا الإقليم متقطعة أما الحجاز أبداً فلصاحب مصر لأجل الميرة، واليمن لآل زياد وأصلهم من همدان، وابن طرف له عثر، وعلى صنعاء أمير غير أن ابن زياد يحمل اليه أموالاً ليخطب اليه وربما أخرجت عدن عن أيديهم، وال قحطان في الجبال وهم أقدم ملوك اليمن، والعلوية على صعدة يخطبون لآل زياد وهم أعدل الناس، وعمان للديلم، وهجر للقرامطة وعلى الأحقاف أمير منهم.

والضرائب والمكوس يؤخذ بجدة من كل حمل حنطة نصف دينار وكيل من فرد الزاملة، وعلى سفط ثياب الشطوي ثلاث دنانير، ومن سفط الدبيقي ديناران، وحمل الصوف ديناران، وبعثر على كل حمل دينار، وعلى سلة الزعفران دينار، وكذلك على رؤوس الرقيق هذا ممن خرج، وكذلك بالسرين على من أجتاز، وبكمران أيضاً، وبعدن يقوم الأمتعة بالزكاوية ثم يؤخذ عشرها عثرية، وقدروا أنه يصل إلى خزانة السلطان ثلث أموال التجار، وثم تفتيش صعب، ومكس بلدان السواحل هين إلا غلافقة.

والمراصد البرية من قلود جدة بالقرين وبطن مر نصف دينار نصف دينار، وعلى باب زبيد من حمل المسك دينار ومن حمل البز نصف دينار، وبقية المراصد تعطى درهماً علوية، وصاحب صعدة لا يأخذ ضريبة من أحد وإنما يأخذ ربع العشر من التجار.

والجزيرة عشرية يؤخذ بعمان من كل نخلة درهم. ووجدت في كتاب ابن خرداذبة خراج اليمن ستمائة ألف دينار فلا أدري ما أراد بذلك ولم أر ذلك في كتاب الخراج بل المعروف أن جزيرة العرب عشرية، وكانت ولاية اليمن في القديم مقسومة على ثلاثة أعمال: واالٍ على الجند ومخاليفها وآخر على صنعاء ومخاليفها والثالث على حضرموت ومخاليفها. وذكر قدامة بن جعفر الكاتب أن ارتفاع الحرمين مائة ألف دينار، اليمن ستمائة ألف دينار، واليمامة والبحرين خمسمائة وعشرة آلاف دينار، وعمان ثلاثمائة ألف دينار.

وأهل هذا الإقليم أصحاب قناعة ونحافة يتقوتون باليسير من الطعام ويتجوزون بالخفيف من الثياب، وقد أكرمهم الله تعالى بخير الثمار وسيدة الأشجار التمر والنخل. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن احمد بقصبة أرجان، قال: حدثنا القاضي الحسن بن عبد الرحمان بن خلاد، قال: حدثنا موسى بن الحسين، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا مسرور بن سفيان التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:قال رسول الله ﷺ أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم، وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها، واطعموا نساءكم إذا ولدن الرطب فإن لم يكن رطب فالتمر الحديث.

وأما المسمافات فاعلم أن الواو للجمع، وثم للترتيب، وأو للتخيير. فإذا قلنا إلى فلانة وفلانة فإنهما في موضع واحد مثل خليص وأمج ومزينان وبهمن أباذ، فإن قلنا ثم أردنا العطف على الذي قبله كقولنا إلى ا بطن مر ثم إلى عسفان إلى غزة ثم إلى رفح، فإن قلنا أو فقد رجعنا إلى الذي قبل هذا الآخر كقولنا من الرملة إلى إيليا أو إلى عسقلان، من شيراز إلى جويم أو إلى صاهه. وقد جعلنا المراحل ستة فراسخ وسبعة فإن زادت نقطنا على الهاء نقطتين فإن جاوزت العشرة نقطنا تحت اللام نقطتين فإن نقصت عن الستة نقطت ا فوق الهاء نقطة. تأخذ من مكة إلى بطن مر مرحلة ثم إلى عسفان مرحلة ثم إلى خليص وأمج مرحلة ثم إلى الخيم مرحلة ثم إلى الجحفة مرحلة ثم إلى الأبواء مرحلة ثم إلى سقيا بني غفار مرحلة ثم إلى العرج مرحلة ثم إلى الروحاء مرحلة ثم إلى رويثة مرحلة ثم إلى يثرب مرحلة. وتأخذ من مكة إلى يلملم مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى السرين مرحلة. تأخذ من مكة إلى بستان بني عامر مرحلة ثم إلى ذات عرق مرحلة ثم إلى الغمرة مرحلة. وتأخذ من مكة إلى قرين مرحلة ثم إلى جدة مرحلة ومن بطن مر إلى جدة مرحلة. وتأخذ من الجحفة إلى بدر مرحلة ثم إلى الصفراء والمعلاة مرحلة ثم إلى الروحاء مرحلة. وتأخذ من بدر إلى ينبع مرحلتين ثم إلى رأس العين مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى المروة مرحلتين. ونأخذ من بدر إلى الجار مرحلة ثم إلى الجحفة أوينبع مرحلتين مرحلتين. وتأخذ من جدة إلى الجار أو السرين أربعاً أربعاً. وتأخذ من يثرب إلى السويدية أو الى بطن النخل مرحلتين مرحلتين ومن السويدية إلى المروة مثلها ومن بطن النخل إلى معدن النقر ة مثلها. فإن أردت جادة مصر فخذ من المروة إلى السقيا ثم إلى بدا يعقوب ثلاثاً تم إلى العونيد مرحلة. وإن أردت الشام فخذ من السقيا إلى وادي القرى مرحلة ثم إلى الحجر مرحلة ثم إلى تيماء ثلاث مراحل. وإن أردت مكة في جادة الكوفة فخذ من زبالة وهي عامرة واسعة الماء إلى الشقوق 21 ميلاً ثم إلى البطان 29 ميلاً ثم إلى الثعلبية 29 ميلاً هي ثلث الطريق عامرة كثيرة البرك بها آبار عذيبية ثم إلى الخزيمية 32 ميلاً ثم إلى أجفر 24 ميلاً ثم إلى فيد 36 ميلاً مدينة بحصنين عامرة واسعة الماء، ثم إلى توز وهي نصف الطريق 31 ميلاً ثم إلى سميراء 20 ميلاً برك وماءٌ واسع ومزارع والماء عذيبي ثم إلى حاجر 33 ميلاً ثم إلى معدن النقرة 34 ميلاً بها حصن وماءٌ ضعيف وموضع وحش، ثم إلى المغيثة 33 ميلاً ثم إلى الربذة 24 ميلاً ماءٌ زعاق وموضع خراب، ثم إلى معدن بني سليم 24 ميلاً ثم إلى السليلة 26 ميلاً ثم إلى العمق 21 ميلاً بها آبار عجيبة والماء غير واسعٍ، ثم إلى الأفيعية 32 ميلاً ثم إلى المسلح 34 ميلاً بها برك والماء واسع، ثم إلى غمرة 18 ميلاً الماء واسع. وإن أردتها من البصرة فخذ من البصرة إلى الحفير 18 ميلاً ثم إلى الرحيل 28 ميلاً ثم إلى الشجي 27 ميلاً ثم إلى حفر أبي موسى 26 ثم إلى ماوية 32 ثم إلى ذات العشر 29 ثم إلى الينسوعة 23 ثم إلى السمينة 29 ثم إلى القريتين 22 اثم إلى النباج 23 ثم إلى العوسجة 29 ثم إلى رامة. ثم إلى إمرة 27 ثم إلى طخفة 26 ثم إلى ضرية 18 ثم إلى جديلة 32 ثم إلى فلجة 32 ثم إلى الدثينة 26 ثم إلى قبا 27 ثم إلى الشبيكة 27 ثم إلى وجرة 40 ثم إلى ذات عرق 27 الجميع سبعمائة ميل. وأما جادة الغرب فتأخذ من ويلة إلى شرف ذي النمل مرحلة ثم إلى مدين مرحلة ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى منزل مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين ثم إلى البيضاء ثم إلى وادي القرى. والطريق المستعمل اليوم من شرف ذي النمل إلى الصلا ثم إلى النبك ثم إلى ضبة ثم إلى العونيد ثم إلى الرحبة ثم إلى منخوس ثم إلى البحيرة ثم إلى الأحساء ثم إلى العشيرة ثم إلى الجار ثم إلى بدر. وإن أردتها من عمان فخذ من صحار إلى نزوة ثم إلى عجلة 30 ميلاً ثم إلى عضوة 24 ميلاً هوحصن ثم إلى بئر السلاح 30 ميلاً ثم إلى مكة 21 يوماً فيها أربع مياه وثمان في رملة. وإن أردتها من هجر فخذ من الأحساء إلى.ومن أرادها من صنعاء أخذ إلى الريدة مرحلة ثم إلى أثافت ثم إلى خيوان ثم إلى الأعمشية ثم إلى صعدة ثم إلى غرفة ثم إلى المهجرة ثم إلى شروراح ثم إلى الثجة ثم إلى كثبة ثم

إلى يبنبم على 8 أميال من جرش ثم إلى بنات جرم مرحلة ثم إلى جسداء ثم إلى بيشة ثم إلى تبالة ثم إلى رنية ثم إلى كدى ثم إلى صفر ثم إلى تربة ثم إلى الفتق ثم إلى الجدد ثم إلى الغمرة وطريقها القاصدة على الطائف ولم أسلكها. ومن مكة إلى الطائف طريقان تأخذ من بئر ابن المرتفع مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى الطائف مرحلة والاخرى على عرفات مرحلتين في الجبل. ومن أرادها من ويلة وهي طريق حجاج الغرب كلها طرق عدة، أما طريق الساحل فتأخذ من ويلة إلى شرف البعل مرحلة ثم إلى الصلا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى ضبه مرحلة ثم إلى عونيد مرحلة ثم إلى الرحبة مرحلة ثم إلى منخوس مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة ثم إلى الاحساء مرحلة. ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين مرحلة ثم إلى البيضاء مرحلة ثم إلى قرح مرحلة ثم إلى سقيا يزيد مرحلة. وأما طريق اليمن فلا أكاد أضبط مراحلها كغيرها من الكور غير أني أذكر ما عرفت وأجمل ما سمعت فمن صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً، ومن صنعاء إلى حضرموت 74 فرسخاً، ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً، ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر25 فرسخاً، ثم إلى عدن 24 فرسخاً، ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى الثجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً، ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى ألهان 15 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12، ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أبين 3 فراسخ.لى يبنبم على 8 أميال من جرش ثم إلى بنات جرم مرحلة ثم إلى جسداء ثم إلى بيشة ثم إلى تبالة ثم إلى رنية ثم إلى كدى ثم إلى صفر ثم إلى تربة ثم إلى الفتق ثم إلى الجدد ثم إلى الغمرة وطريقها القاصدة على الطائف ولم أسلكها. ومن مكة إلى الطائف طريقان تأخذ من بئر ابن المرتفع مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى الطائف مرحلة والاخرى على عرفات مرحلتين في الجبل. ومن أرادها من ويلة وهي طريق حجاج الغرب كلها طرق عدة، أما طريق الساحل فتأخذ من ويلة إلى شرف البعل مرحلة ثم إلى الصلا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى ضبه مرحلة ثم إلى عونيد مرحلة ثم إلى الرحبة مرحلة ثم إلى منخوس مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة ثم إلى الاحساء مرحلة. ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين مرحلة ثم إلى البيضاء مرحلة ثم إلى قرح مرحلة ثم إلى سقيا يزيد مرحلة. وأما طريق اليمن فلا أكاد أضبط مراحلها كغيرها من الكور غير أني أذكر ما عرفت وأجمل ما سمعت فمن صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً، ومن صنعاء إلى حضرموت 74 فرسخاً، ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً، ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر25 فرسخاً، ثم إلى عدن 24 فرسخاً، ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى الثجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً، ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى ألهان 15 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12، ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أبين 3 فراسخ.

==========

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الأول، أقاليم العرب/إقليم العراق

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم‏ | ذكر مملكة الإسلام‏ | الجزء الأول، أقاليم العرب

إقليم العراق

هذا إقليم الظرفاء، ومنبع العلماء. لطيف الماء، عجيب الهواء، ومختار الخلفاء. أخرج أبا حنيفة فقيه الفقهاء، وسفيان سيد القراء. ومنه كان أبو عبيدة والفراء، وأبو عمرو صاحب المقراء. وحمزة والكسائي وكل فقيه ومقريء وأديب، وسري وحكيم وداه وزاهد ونجيب، وظريف ولبيب. به مولد ابراهيم الخليل، وإليه رحل كل صحابي جليل. أليس به البصرة التي قوبلت بالدنيا، وبغداد الممدوحة في الورى، والكوفة الجليلة وسامرا، ونهره من الجنة بلا مرا. وتمور البصرة فلا تنسى، ومفاخره كثيرة لا تحصى. وبحر الصين يمس طرفه الأقصى، والبادية إلى جانبه كما ترى. والفرات بقربه من حيث جرى، غير أنه بيت الفتن والغلا. وهو في كل يوم إلى وراء، و.، الجور والضرائب في جهد بلاء. مع ثمار قليلة، وفواحش كثيرة، ومؤن ثقيلة. وهذا شكله ومثاله والله أعلم وأحكم. وقد جعلناه ست كور وناحية، وكانت الكور في القديم غير هذه إلا حلوان، ولكنا أبداً نجري الأمر على ما عليه الناس، وأدخلنا الكور القديمة والقصبات في الاجناد وأسم هذه الكور والقصبات واحد فأولها من قبل ديار العرب الكوفة ثم البصرة ثم واسط ثم بغداد ثم حلوان ثم سامرا. فأما الكوفة فمن مدنها: حمام ابن عمر، الجامعين، سورا، النيل، القادسية، عين التمر. وأما البصرة فمن مدنها: الأبلة، شق عثمان، زبان، بدران، بيان، نهر الملك دبا، نهر الامير أبو الخصيب، سليمانان، عبادان، المطوعة، والقندل، المفتح، الجعفرية. وأما واسط فمن مدنها: فم الصلح، درمكان، قراقبة، سيادة، باذبين، السكر، الطيب، قرقوب، قرية ا لرمل، نهر تيرى، لهبان، بسامية أودسة. وأما بغداد فمن مدنها: النهروان، بردان، كارة، الدسكرة، طراستان، ها رونية، جلولا، باجسري، با قبة، إسكاف، بوهرز، كلواذى، درزيجان، المداين، كيل، سيب، دير العاقول، النعمانية، جرجرايا، جبل، نهر سابس، عبرتا، بابل، عبدس، قصر هبيرة. وأما حلوان فمن مدنها: خانقين، زبوجان، شلاشان، الجامد، الحر، السيروان، بندنيجان. وأما سامرا فمن مدنها: الكرخ، عكبرا، الدور، الجامعين، بت راذانان، قصر الجص، جوى، أيوا نا، بريقا، سند ية، راقفروبة، دمما، الأنبار، هيت، تكريت، 1 لسن. فإن قال قائل لم جعلت بابل في الجند وإليها كان ينسب الإقليم في القديم، ألا ترى أن الجيهاني ابتدأ بذكر هذه النواحي وسماها إقليم بابل، وكذلك سماها وهب في المبتدأ وغيره من العلماء. قيل له قد تحرزنا من هذا السؤال. ونظائره بأنا أجرينا علمنا على التعارف كاالإيمان، ألا ترى أن رجلاً لو حلف أن لا يأكل رؤوساً فأكل من رؤوس البقر والغنم حنث. وقال أبو يوسف ومحمد لا يحنث، وسمعت الأئمة من مشايخنا يقولون لا نعد هذا خلافاً بينهم لأن في وقت أبي حنيفة كانت تباع وتؤكل ثم زالت تلك العادة في زمانهما. وقد شققنا الاسلام طولاً وعرضاً فما سمعنا الناس يقولون ألا هذا إقليم العراق وأكثر الناس لا يعلمون أين بابل، ألا ترى إلى جواب أبي بكر لعمر لما سأله أن يبعث جيوشه إلى هذه الناحية فقال: لان يفتح الله على يدي شبرا من الأرض المقدسة أحب إلى من رستاق من رساتيق العراق ولم يقل من رساتيق بابل. فإن قال في قول الله تعالى: وما أنزل على الملكين ببابل دليل على ماذكرنا قيل له هذا الاسم قد يجوز أن يتناول الإقليم والمدينة جميعاً، ووقوعه على المدينة مجمع عليه، لأن أحداً لا ينازع أحداً في اسمها، وفي وقوعه على الإقليم اختلاف فمن أوقعه عليه وجب عليه الدليل.

الكوفة

قصبة جليلة خفيفة حسنة البناء جليلة الاسواق كثيرة الخيرات جامعة رفقة. مصرها سعد بن أبي وقاص أيام عمر، وكل رمل خالطه حصى فهو كوفة ألا ترى إلى أرضها، وكان البلد في القديم الحيرة وقد خربت. وأول من نزلها من الصحابة علي بن أبي طالب، وتبعه عبد الله بن مسعود وأبو الدرداء ثم تتابعوا كلها. والجامع على ناحية الشرق على أساطين طوال من الحجار الموصلة بهى حسن، والنهر على طرفها من قبل بغداد. ولهم آبار عذيبية حولها نخيل وبساتين، ولهم حياض وقني. محلة الكناسة: من قبل البادية، وهو بلد مختلٌ قد خرب أطرافه وقد كان نظير بغداد.

القادسية

مدينة على سيف البادية، تعمر أيام الحاج ويحمل إليها كل خير، لها بابان وحصن طين، وقد شق لهم نهر من الفرات إلى حوض على باب بغداد، وثم عيون عذيبية وماءٌ آخر يجرونه عند باب البادية أيام الحاج، وهي سوق واحد الجامع فيه. سورا: مدينة بها فواكه كثيرة وأعناب، آهلة وسائر المدن صغار آهلات. عين التمر: حصينة في أهلها شرهٌ.

البصرة

قصبة سرية أحدثها المسلمون أيام عمر، كتب إلى صاحبه ابن للمسلمين مدينةً بين فارس وديار العرب وحد العراق على بحر الصين، فاتفقوا على موضع البصرة، ونزلها العرب ألا تراها إلى اليوم خططاً، ثم مصرها عتبة بن غزوان، وهي شبه طيلسان قد شق إليها من دجلة نهران نهر الابلة ونهر معقل، فإذا اجتمعا مدا عليها، وتشعب إليها أنهار إلى ناحية عبادان وناحية المذار، فطولها ممتد على النهر، ودورها في البر إلى البادية، ولها من هذا الوجه باب واحد، وهي من النهر إلى الباب نحو ثلاثة أميال. وبها ثلاثة جوامع أحدها في الاسواق بهيٌ جليل عامر آهل ليس بالعراق مثله على أساطين مبيضة، وجامع آخر على باب البادية وهو كان القديم، وآخر على طرف البلد. وأسواقها ثلاث قطع الكلاء على النهر، وسوق الكبير، وباب الجامع، وكل أسواقها حسنة. والبلد أعجب إلى من بغداد لرفقها وكثرة الصالحين بها. وكنت بمجلس جمع فقهاء بغداد ومشايخها فتذاكروا بغداد والبصرة فتفرقوا على أنه إذا جمعت عمارات بغداد وأندر خرابها لم تكن أكبر من البصرة. وقد خرب طرف البصرة البري. واشتق اسمها من الحجارة السود كان يثقل بها مراكب اليمن فتلقى ثم وقيل لا بل حجارة رخوة تضرب إلى البياض، وقال قطرب من الأرض الغليظة. وحماماتها طيبة والأسماك والتمور بها كثيرة ذات لحم وخضر وأقطان وألبان وعلوم وتجارات، غيرأنها ضيقة الماء، منقلبة الهواء عفنة عجيبة الفتن.

الأبلة

على دجلة عند فم نهر البصرة من قبل الشمال، الجامع أعلى القرية، عامرة كبيرة أرفق من البصرة وأرحب.

شق عثمان

بازائها من نحو الجنوب، الجامع في آخرها حسن. وسائر المدن على أنهار من جانبي دجلة عن يمين وشمال وجنوب وشمال، كلهن جليلات كبار.

غبادان

مدينة في جزيرة بين دجلة العراق ونهر خوزستان على البحر، ليس وراءها بلد ولا قرية ا إلا البحر، فيها رباطات وعباد وصالحون وأكثرهم صناع الحصر من الحلفاء، غير أن الماء بها ضيق والبحر عليها مطبق.

واسط

قصبة عظيمة ذات جانبين وجامعين وجسر بينهما، كثيرة الخير ومعدن السمك، جامع الحجاج وقبته في الغربي في طرف الأسواق بعيد عن الشط متشعث عامر بالقرآن، اختطها الحجاج وسميت واسط لأنها بين قصبات العراق وبين الأهواز، رفقة صحيحة الهواء عذبة الماء حسنة الأسواق واسعة السواد، وقد جعل في طرفي الجسر موضعان يدخل فيهما السفن، وفيهم ظرف. وسائر مدنها صغار مختلة أعمرها الطيب وقرقوب، إلا أن ناحيتها جيدة.

الصليق

مدينة على بحيرة طولها أربعون فرسخاً، يتصل ضياعها بسواد الكوفة، شديدة الحر كربة بليذة بقٌ مهلك وعيش ضيق، أدامهم السمك وماؤهم حميم وليلهم عذاب وعقلهم سخيف ولسانهم قبيح مع ملح قليل وكرب عظيم، إلا أنها معدن الدقيق وسلطان رفيق وماءٌ غزير وسمك خطير واسم كبير، وفي الحرب كل صبور وبالنهركل بصير، ولهم موضع يشاكل نهر الأبلة حسن. يليها في الكبر الجامدة وهما من دجلة على ناحية وسائر المدن دونهما، وهذه البطائح بحيرات ومياه ثم مزارع، وللعراق منها رفق عظيم.

 

بغداد

مصر الاسلام، وبها مدينة السلام. ولهم الخصائص والظرافة، والقرائح واللطافة، هواءٌ رقيق، وعلم دقيق. كل جيد بها، وكل حسن فيها. وكل حاذق منها، وكل ظرف لها. وكل قلب إليها، وكل حرب عليها، وكل ذب عنها. هي أشهر من أن توصف وأحسن من أن تنعت وأعلى من أن تمدح. أحدثها أبو العباس السفاح ثم بنى المنصور بها مدينة السلام وزاد فيها الخلفاء من بعده. ولما أراد بناء مدينة السلام سأل عن شتائها وصيفها والأمطار والبق والهواء، وأمر رجالاً حتى يناموا فيها فصول السنة حتى عرفوا ذلك ثم استشار أهل الرأي من أهلها فقالوا نرى أن تنزل أربع طساسيج في الجانب الشرقي بوق وكلواذي، وفي الغربي قطربل وبادوريا، فتكون بين نخل وقرب ماءٍ، فإن أجدب طسوج أو أخرت عمارته كان في الآخر فرج، وأنت على الصراة تجيئك الميرة في السفن الفراتية، والقوافل من مصر والشام في البادية، وتجيئك آلات من الصين في البحر، ومن الروم والموصل في دجلة، فأنت بين أنهار لا يصل إليك العدو إلا في سفينة أو على قنطرة على دجلة وفرات. فبناها أربع قطع مدينة السلام وبادوريا والرصاقة وموضع دار الخليفة اليوم. وكانت أحسن شيء للمسلمين وأجل بلدٍ وفوق ما وصفنا حتى ضعف أمر الخلفاء فاختلت، وخف أهلها، فأما المدينة فخراب، والجامع فيها يعمر في الجمع، ثم يتخللها بعد ذلك الخراب. اعمر موضع بها قطيعة الربيع والكرخ في الجانب الغربي، وفي الشرقي باب الطاق وموضع دار الأمير، والعمارات والأسواق بالغربي أكثر، والجسر عند باب الطاق إلى جانبه بيمارستان بناه عضد الدولة، حصل في كل طسوج مما ذكرنا جامع، وهي في كل يوم إلى ورا، وأخشى أنها تعود كسامرا. مع كثرة الفساد والجهل والفسق وجور السلطان. أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي بجرجان، قال: حدثنا ابن ناجية، قال: حدثنا ابراهيم الترجماني، قال: حدثنا سيف بن محمد، قال: حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي، قال: كنت مع جرير بن عبد الله فقال: أي شيءٍ يدعى هذا النهر، قالوا: دجلة، قال: فهذا النهر الآخر، قالوا: دجيل. قال: فهذا النهر، قالوا: صراة، قال: النخل، قا لوا: قطربل، قال: فركب فرسه وأسرع ثم قال: سمعت رسمول الله ﷺ يقول تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة تجبي إليها خزائن الأرض وجبابرتها يخسف بهم فهم أسرع هوياً في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة ه.

وأنهار الفرات تقلب في دجلة في جنوبيها وما حاذى المدينة وما شماليها دجلة حسب. وتجرى في هذه الشعب الفراتية السفن إلى الكوفة وفي دجلة إلى الموصل. وذكر الشمشاطي في تاريخه أن المنصور لما أراد بناء مدينة السلام، أحضر أكبر من عرف من أهل الفقه والعدالة والأمانة والمعرفة بالهندسة، وكان فيهم أبو جنيفة النعمان ابن ثابت والحجاج بن أرطاة، وحشر الصناع والفعلة من الشام والموصل والجبل وسائر أعماله وأمر بخطها وحفر الأساسات في سنة 145 وتمت في سنة 49. وجعل عرض السور من أسفل خمسين ذراعاً، وجعلها بثمانية أبواب أربعة داخلة صغار وأربعة خارجة كبار، باب البصرة وباب الشام وباب خراسان وباب الكوفة، وجعل الجامع والقصر وسطها، وقبلة جامع الرصافة أصح منه. ووجدت في بعض خزائن الخلفاء أن المنصور أنفق على مدينة السلام أربعة آلاف ألف ئمانمائة وثلاثة وثلاثين درهماً، لأن أجرة الاستاذ كانت قيراطاً والروزكاري حبتين.

النهروان

مدينة ذات جانبين الشرقي أعمر، رحبة عامرة، بينهما الجسر الجامع في الجانب الشرقي، والحاج ينزلون على هذا الشط.

الدسكرة

مدينة صغيرة، سوقها واحد طويل الجامع أسفله غامٌ بآزاج.

جلولا

حولها أشجار غير حصينة، وهذه المدن وخانقين على جادة حلوان ليس لهن بهاءٌ ولا هن لائقات ببغداد.

صرصر

إيضاً كبعض قرى فلسطين، النهر إلى جانبها وكذلك نهر الملك والضراة قرى. وأما قصر هبيرة فمدينة كبيرة جيدة الأسواق، يجيئهم الماء من الفرات، كثيرة الحاكة واليهود والجامع في السوق.

بابل

صغيرة نائية عن الطريق، والجادة على جسرها.

وسائر مدن هذا الوجه على ما وصفنا مثل النيل وعبدس وكوثا ومدينة ابراهيم كوثاربا. وثم تلال قالوا هي رماد نار نمرود، وبقرب كوثا الطريق شبه منارة لهم فيها كلام. وليس على دجلة من نحو واسط مدينة أجل من دير العاقول كبيرة عامرة آهلة، الجامع ناءٍ عن السوق والأسواق متشعبة جيدة تشاكل مدن فلسطين. تليها في الكبر جبل عامرة. آهلة الجامع في السوق لطيف. ثم النعمانية صغيرة الجامع في السوق. ثم جرجرايا وقد كانت عظيمة، وهي اليوم مختلة متقطعة العمارة الجامع بقرب الساحل عامر، ولهم ماءٌ يدور حول قطعة من المدينة. وهذه المدن التي ذكرنا على غربي دجلة وسائر المدن صغار. وفي وجه سامرا مدينة عكبرا وهي كبيرة عامرة، كثيرة الفواكه جيدة الاعناب سرية. وأما المداين فهي من نحو واسط عامرة بناؤهم من الآجر والجامع في السوق. ومن نحو الشرق أسبانبر ثم قبر سلمان وايوان كسرى. فهذه مدن بغداد، وبخراسان قرى كثيرة أجل من أكثر هذه المدن.

سامرا

كانت مصراً عظيماً ومستقر الخلفاء في القديم، اختطها المعمصم وزاد فيها بعده المتوكل، وصارت مرحلة، وكانت عجيبة حسنة حتى سميت سرور من رأى ثم اختصر فقيل سرمري، وبها جامع كبير كان يختار على جامع دمشق قد لبست حيطانه بالميناء وجعلت فيه اساطين الرخام وفرش به وله منارة طويلة وأمور متقنة وكانت بلداً جليلاً والآن قد خربت، يسير الرجل الميلين والثلاثة لا يرى عمارة وهي من الجانب الشرقي وفي الغربي بساتين، وكان قد بنى ثم كعبة وجعل طوافاً واتخذ منى وعرفات، غربه أمراء كانوا معه لما طلبوا الحج خشية أن يفارقوه، فلما خربت وصارت إلى ما ذكرنا سميت ساء من رأي ثم اختصرت فقيل سامرا.

الكرخ

مدينة متصلة بها، واعمر منها من نحو الموصل، وسمعت يوماً القاضي أبا الحسين القزويني يقول: ما أخرجت بغداد فقيهاً قط إلا أبا موسى الضرير، قلت: فأبو الحسن الكرخي، قال: لم يكن من كرخ بغداد وإنما كان من كرخ سامرا.

الأنبار

مدينة كبيرة أول ما نزل المنصور بها وثم داره وقد خفت.

هيت

كبيرة عليها سور على الفرات بقرب البادية.

تكريت

كبيرة معدن السمسم وصناع الصوف، وللنصارى بها دير يقصد.

علث

مدينة كبيرة يجر إليها نهر من دجلة وآبارها قريبة حلوة آهلة كثيرة الاجلة.

السن

كبيرة على دجلة عليها من الشرق نهر الزاب والجامع في الأسواق بناؤهم حجارة والجبال منها قريبة على تخوم أقور. ومدن سامرا أجل من مدن بغداد.

حلوان

قصبة صغيرة سهلية جبلية يحيط بها بساتين وأعناب وتين، قريبة من الجبال ولها سوق طويل وحصن عتيق ونهر صغير وقهندز فيه الجامع، ولها ثمانية دروب: درب خراسان درب الباقات درب المصلى درب اليهود درب بغداد درب برقيط درب اليهودية درب ماجكان. وثم كنيسة اليهود يعظمونها خارج البلد من الجص والحجارة، وبيت المقدس أكبر وأجل وأعمر وأظرف وأكثر مشايخ وعلماء منها. ومدائن هذه الكورة صغارخراب لا يسوى ذكرها.

دجلة

فإنها ماءٌ أنثى، لطيف جيد للمتفقهة، وكان أبو بكر الجصاص يأمر أن يحمل له لماء من فوق نهر الصراة قبل أن يلقاه الفرات، وهذه دجلة تظهر من أقور، وسنذكر أصلها فيه، ثم يلقاها عدة من الأنهار في هذا الإقليم وينحدر عليها من الفرات بكورة بغداد أربعة أنهار: الصراة نهر عيسى نهر صرصر نهر الملك، ويلقاها من الشرق مياه النهروانات تحت بغداد، فإذا جاوزت واسط تبطحت وصعب سلوكها إلى تخوم البصرة، والسفن فيها أبداً شبالاً وزقافاً ولهم في ذلك رفق. والناس ببغداد يذهبون ويجيئون ويعبرون في السفن وترى لهم جلبة وضوضاءً، وثلثا طيب بغداد فى ذلك الشط.

الفرات

فإنه نهر ذكرٌ، فيه صلابة وأصله من بلد الروم، يتقوس على طائفة من هذا الإقليم ثم يصل إلى الكوفة بعد ما تشعب ثم ينحدر إلى غربي واسط فيتبطح في بحيرة عظيمة يحيط بها قرى عامرة ولا يجاوزها، وتجري فيه السفن من الرقة. وأعلم أن العراق ليس ببلد رخاءٍ ولكن جل وعمر بهذين النهرين وما يحمل فيهما وببحر الصين المجاور له، واختصت بغداد برقة الهواء الذي لا يرى مثله، بلى قل في البصرة ما شئت من مياهها وبركها ومدها وجزرها. أخبرنا أبو الحسن مطهر بن محمد برامهرمز، قال: حدثنا أحمد بن عمروبن زكرياء، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بحر، قال: حدثنا أبو شعيب القيسي، قال: حدثني أشرس، قال: سألت ابن عباس عن الجزر والمد، قال: ملك موكل بقاموس البحر أذا وضع رجله فاض فإذا رفع رجله غاض الماء، والجزر والمد أعجوبة على أهل البصرة ونعمة يزورهم الماء في كل يوم وليلة مرتين، ويدخل الأنهار ويسقي البساتين ويحمل السفن إلى القرى. فإذا جزر أفاد أيضاً عمل الأرحية لأنها على أفواه الأنهار، فإذا خرج الماء أدارها، ويبلغ المد إلى حدود البطائح وله وقت يدور مع دور الاهلة.

جمل شؤون هذا الإقليم

هواء هذا الإقليم مختلف، فبغداد وواسط وما دخل في هذا الصقع بلد رقيق

الهواء سريع الانقلاب ربما توهج في الصيف وآذى ثم انقلب سريعاً، والكوفة بخلافه، ويكون بالبصرة حر عظيم، غير أن الشمال ربما هبت فطاب. وقرأت في أخبار البصرة عيشنا في البصرة عيش ظريف، أن هبت شمال فنحن في طيب وريف، وإن كانت جنوب فانا في كنيف. ورأيتهم إذا كانت جنوب في ضيق صدر، يلقى الرجل صاحبه فيقول ألا ترى ما نحن فيه فيجيبه نرجو من الله الفرج، وربما نزل عليهم شبيه الدبس بالليل. وحلوان معتدلة الهواء، البطائح نعوذ بالله منها ومن شاهدها في الصيف رأى العجب، إنما ينامون في الكلل، وثم بق له حمة كالإبرة إنما هي نحيرة.

والمدينة كثيرة الفقهاء والقراء والأدباء والأئمة والملوك بخاصية بغداد والبصرة وللمذكرين به أدنى صيت، ويحمل إليهم الثلج من البعد وهو بارد في الشتاء ربما جمد الماء في البصرة وجميع بغداد، وأهل الكوفة والبصرة سمر. وبه مجوس كثيرة وذمته نصارى ويهود، وقد حصل به عدة من المذاهب الغلبة ببغداد للحنابلة والشيعة، مع جليلة فقهاء العراقين بالأعوام، به مالكية وأشعرية ومعتزلة ونجارية، وبالكوفة الشيعة إلا الكناسة فإنها سنة، وبالبصرة مجالس وعوام السالمية وهو قوم يدعون الكلام والزهد وأكثر المذكرين بها منهم ولا يتعاطون الفقه فمن تفقه منهم تفقه لمالك، وذكروا أن صاحبهم ابن سالم كان يتفقه لأبي حنيفة، وسالم كان غلام سهل بن عبد الله التستري، ورأيتهم قوماً فيهم رزق وصالحون إلا أنهم يفرطون في أطراء صاحبهم، وقد اختلفت إليهم المدة المديدة وعرفت سرائرهم وحللت من قلوبهم لأني رجل أحب أهل النسك وأميل إلى أهل الزهد كائناً ما كانوا، ولهم رقة في الكلام وتصانيف وترفع مجالسهم وبعد خلافهم. وأكثر أهل البصرة قدرية وشيعة وثم حنابلة، وببغداد غالية يفرطون في حب معاوية ومشبهة وبربهارية. وكنت يوماً بجامع واسط وإذا برجل قد اجتمع عليه الناس، فدنوت منه فإذا هو يقول حدثنا فلان عن فلان عن النبي ﷺ إن الله يدني معاوية يوم القيامة فيجلسه إلى جنبه ويغلفه بيده ثم يجلوه على الخلق كالعروس، فقلت له بماذا بمحاربته علياً رضي الله عن معاوية، وكذبت أنت يا ضال، فقال: خذوا هذا الرافضي فاقبل الناس علي فعرفني بعض الكتبة فكركرهم عني.

والغالب على فقهاء هذا الإقليم وقضاته أصحاب أبي حنيفة. وكنت يوماً في مجلس أبي محمد السيرافي، فقال: أنت رجل شاميٌ وأهل ناحيتك أصحاب حديث يتفقهون للشافعي فلم تفقهت لأبي حنيفة، قلت: لخلال ثلاثٍ أيد الله الفقيه، قال: وما هن، قلت: أما واحدة فأني رأيت اعتماده على قول علي رضي الله عنه وقال النبي ﷺ أنا مدينة العلم وعليٌ بابها وقال أقضاكم علي يعني افقهكم، وعلى قول عبد الله بن مسعود وقال عم رضيت لأمتي ما رضى لها ابن أم عبد وقال كنيف ملئ علماً وقال خذوا ثلثي دينكم عن ابن أم عبد وعلم أهل الكوفة عن هذين الرجلين لا محالة. والخلة الثانية رأيته أقدم الأئمة وأقربهم إلى الصحابة وأورعهم وأعبدهم، وقد قال: عليكم بالعتيق وقال النبي ﷺ خياركم القرن الذي أنا فيه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب وكان في زمن الصدق والصادقين . والخلة الثالثة رأيت الجميع قد فارقوه في مسألة أصاب فيها عياناً واخطأوا، قال: وما هي، قلت: قد علم الشيخ أن من مذهبه أنه لا يجوز أخذ الأجرة على القرب، ورأيت من حج بأجرة انتكس قلبه، فإن عاد أزداد نكوساً وقل ورعه حتى ربما أخذ الحجتين والثلاث ولم أر لهم بركة ولا جمعوا منه مالاً قط، وكذلك الأئمة والمؤذنون ونظائرهم، لأنهم استحقوا أجرهم على الله فأخذوه من خلقه، قال: لقد دققعت النظر يا مقدسي واحتطت لنفسك، فإن قال قائل أبو حنيفة مطعون عليه قيل له إعلم أن الخلق على ثلاثة ضروبٍ: ضرب قد اجمع الناس على سدادهم وضرب قد اجمع الجمهور على فسادهم وضرب قد مدحهم بعضٌ وذمهم بعض وهم أفضل الثلاثة فخذ قياسهم من الصحابة. فالمحمودون ابن مسعود ومعاذ وزيد، والمذمومون عبد الله بن أبي، والأفضلون الخلفاء الأربعة. وقد علمت ما يقول فيهم الخوارج وجهال الشيعة، فأبو حنيفة إن كان طائفة من الحمقى يذمونه فخلائق من أهل الفضل يدعون له ويحمدونه مع ما فتح الله على قلبه حتى فرع الشريعة واراح الخليقة ثم اختياره الضرب والسجن على القضاء فمثل أبي حنيفة لايرى.

والقراءات السبع مستعملة في الإقليم وكانت في القديم ببغداد حروف حمزة وحروف يعقوب الحضرمي بالبصرة ورأيت أبا بكر الجرتكي يؤم بها في الجامع ويذكر أنها قراءة المشايخ. ولغاتهم مختلفة أصحها الكوفية لقربهم من البادية وبعدهم عن النبط ثم هي بعد ذلك حسنة فاسدة بخاصة بغداد. وأما البطائح فنبط لا لسان ولا عقل. ولا بأس بالتجارات فيه، ألم تسمع بخز البصرة وبزها وطرائفها وبأرزها، هي معدن اللآلي والجواهر وفرضة البحر ومطرح البر وبها يصنع الراسخت والزنجفر والزنجار والمرداسنج، ومنها تحمل التمور إلى الأطراف والحناء ولهم خزٌ وبنفسج وماورد. وبالأبلة تعمل ثياب الكتان الرفيعة على عمل القصب. وبالكوفة عمائم الخز والبنفسج في غاية الجودة. وبمدينة السلام الطرائف وألوان ثياب القز وغير ذلك وبه عبادانيٌ حسن وسامان رفيع. ومن خصائصهم بنفسج الكوفة وأزاذها، ومحكم بغداد وطرائفها، ومعقلى البصرة، وتين حلوان، وشيم واسط وبنيها، ويصنع بالنعمانية أكسية وثياب صوف عسلية حسنة، وببغداد أزر وعمائم يكانكي رفيعة ومناديل القصرية والبويبية، وصوف تكريت، والستور الواسطية. ومكاييلهم القفيز ثلاثون منا، والمكوك خمسة امناء، والكيلجة منوان، ورطلهم نصف المن. ونقودهم بالوزن غير أن سنجهم أشف من الخراسانية. من رسومهم التجمل والتطيلس يكثرون التنعل وتسطيل العمائم ولبس الشروب أقل ما يقورون الطيالسة. وإذا كان بوقت حمل التمر الحديث إلى واسط نظر أول سفينة تصل فيزين لها ذلك البيع الشط إلى دكانه بالأنماط والستور. ويجعلون على جنائز النساء قباباً عالية وحشةً. وللهراسين مواضع فوق دكاكينهم فيها الحصر والموائد والمري خدام وطشوت وأباريق وأشنان، فإذا انحدر الرجل دفع دانقاً. وإذا كان أول البنفسج داروا به في الأسواف وتجملوا عليه. وعلى أبواب الجامع مياضيء بالكرى. ويلبس الخطباء الأقبية والمناطق ولا يطربون في الأذان ولهم رسوم كثيرة حسان.

وأكثر مياههم ماء دجلة والفرات والزاب والنهروانات ومنها سقي مزارعهم، والماء بالبصرة ضيق لأنه يحمل في السفن من الأبلة، وأما الماء الملاصق لها فغيرحلو ولا طيب ويقال فيه ثلثه ماء البحر وثلثه ماء الجزر وثلثه ماخ الحجر لأن الماء إذا جزر شمرت شطوط الأنهار فبلذ الناس عليها ثم يقبل المد فيحمل تلك البلاذات. وإذا هبت الجنوب سخن الماء. تقع عصبإت وحشة بالبصرة بين الربعيين وهم شيعة وبين السعديين وهم سنة، ويدخل فيها أهل الرساتيق، وقل بلد إلا وبه عصبيات على غير المذهب. والمشاهد به كثيرة بكوثا ولد ابراهيم واوقدت ناره، وبالكوفة بنى نوح سفينته وفارتنوره، وثم آثارات علي وقبره وقبرالحسين ومقتله. وبالبصرة قبر طلحة وزبير وأخي النبي والحسن البصري وأنس بن مالك وعمران بن حصين وسفيان الثوري ومالك بن دينار وعتبة الغلام ومحمد بن واسع وصالح المري وأيوب السختياني وسهل التستري ورابعة العدوية وثم قبر ابن سالم. وببغداد قبر أبي حنيفة قد بنى عليه أبو جعفر الزمام صفة، وقبر إلى جانبه خلف سوق يحيى وقبر أبي يوسف في مقبرة قريش وقبرأحمد بن حنبل ومعروف الكرخي وبشر الحافي وغيرهم. وقبر سلمان بالمداين، وبالكوفة قبر نبي أظنه يونس عليه السلام. وفي أخلاقهم وطاءٌ وهم أهل الظرف غير أن العيارين إذا تحركوا ببغداد هلكوا والفساد كثير، وبالبصرة صالحون وزهاد وورعون ومستورون ويؤخرون الظهر ويعجلون العصر ويستقرون بالجامع ليجتمع الناس من الأطراف ويخطب الإمام كل غداة ويدعو، قالوا هي سنة ابن عباس رضي الله عنه. وأما الولايات فهي مستقر خلفاء ولد العباس رضي الله عنه وكان أبداً الأمر أمرهم حتى ضعفوا وغلب عليهم الديلم والآن لا يرون ولا يلتفت إلى رأيهم. فأولهم كان أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن العباس، بويع له سنة 132 ومات سنة 36 بالأنبار، وكان قاضيه يحيى بن سعيد الأنصاري. ثم بويع للمنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد سنة 136 ومات سنة 158، وكان قاضيه عبيد الله بن صفوان وشريك والحسن بن عمارة. ثم جلس بعده المهدي أبو عبد الله بن المنصور سنة 158، وكان قاضيه محمد بن عبد الله بن علاقة وعافية ابن يزيد توفي سنة 169. وبويع للهادي أبي محمد موسى بن المهدي، وكان قاضيه أبو يوسف وسعيد بن عبد الرحمن توفي سنة 70. وجلس بعده الرشيد أبو جعفر هرون بن المهدي ليلة الجمعة رابع عشر ربيع الأول سنة 170، قاضيه الحسين بن الحسن الصوفي ثم عون بن عبد الله المسعودي وحفص بن غياث مات بطوس سنة 193. فبويع الأمين محمد ابنه لسبع خلون من جمادي الآخرة سنة 193 ثم خرج إليه أخوه المأمون فقتله وبويع له سنة 198، قضاته الواقدي ومحمد بن عبد الرحمان المخزومي ثم بشر بن الوليد ثم يحيى بن أكثم وتوفي سنة 218 بطرسوس. وبويع لأبي إسحاق محمد بن الرشيد المعتصم، قاضية أحمد بن أبي دوأد ومات سنة 227. ثم بويع لأبنه أبي جعفر هرون، قاضيه أحمد بن أبي دوأد توفي سنة 232. فبويع لأخيه أبي الفضل جعفر المتوكل، قاضيه جعفربن عبد الواحد الهاشمي وتوفي سنة 247. فبويع لأبنه المنتصر أبي جعفر محمد، قاضيه جعفر بن عبد الواحد توفي سنة 248. ثم بويع لأبنه أبي العباس أحمد المستعين، قاضيه جعفربن محمد ابن عمار، ثم خلع نفسه بعد ثلاث سنين وثمانية أشهر. وبويع للمعتز بن المتوكل، قاضيه الحسن بن محمد بن أبي الشوارب. ثم بويع للمعتمد أبي العباس أحمد بن المتوكل سنة 56، قاضيه ابن أبي الشوارب ومات سنة 79. ثم بويع لأبنه أبي العباس أحمد بن أبي أحمد المعتضد، قاضيه إسماعيل بن إسحاق ويوسف بن يعقوب وابن أبي الشوارب توفي سنة 89. ثم بويع ابنه أبو محمد علي المكتفي، قاضيه يوسف بن يعقوب وابنه محمد توفي سنة95. ثم بويع ابنه أبو الفضل جعفر المقتدر بالله، قاضيه محمد بن يوسف بن يعقوب ثم ابنه يوسف ثم يعقوب أبو عمرو قتل سنة 320. ثم جلس القاهر سنة وستة أشهر ثم الراضي سبع سنين وعشرة أيام ثم المتقي ثلاث سنين واحد عشر شهراً. ثم المستكفي سنة 333، قاضيه أبو عبد الله ابن أبي موسى الضرير ثم كحل سنة 334. واجلسوا المطيع أبا القاسم الفضل، وكل هؤلاء أبناء المعتضد، فبقي له الأمر إلى سنة 363. ثم خلع نفسه وأجلس إبنه عبد الكريم أبا بكر الطائع، قاضيه أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف. وأول من أستولى من الديلم أبو الحسن ابن

بويه ثم إبنه بختيار ثم عضد الدولة ثم إبنه بلكارزار ثم إبنه الأكبر أبو الفوارس. وأما الخراج فاعلم أن جربان هذا الإقليم ستة وثلاثون ألف ألف جريب، على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمان، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، هذا ما قدره عمر وختم على خمسمائة ألف من الجوالي، فبلغ جباية السواد مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم. ثم جبا عمر بن عبد العزيز مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم. وجبا الحجاج ثمانية عشر ألف ألف ليس فيها مائة ألف ألف. وأما البصرة والكوفة فعشرية. وقرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة أن إثمان غوال السواد ستة وثمانون ألف ألف وسبعمائة ألف وثمانون ألف درهم، ومن أبواب المال بالسواد أربعة آلاف ألف وثمانية آلاف درهم، وخراج دجلة ثمانية آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم. والعراق يفصل بالطساسيج وهي ستون، لكورة حلوان خمسة ولشاذقباذ ثمانية ولبرماسيان ثلاثة ولبهقباذ لأعلى ستة وللأوسط أربعة ولاردشير بابكان خمسة ولشاذسابور أربعة ولشاذبهمن أربعة ولاستان العال أربعة ولبهقباذ الأسفل خمسة ولشاذهرمز سبعة وللنهروانات خمسة. وأما الضرائب فثقيلة كثيرة محدثة في النهر والبر، وفي البصرة تفتش صعب وشوكات منكرة وكذلك بالبطائح تقوم الأمتعة وتفتش. وأما القرامطة فلهم ديوان على باب البصرة وللديلم ديوان آخر حتى إنه يؤخذ على الغنمة الواحدة أربعة دراهم ولا يفتح إلا ساعة من النهار. وإذا رجع الحاج مكسوا أحمال الآدم والجمال الأعرابية، وكذلك بالكوفة وبغداد، ويؤخذ من الحاج للمحمل ستون ومن الكنيسة أو حمل البز مائة ومن العمارية خمسون، ومائة بالبصرة والكوفة. ومساحة العراق طولاً من البحر إلى السن مائة فرسخ وخمسة وعشرون، وعرضه من العذيب إلى عقبة حلوان ثمانون، فإذا كسرته كان عشرة آلاف فرسخ. وأما المسافات فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة ثم إلى القصر مرحلة ثم إلى حمام ابن عمر مرحلة ثم إلى الكوفة مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى المداين مرحلة ثم إلى السيب مرحلة ثم إلى دير العاقول مرحلة ثم إلى جرجرايا مرحلة ثم إلى النعمانية مرحلة ثم إلى جبل مرحلة ثم إلى نهر سابس مرحلة ثم إلى مطارة بريدين ثم إلى الحارله مثلها ثم إلى الإسحاقية مرحلة ثم إلى المحراقة بريدين ثم إلى الحدادية مثلها ثم إلى ترمانة مرحلة ثم إلى واسط مرحلة. وإن شئت فخذ من الحدادية إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى واسط بريدين. ومن المحراقة إلى الجامدة بريدين ومن الحدادية إلى الصليق بريدين. وتأخذ من البصرة إلى الأبلة بريدين ثم إلى بيان مرحلة ثم إلى عبادان مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى السيلحين بريدين ثم إلى الأنبار مرحلة ثم إلى الربّ مرحلة ثم إلى هيت مرحلتين. وتأخذ من بغداد إلى البردان بريدين ثم إلى عكبرا مرحلة ثم إلى باحمشا نصف مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة ثم إلى الكرخ مرحلة ثم إلى جبلتا مرحلة ثم إلى السودقانية مثلها ثم إلى بارما مثلها ثم إلى السن مثلها. وتأخذ من بغداد إلى النهروان بريدين ثم إلى دير بازما مثلها ثم إلى الدسكرة مرحلة ثم إلى جلولا مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من هيت إلى الناؤوسة مرحلة ثم إلى عانة مرحلة ثم إلى آلوسة مرحلة ثم إلى الفحيمة مرحلة ثم إلى الحديثة مرحلة ثم إلى النهية مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى ماذرواستان بريدين ثم إلى المرج مرحلة ثم إلى قصريزيد بريدين ثم إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى قصر عمرو مرحلة ثم إلى قرماسين نصف مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى قصر شيرين مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من الأبلة إلى الخزية مرحلة في الماء ومن الأبلة إلى نهردبا مرحلة ثم إلى فم العضدي مرحلة وعسكر أبي جعفر بازاء الأبلة يعبر إليه. وسميص واسط لأن منها إلى بغداد أو إلى الكوفة أو إلى البصرة أو إلى حلوان أو إلى الأهواز خمسين خمسين فرسخاً، وليست وسط العراق إنما وسطه دير العاقول، والطريق من الكوفة.يه ثم إبنه بختيار ثم عضد الدولة ثم إبنه بلكارزار ثم إبنه الأكبر أبو الفوارس. وأما الخراج فاعلم أن جربان هذا الإقليم ستة وثلاثون ألف ألف جريب، على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمان، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، هذا ما قدره عمر وختم على خمسمائة ألف من الجوالي، فبلغ جباية السواد مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم. ثم جبا عمر بن عبد العزيز مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم. وجبا الحجاج ثمانية عشر ألف ألف ليس فيها مائة ألف ألف. وأما البصرة والكوفة فعشرية. وقرأت في كتاب بخزانة عضد الدولة أن إثمان غوال السواد ستة وثمانون ألف ألف وسبعمائة ألف وثمانون ألف درهم، ومن أبواب المال بالسواد أربعة آلاف ألف وثمانية آلاف درهم، وخراج دجلة ثمانية آلاف ألف وخمسمائة ألف درهم. والعراق يفصل بالطساسيج وهي ستون، لكورة حلوان خمسة ولشاذقباذ ثمانية ولبرماسيان ثلاثة ولبهقباذ لأعلى ستة وللأوسط أربعة ولاردشير بابكان خمسة ولشاذسابور أربعة ولشاذبهمن أربعة ولاستان العال أربعة ولبهقباذ الأسفل خمسة ولشاذهرمز سبعة وللنهروانات خمسة. وأما الضرائب فثقيلة كثيرة محدثة في النهر والبر، وفي البصرة تفتش صعب وشوكات منكرة وكذلك بالبطائح تقوم الأمتعة وتفتش. وأما القرامطة فلهم ديوان على باب البصرة وللديلم ديوان آخر حتى إنه يؤخذ على الغنمة الواحدة أربعة دراهم ولا يفتح إلا ساعة من النهار. وإذا رجع الحاج مكسوا أحمال الآدم والجمال الأعرابية، وكذلك بالكوفة وبغداد، ويؤخذ من الحاج للمحمل ستون ومن الكنيسة أو حمل البز مائة ومن العمارية خمسون، ومائة بالبصرة والكوفة. ومساحة العراق طولاً من البحر إلى السن مائة فرسخ وخمسة وعشرون، وعرضه من العذيب إلى عقبة حلوان ثمانون، فإذا كسرته كان عشرة آلاف فرسخ. وأما المسافات فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة ثم إلى القصر مرحلة ثم إلى حمام ابن عمر مرحلة ثم إلى الكوفة مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى المداين مرحلة ثم إلى السيب مرحلة ثم إلى دير العاقول مرحلة ثم إلى جرجرايا مرحلة ثم إلى النعمانية مرحلة ثم إلى جبل مرحلة ثم إلى نهر سابس مرحلة ثم إلى مطارة بريدين ثم إلى الحارله مثلها ثم إلى الإسحاقية مرحلة ثم إلى المحراقة بريدين ثم إلى الحدادية مثلها ثم إلى ترمانة مرحلة ثم إلى واسط مرحلة. وإن شئت فخذ من الحدادية إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى واسط بريدين. ومن المحراقة إلى الجامدة بريدين ومن الحدادية إلى الصليق بريدين. وتأخذ من البصرة إلى الأبلة بريدين ثم إلى بيان مرحلة ثم إلى عبادان مرحلة. وتأخذ من بغداد إلى السيلحين بريدين ثم إلى الأنبار مرحلة ثم إلى الربّ مرحلة ثم إلى هيت مرحلتين. وتأخذ من بغداد إلى البردان بريدين ثم إلى عكبرا مرحلة ثم إلى باحمشا نصف مرحلة ثم إلى القادسية مرحلة ثم إلى الكرخ مرحلة ثم إلى جبلتا مرحلة ثم إلى السودقانية مثلها ثم إلى بارما مثلها ثم إلى السن مثلها. وتأخذ من بغداد إلى النهروان بريدين ثم إلى دير بازما مثلها ثم إلى الدسكرة مرحلة ثم إلى جلولا مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من هيت إلى الناؤوسة مرحلة ثم إلى عانة مرحلة ثم إلى آلوسة مرحلة ثم إلى الفحيمة مرحلة ثم إلى الحديثة مرحلة ثم إلى النهية مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى ماذرواستان بريدين ثم إلى المرج مرحلة ثم إلى قصريزيد بريدين ثم إلى الزبيدية مرحلة ثم إلى قصر عمرو مرحلة ثم إلى قرماسين نصف مرحلة. وتأخذ من حلوان إلى قصر شيرين مرحلة ثم إلى خانقين مرحلة. وتأخذ من الأبلة إلى الخزية مرحلة في الماء ومن الأبلة إلى نهردبا مرحلة ثم إلى فم العضدي مرحلة وعسكر أبي جعفر بازاء الأبلة يعبر إليه. وسميص واسط لأن منها إلى بغداد أو إلى الكوفة أو إلى البصرة أو إلى حلوان أو إلى الأهواز خمسين خمسين فرسخاً، وليست وسط العراق إنما وسطه دير العاقول، والطريق من الكوفة.

=========

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الأول، أقاليم العرب/إقليم آقور

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم‏ | ذكر مملكة الإسلام‏ | الجزء الأول، أقاليم العرب

إقليم آقور

هذا ايضاً إقليم نفيس، ثم له فضل لأن به مشاهد الأنبياء ومنازل الأولياء، به استقرت سفينة نوح على الجودي وبه سكن أهلها، وبنوا مدينة ثمانين وبه تاب الله على قوم يونس وأخرج منه العين، ومنه دخل الظلمات ذو القرنين، وبه كانت عجائب جرجيس مع داذيانه، وفيه أنبت الله تعالى ليونس اليقطينة، ومنه خرج نهر الملة المبارك المذكور دجلة، أليس به مسجد يونس بتل توبة يقولون سبع زورات له يعدلن حجةً مع مشاهد كثيرة وفضائل جمة، ثم هو ثغر من ثغور المسلمين ومعقل من معاقلهم لأن آمد اليوم دار جهادهم والموصل من أجل انضادهم. وجزيرة ابن عمر أحد منازههم، ومع ذلك هو واسطة بين العراق والشام ومنازل العرب في الإسلام. ومعدن الخيل العتاق، ومنه ميرة أكثر العراق. رخيص الاسعار جيد الثمار ومعدن الأخيار. أخبرنا الحاكم أبو نصر منصور بن محمد الحربي محتسب بخارا، قال: حدثنا الهيثم بن كليب، قال: حدثنا أبو يعلى الحسن بن اسماعيل وأبوسليمان محمد بن منصور الفقيه، قالا: حدثنا اسماعيل هو ابن أبي أويسٍ، قال: حدثني كثيربن عبد الله عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله ﷺ أربعة أجبل من جبال الجنة وأربعة أنهار من أنهار الجنة وأربعة ملاحم من ملاحم الجنة، قيل ما الأجبل، قال: أحدٌ يحبنا ونحبه، ومجنة جبل من جبال الجنة، والطور جبل من جبال الجنة. والأنهار النيل والفرات وسيحان وجيحان. والملاحم بدر وأحد والخندق وحنين. والفرات يتقوس على هذا الإقليم وله هذا الفضل، ودجلة ينبع منه ولها الذكر. وبه النعم والمشاهد والثغور والمساجد، إلا أنه بيت الذعار والطريق فيه صعبة، وقد خربت الروم ثغوره. وهذا مثاله وشكله. وقد قسمنا هذا الاقليم على بطون العرب لتعرف ديارهم وتميزها وجعلناه ثلاث كور على على عدة بطونهم، أولها من قبل العراق ديار ربيعة ثم ديار مضر ثم ديار بكر وبه أربع نواحٍ. وأما ديار ربيعة فقصبتها الموصل ومن مدنها: الحديثة، معلثاى، الحسنية، تلعفر، سنجار، الجبال، بلد، أذرمة، برقعيد، نصيبين، دارا، كفرتوثا، رأس العين، ثمانين، وأما ناحيتها فجزيرة آبن غمر ومدنها: فيشابور، باعيناثا، المغيثة، الزوزان. وأما ديار مضر فقصبتها الرقة ومن مدنها: المحترقة، الرافقة، خانوقة، الحريش، تل محرى، باجروان، حصن مسلمة، ترعوز، حران، الرها. والناحية سروج، كفرزاب، كفرسيرين. وأما ديار بكر فقصبتها آمد ومن مدنها: ميافارقين، تل فافان، حصن كيفا، الفار، حاذية، وغيرهن. ومدن الفراتية أكبرهن رحبة ابن طوق، قرقيسيا، عانة، الدالية، الحديثة. ومدن الخابور قصبتها عرايان ومن مدنها: الحصين، الشمسينية، ميكسين، سكير العباس، الخيشة، السكينية، التنانير.

الموصل

هومصرهذا الإقليم بلد جليل حسن البناء طيب الهواء صحيح الماء، كبير الاسم قديم الرسم، حسن الأسواق والفنادق، كثير الملوك والمشايخ لا يخلو من أسناد عالٍ وفقيه مذكور. منها ميرة بغداد وإليه قوافل الرحاب، وله منازه خصائص وثمار حسنة وحمامات سرية ودور بهية ولحوم جيدة وأمور جامعة، غير أن البساتين بعيدة وريح الجنوب مؤذية وماء النهر بعيد المستقى. والبلد شبه طيلسان مثل البصرة ليس بالكبير، في ثلثه شبه حصن يسمى المربعة على نهر زبيدة ويعرف بسوق الأربعاء داخله فضاء واسع به يجتمع الأكرة والحواصيد، على كل ركن فندق وبين الجامع والشط رمية سهم على نشزة يصعد إليه بدرج من نحو الشط ودرجه من قبل الأسواق أقل، كله آزاجات من حجارة باناط، ووجه المغطى بلا أبواب وأكثر الأسواق مغطاة، والآبار مالحة وشربهم من دجلة ومن نهر زبيدة. من دروبه درب دير الأعلى باصلوت درب الجصاصين درب بني ميدة درب الجصاصة درب رحى أمير المؤمنين درب الدباغين درب جميل. والبلد على الشط، وقصر الخليفة على نصف فرسخ من الجانب الآخر عند نونوى القديمة.

وكان اسم الموصل خولان فلما وصل العرب بها عمارتهم ومصروها سميت الموصل.

نونوى

بقرب الموصل وهي مدينة يونس بن متى، عليها حصن قد أقلبه الريح، وهي الآن مزارع على جانب منها نهر الخوصر.

مر جهينة

على دجلة من نحو الموصل ومن نحو العراق، كثيره أبراج الحمام، والحصن من جص وحجر، والجامع وسط البلد.

الحديثة

على دجلة أيضاً عند جرف يصعد إليها بدرج والجامع قرب الشط طيلسان بنيانهم طين والجامع وهي شرقية.

معلثايا

من نحو آمد صغيرة كثيرة البساتين على نهر بنيانهم طين والجامع على تل.

الحسنية

على نهر يقبل من أرمية وهو الذي عليه قنطرة سنجة، والجامع وسط البلد والنهر على جانب.

ثمانين

مدينة على نهر غزير يقبل من أرمينية تحت الجودي، وحدثنا أبو سعيد بن حمدان، قال: حدثنا أبو حامد الجلودي، قال: حدثنا أبو هانئ، قال: قرأ أبي علي عبد المنعم بن ادريس عن أبيه عن وهب بن منبه، قال: لما خرج نوح من السفينة بنى قرية وسماها ثمانين وكانت أول قرية بعد الطوفان بناها نوح بعددهم لكل رجل ممن معه بيتاً، فهي أول مدينة بنيت بالجزيرة

جزيرة ابن عمر

بلد كبير، يدور عليه الماء من ثلاثة جوانب ودجلة بينها وبين الجبل، وهي طيبة نزيهة بناؤهم حجارة شرقي دجلة وحلة في الشتاء.

باعيناثا

نزهة. طيبة، وهي خمس وعشرون محلة يتخللها البساتين والمياه، ليس مثلها بالعراق مع رفق ورخص.

بلد

غزير الدخلة كثيرة القصور حسنة البنيان من جص وحجر، فرجة الأشواق والجامع وسط البلد.

أذرمة

صغيرة في البرية، شربهم من آبار وبنيانهم قباب، وبرقعيد كذلك إلا إنها أكبر.

نصيبين

هي أنزه وأصغر وأرحب من الموصل، كثيرة الفواكه بها حمامات حسنة وقصور منيفة، ولهم يسار ولباقة، سوقها من الباب إلى الباب، عليها حصن من حجر وكلس، والجامع وسط البلد، ونعوذ بالله من عقاربها.

دارا

صغيرة طيبة، لهم قناة تعم البلد وتجري فوق السطوح وتقر في الجامع ثم تنحدر إلى وادٍ، بنيانهم حجارة سود وكلس.

سنجار

في مفازة بها نخل كثير، كثيرة الأساكفة، الجامع فيهم، شربهم من ضهر عذيبي وعيون كثيرة،

رأس العين

في سهلة أسفلها متخرق بالماء يتفجرعيوناً، ولهم بحيرة صغيرة رأس الماء نحو من قامتين، زلال يطرح الدرهم فلا يخفي في أسفله، بنيانهم حجارة وجصٌ، ولهم بساتين ومزارع، ويقع إليها ثلاثمائة وستون عيناً عذبة تمد إلى الرقة.

آمد

بلد حصين حسن عجيب البناء على عمل إنطاكية، بفصيل شبه كرسي له أبواب وعليه شرف، بينه وبين الحصن فضاءٌ، وهي أصغر من إنطاكية بحجارة سود صلبة وكذلك أساسات الدور، وفيها عيون غربي دجلة رحبة طيبة، ثغر للمسلمين وحصن حصين، الجامع وسط البلد، لها خمسة أبواب باب الماء وباب الجبل وباب الروم وباب التل وباب أنس، صغير يحتاج إليه وقت الحرب، وبعض الحصن على الجبل ولا أعرف للمسلمين اليوم بلداً أحصن ولا ثغراً أجل منها.

ميافارقين

بلد طيب حصين له شرف وفصيل بحجارة وخندق، قليلة العلم والبساتين، شربهم من عيون ونهر وحلة في الشتاء بليذة هي كنيف الإقليم.

الجبال

حصينة بها قلعة وربض، فيه الجامع على طرفٍ، شربهم من قنى عذيبية، وبناؤهم من حجر وطين وسورهم غير منيع.

تل فافان

من ناحية الجبل بين دجلة ورزم، حولها بساتين والأسعار بها رخيصة، وأسواقها مغطاة، بناوهم طين.

حصن كيفا

كثيرة الخير، وبها قلعة حصينة وكنائس كثيرة، شربهم من دجلة. والفار وحاذية دونهن.

 

فهذا ما عرفنا من مدن هذه الكورة، وفي بدليس كلام واختلاف نذكره في إقليم الرحاب.

 

الرقة

قصبة ديار مضر على الفرات بحصن عريض يسيرعلى متنه فارسان، غيركبيرة، ولها بابان، غير أنها طيبة نزهة قديمة الخطة حسنة الأسواق كثيرة القرى والبساتين والخيرات ومعدن الصابون الجيد والزيتون، ولها جامع عجيب، وحمامات طيبة، قد ظللت أسواقها وبربقت قصورها وانتشر في الإقليمين ذكرها، فالشام على تخمها والفرات إلى جنبها والعلم كثير بها، إلا أن الأعراب بها محيطة والطرق إليها صعبة. والرقة المحترقة قريبة منها قد خفت وخربت الرافقة هي ربض الرقة، الجامع في الصاغة وجامع الرقة في البزازين فيه شجرتا عناب وشجرة توت، وبالقرب مسجد معلق على عمود.

حران

مدينة نزيهة وعليها حصن من حجارة على عمل إيليا في حسن البناء بها قناة لا يعلم من أين تقبل، والجامع متطرفٌ، وسقي مزارعهم من آبار وهي جيدة الأقطان، وبصحة موازينهم تضرب الأمثال.

الرها

على عمل الطيب محصنة، والجامع على طرف شعث، وبها كنيسة عجيبة بازاج ملبسة بالفسافساء هي أحد عجائب الدنيا. وأما ناحية الخابور فقصبتها عرابان وهي تل رفيع، حولها بساتين والأسعار بها رخيصة ولهم مزارع كثيرة، وسائر المدن رحبة. وناحية الفرات أجلها

الرحبة

مدينة كبيرة من نحو البادية طيلسان، ولها حصن وربض. وبقية المدن من جانب البادية عامرات.

جمل شؤون هذا الإقليم

أما الهواء والرسوم فمقاربة للشام مشابهة للعراق، وبه مواضع حارة، وبه نخيل مثل سنجار ومدن الفرات، وكورة آمد باردة لقربها من الجبال واصح بلدانة هواءً الموصل. وأكثر بنيانهم الحجارة ولا أعرف به ماءً ردياً ولا وادياً وبياً ولا طعاماً لا تجده مرياً. وليس به مجوس ومعدن الصابئين بالرها وحران في جميع المملكة. وليس فيه بحيرة ولا يتصل ببحر ولا للمذكرين به صيت ولا للرزق به سوق.

ومذاهبهم سنة وجماعة إلا عانة فإنها كثيرة المعتزلة ولا ترى في الرأي غير مذهب أبي حنيفة والشافعي وفيه حنابلة وجلبة للشيعة، لم تقسم الأهواء قلوبهم ولا يتعاطى الكلام فقهاؤهم يختارون قراءة عبد الله بن عامر. واتفق حرب البجاة مع الحبوش وقت كوني بزبيد، فاستخلفني القاضي اصلي بهم العشائين، فقال لي يوماً القوم لك شاكرون وأنا لك لائم، قلت: على ماذا أيد الله القاضي، قال: أنت رجل تتفقه لأهل الكوفة فلم لا تقرأ بحروفهم وما الذي أمالك إلى قراءة ابن عامر، قلت: خلال أربع، قال: وماهن، قدت: أما الأولى فإن ابن مجاهد روى عن ابن عامر ثلاث روايات إحداهن أنه قرأ على عثمان بن عفان، والثانية أنه سمع القرآن من عثمان وهو صبي، والثالثة أنه قرأ على من قرأ على عثمان وليس هذا لغيره من أئمة القراء، بل بين كل واحد وبين علي وعبد الله وأبى وابن عباس رجلان أو ثلاثة، فمن بينه وبين عثمان الذي قد اجمع المسلمون على مصحفة واتفقوا على جمعه وتداولوه رجل أحق بأن يقرأ له ممن بينه وبين من لا يستعمل جمعه ولا وقع الإتفاق على مصحفه رجلان وثلاثة وايضاً رأيت المصاحف القديمة بالشام ومصر والحجاز المنسوبة إلى عثمان فإذا هي لا تخالف حروف ابن عامر في شيء. والخلة الثانية رأيت قراءة ابن عامر قياسية، إذا استعمل التاء أو التثقيل في موضع أجراه في جميع النظائر، وغيره يقول في سورة كذا بالتاء وفي سورة كذا بالياء وفي موضع سداً وموضع آخر سدًا وخراجاً وخرجاً وكرهاً وكرهاً وأمثال هذا كثير، وكنت رجلاً قد اردت التففه فرايتها علي أهون وإلى طريقة الفقه أقرب. والخلة الثالثة رأيت بقية القراء قد اختلفت عنهم الروايات من ثلاث إلى ثلاثين، وابن عامر لم يرو عنه إلا يحيى حسب وإنما وقع الإختلاف عن يحيى لأن ابن ذكوان وهشام بن عمار قرءا على يحيى، فعلمت أنه كان متقناً على يقين من قراءته. والرابعة إني رجل شامي وقد فارقتهم في المذهب فلم أحب أن أفارقهم في المقرأ بعد ما صح الرجحان عندي. فقال القاضي لله درك يابا عبد الله ما أحسن ما أتيت به، ولقد جلت هذه القراءة عندي بعد ما كنت فيها من الزاهدين. فان قال خصم أوليس قد ناقض ابن عامر في غيرموضع اجبناه لو لم يناقض لزهدنا في قراءته وظننا به الظنون، لأن القراءات لا تؤخذ بالقياس فلما ناقضنا علمنا أنه متبع وناقل إلا أن نقله وافق القياس. فإن قال أوليس قد طعن فيه السلف ولحنوه في حروف اجبناه أن أحداً من أئمة القراء لم يسلم من الطعن، الا ترى أنهم قد طعنوا على عاصم وحمزة في ضعف وعلى أبي عمرو في ننسأها وفي هذين وقد احتج الكبراء للجميع وصوبوا مذاهبهم، ولا يطعن في الأئمة إلا جاهل. فإن قال ابن عامر مجهول وقراءته غيرمشهورة جبناه لو كان ابن عامر بالحجاز أو بالعراق ما جهل ولا شذت قراءته، لكنه لما كان بمصر متطرفاً قل الواردون عليه والناقلون عنه، الا ترى أن الأوزاعي كان من أئمة الفقه وقد بطل مذهبه لهذا المعنى، فلوكانا على سابلة الحاج لنقل مذهبيهما أهل الشرق والغرب. فإن قال الست ممن لقي مشايخ العلم والورع وأكثرهم ينهون عن التجريد ويختارون قراءة العامة اجبناه بلى، لكني لما سافرت وشاهدت أئمة المقرئين أحببت التلاوة عليهم وأخذ الفوائد منهم، فكنت إذا قرأت بالجائز هونوا امري وأحالوني على تلاميذهم فإذا جردت أقبلوا علي. والمياه واسعة أكثرها من دجلة والفرات والخابور وهو نهر من عيون تجتمع وتصب إلى الفرات، وأما أصل دجلة العراق فإنها تخرج من تحت كهف الظلمات ماءً أخضر ثم تلقاها عدة أنهار الى الزاب، وأول مبدأها لا تدير أكثر من رحا واحدة أول مايختلط بها نهر الذيب ثم الرمس ثم المسوليات ثم تبر الكاروخة ثم سربط ثم عين تل فافان ثم نهر الرزب ثم الزاب ثم أنت في العراق، ويقال الفرات مبارك ودجلة ملعونة. وبه تجارات ترتفع من الموصل الحبوب والعسل النمكسود والفحم والشحوم والجبن والمن والسماق وحب الرمان والقير والحديد والأسطال والسكاكين والنشاب والطريخ الفائق والسلاسل. ومن سنجار فرك اللوز وحب رمان والقصب والسماق. ومن نصيبين شاه بلوط وهو شيء أكبر من البندق وأطيب ليس بمدور والفواكه المقددة والموازين والدوايات والكواذين. ومن الرقة الصابون والزيت والأقلام. ومن حران القبيط وعسل النحل في أدنن والقطن والموازين. ومن الجزيرة الجوز

واللوز والسمن والخيل الجياد. ومن الحسنية الجبن والقبج والجواجيق والشواريز والفواكه المقددة والزبيب. ومن معلثايا الألبان والفحم والأعناب والفواكه الرطبة والشاهدانق والقنب والنمكسود. ومن بلد اللبأ في القدور في الزواريق القدر بخمس دوانيق امناءٍ. ومن الرحبة السفرجل الفائق الرائق. ومن آمد ثياب الصوف والكتان الرومية على عمل الصقلي وخصائص هذا الإقليم الخيل والصابون والسلاسل والسيور وقبيط حران وقطنها وموازينها. وأما مكاييلهم فلهم المد والمكوك والقفيز والكارة، فالمكوك خمسة عشر رطلاً، والمد ربعه، والكار مائتان وأربعون رطلاً، والقفيز ربعها، والمكوك ربع القفيز، وأرطالهم بغدادية، وفرقهم بغدادي ستة وثلاثون رطلاً.وز والسمن والخيل الجياد. ومن الحسنية الجبن والقبج والجواجيق والشواريز والفواكه المقددة والزبيب. ومن معلثايا الألبان والفحم والأعناب والفواكه الرطبة والشاهدانق والقنب والنمكسود. ومن بلد اللبأ في القدور في الزواريق القدر بخمس دوانيق امناءٍ. ومن الرحبة السفرجل الفائق الرائق. ومن آمد ثياب الصوف والكتان الرومية على عمل الصقلي وخصائص هذا الإقليم الخيل والصابون والسلاسل والسيور وقبيط حران وقطنها وموازينها. وأما مكاييلهم فلهم المد والمكوك والقفيز والكارة، فالمكوك خمسة عشر رطلاً، والمد ربعه، والكار مائتان وأربعون رطلاً، والقفيز ربعها، والمكوك ربع القفيز، وأرطالهم بغدادية، وفرقهم بغدادي ستة وثلاثون رطلاً.

ولغتهم لغة حسنة أصح من لغة الشام لأنهم عرب، أحسنها الموصلية وهم أحسن وجوهاً وهي أصح هواءً من سائر الإقليم وقد جمعت أكثر القبائل أكثرهم حارثيون.

ولهم مشاهد ثم بسواد الموصل مسجد يونس وآثاره عند نونوى القديمة موضع يسمى تل توبة، على رأسه مسجد ودور للمجاورين بنته جميلة ابنة ناصر الدولة، وأوقفت عليه أوقافاً جليلة، يزعمون أن سبع زورات يعدلن حجة، يقصد ليالي الجمع، وهو الموضع الذي خرج إليه قوم يونس لما ايقنوا بالعذاب، وعلى نصف فرسخ منه عين يونس، وبظاهر بلد عين يزعمون أن يونس خرج منها يستشفى بمائها من البرص، وثم له مسجد وموضع شجرة اليقطين. على فرسخ من ميافارقين دير توما فيه جسد قائم يزعمون أنه من الحواريين يابس. رباط ذي القرنين على طريق الرحاب حصين عامر تحته كهف الظلمات التي دخلها ذو القرنين، وحرص مسلمة بن عبد الملك في دخولها واستعد المشاعل والشموع فانطفأت ورجع. ومن العجائب بنصميبين عين ينبع منها كلس أبيض يستعملونه كما يستعمل في الحمامات والدور. بأرض الموصل ديرالكلب يحمل إليه من عضة كلب عقور فيقيم عند رهبانه خمسين يوماً فيبرأ بإذن الله تعالى. وبهذا الرستاق عين من شرب منها مات بعد ثلاثة أيام. على بريد من الموصل قرية باعشيقابها نبت من قلعه وبه بواسير أو خنازير سقطت عنه، فإن بعث من به هاتان العلتان رجلا بدرهم ومسلة إلى قوم ثم يتوارثونها فحملها أحدهم إلى ذلك النبت فقلعه على اسم صاحب العلة بريء، ولو كان بالشاش، ويستنفع الرجل بالدرهم. وكان يقال عجائب الدنيا ثلاث: منارة الاسكندرية، وقنطرة سنجة، وكنيسة الرها. فلما بني المسجد الأقصى جعل بدل الكنيسة، فلما هدمته الزلزلة جعل موضعه جامع دمشق، وهذه القنطرة على خمسة فراسخ من جبل الجودي، كبيرة شاهقة متصلة بالجبل على حجر مخوخ مركبة إذا زاد عليها الماء اهتزت. ويجب أن نذكر أسباب القسطنطينية لأن للمسلمين بها داراً يجتمعون فيها ويظهرون الإسلام بها، وقد كثر الأختلاف والكذب فيها وأمر البلد ومساحته وبنيانه، فرأيت أن أصور ذلك للعيون واوضحه للقلوب وأذكر الطرق إليها لحاجة المسلمين إلى ذلك وقصدهم في شراء الأساري والرسالات والغزو والتجارات. أعلم أن مسلمة بن عبد الملك لما غزا بلد الروم ودخل هذا المصر، شرط على كلب الروم بناء دار بازاء قصره في الميدان ينزلها الوجوه والأشراف إذا أسروا ليكونوا تحت كنفه، وتعاهده فأجابه إلى ذلك وبنى دار البلاط، والبلاط خلف الميدان يصنع به الديباج الملكي. فالقسطنطينية تكون في العظم مثل البصرة أو أصغر، بناؤهم حجر وهي محصنة كسائر البلدان منيعة بحصن واحد لا غير. والبحر من جانب على حافته الميدان ودار البلاط ودار الملك على صف، والميدان بين الدارين، أبوابها متقابلة في وسط الميدان دكة بدرج، ولا يسكن دار البلاط من المسلمين إلا وجيه في إجراءٍ وتعاهد وتنزه. وسائر الأساري من عامة المسلمين يستعبدون ويستعملون في الصنائع، فالحازم. الذي إذا سئل عن صنعته لم يقر بها وربما اتجر الأساري بينهم وأنتفعوا، ولا يكرهون أحداً على أكل لحم الخنزير ولا يثقبون أنفاً ولا يشقون لساناً. ومن دار الكلب إلى دار البلاط حبل ممدود فيه صورة فرس من نحاس، ولهم أوقات يجتمعون فيها للعب، واسم الملك وينطوا واسم الوزير براسيانا فإذا أرادوا أن يتفاءلوا في لعبهم صاروا حزبين، وأرسلوا الخيل حول الدكة فإن سبقت خيل حزب الكلب قالوا ستكون الغلبة للروم، فصاحوا وينطوا وينطوا، وأن غلبت خيل حزب الوزير قالوا ستكون الغلبة للمسلمين، فصاحوا براسيانا براسيانا، وذهبوا إلى المسلمين فيخلعون عليهم ويصلونهم لكون الغلبة لهم. وللبلد أسواق حسنة والأسعار به رخيصة والفواكه كثيرة. وبمدن التبن مسلمون وكذلك بمعدن النحاس وبأطرابزٌند أيضاً مسلمون. وأقصد الطرق الى القسطنطينية من هذا الإقليم لاجل ذاك وصفناها فيه، وكان ثغر هذا الإقليم ملطية وبلدانها وقد خربها العدو. وأما المسافات فتأخذ من الموصل إلى مرجهينة أو إلى بلد أو إلى المخلبية أو إلى مزارعي مرحلة مرحلة ثم من مرجهينة إلى الحديثة مرحلة ثم إلى البقيعة مرحلة ثم إلى السن مرحلة.، تأخذ من بلد إلى برقعيد مرحلة ثم إلى أذرمة مرحلة ثم الى المونسة مرحلة ثم إلى نصيبين مرحلة ثم إلى دارا مرحلة. وتأخذ من المحلبية الى الشحاجية مرحلة ثم إلى تل أعفر مرحلة ثم إلى سنجار مرحلة. وتأخذ من مزارعي إلما معلثايا مرحلة ثم إلى الحسنية مرحلة ثم الى ثمانين مرحلة ثم إلى جزيرة ابن عمر مرحلة ثم

الى تل فافان مرحلة. ومن الموصل إلى شهرزور 60 فرسخاً. وتأخذ من آمد إلى ميافارقين مرحلة ثم إلى أرزن مرحلة ثم إلى مسجد أويس مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى بدليس مرحلة. وتأخذ من آمد إلى شمشاط مرحلة ثم إلى تل حوم مرحلة ثم إلى جرنان مرحلة ثم إلى بامقرا مرحلة ثم إلى جلاب مرحلة ثم إلى الرها بريدين ثم إلى حران مثلها ثم إلى باجروان مرحلة ثم إلى الرقة نصف مرحلة. وتأخذ من الرحبة إلى قرقيسيا مرحلة ثم إلى الدالية أو إلى بيرا مرحلة ومن قرقيسيا إلى فدين مرحلة تم إلى السكير مرحلة. وتأخذ من آمد إلى تل حور مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى طبوس مرحلة ئم إلى شمشاط مرحلة ثم إلى الفعونية مرحلة ثم إلى حصن زياد مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى عرقة مرحلة ثم إلى الصفصاف مرحلة ثم إلى الرمانة مرحلة ثم إلى سمندو مرحلتين ثم إلى مرج قيسارية مرحلة نم إلى أنقرة 4 مراحل ثقالاً ثم إلى جسر شاغر في بلد ابن الملاين 3 مراحل ثم إلى النقموذية مرحلة ثم إلى ملعب الملك مرحلة ثم إلى حارفة مرحلة ثم إلى القسطنطينية مرحلة. وان شئت تأخذ من ميافارقين إلى موش 4 مراحل ثم قنب مرحلة ثم إلى سن نحاس مرحلة وهي صليب طريق قاليقلا وطريق ملازكرد وطريق موش وطريق الخالديات مرحلتان ثم إلى سموقموش مثلها ثم إلى قلونية العوفي مرحلتين ثم إلى نفشارية 4 مراحل ثم إلى عقبة الشهداء مرحلة ثم إلى الأفلاغونية مرحلة ثم إلى السونشة مرحلة ثم إلى دوملصة مرحلة ثم إلى بلد ابن لسوانيطي مرحلة ثم إلى دوسنية ثم إلى باحورية مرحلة ثم إلى قطابولى فيها جيش للمسلمين مرحلة ثم إلى بلد ابن الملاين مرحلتين فيه ضيافة للمسلمين ثم إلى البحيرة الحلوة مرحلة ثم إلى حصن صاعس مرحلة.الى تل فافان مرحلة. ومن الموصل إلى شهرزور 60 فرسخاً. وتأخذ من آمد إلى ميافارقين مرحلة ثم إلى أرزن مرحلة ثم إلى مسجد أويس مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى بدليس مرحلة. وتأخذ من آمد إلى شمشاط مرحلة ثم إلى تل حوم مرحلة ثم إلى جرنان مرحلة ثم إلى بامقرا مرحلة ثم إلى جلاب مرحلة ثم إلى الرها بريدين ثم إلى حران مثلها ثم إلى باجروان مرحلة ثم إلى الرقة نصف مرحلة. وتأخذ من الرحبة إلى قرقيسيا مرحلة ثم إلى الدالية أو إلى بيرا مرحلة ومن قرقيسيا إلى فدين مرحلة تم إلى السكير مرحلة. وتأخذ من آمد إلى تل حور مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى طبوس مرحلة ئم إلى شمشاط مرحلة ثم إلى الفعونية مرحلة ثم إلى حصن زياد مرحلة ثم إلى ملطين مرحلة ثم إلى عرقة مرحلة ثم إلى الصفصاف مرحلة ثم إلى الرمانة مرحلة ثم إلى سمندو مرحلتين ثم إلى مرج قيسارية مرحلة نم إلى أنقرة 4 مراحل ثقالاً ثم إلى جسر شاغر في بلد ابن الملاين 3 مراحل ثم إلى النقموذية مرحلة ثم إلى ملعب الملك مرحلة ثم إلى حارفة مرحلة ثم إلى القسطنطينية مرحلة. وان شئت تأخذ من ميافارقين إلى موش 4 مراحل ثم قنب مرحلة ثم إلى سن نحاس مرحلة وهي صليب طريق قاليقلا وطريق ملازكرد وطريق موش وطريق الخالديات مرحلتان ثم إلى سموقموش مثلها ثم إلى قلونية العوفي مرحلتين ثم إلى نفشارية 4 مراحل ثم إلى عقبة الشهداء مرحلة ثم إلى الأفلاغونية مرحلة ثم إلى السونشة مرحلة ثم إلى دوملصة مرحلة ثم إلى بلد ابن لسوانيطي مرحلة ثم إلى دوسنية ثم إلى باحورية مرحلة ثم إلى قطابولى فيها جيش للمسلمين مرحلة ثم إلى بلد ابن الملاين مرحلتين فيه ضيافة للمسلمين ثم إلى البحيرة الحلوة مرحلة ثم إلى حصن صاعس مرحلة.

========

* اقرأ * * نزّل * استشهد * شارك في ويكي مصدر *

المحتويات

المقدمة

 

إقليم الشام

 

جمل شؤون هذا الإقليم

 

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الأول، أقاليم العرب/إقليم الشام

 

   الصفحة

   نقاش

   اقرأ

   عدّل

   تاريخ

< أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم‏ | ذكر مملكة الإسلام‏ | الجزء الأول، أقاليم العرب

إقليم الشام

إقليم الشام جليل الشأن ديار النبيين، ومركز الصالحين. ومعدن البدلاء، ومطلب الفضلاء. به القبلة الأولى، وموضع الحشر والمسرى. والأرض المقدسة والرباطات الفاضلة والثغور الجليلة والجبال الشريفة ومهاجر ابراهيم وقبره وديار أيوب وبئره ومحراب داود وبابه وعجائب سليمان ومدنه وتربة إسحاق وأمه ومولد المسيح ومهده وقرية طالوت ونهره ومقتل جالوت وحصنه وجب ارميا وحبسه ومسجد اوريا وبيته وقبة محمد وبابه وصخرة موسى وربوة عيسى ومحراب زكريا ومعرك يحيى ومشاهد الأنبياء وقرى أيوب ومنازل يعقوب. والمسجد الأقصى، وجبل زيتا. ومدينة عكا، ومشهد صديقا. وقبرموسى ومضجع ابراهيم ومقبرته ومدينة عسقلان، وعين سلوان. وموضع لقمان، ووادي كنعان. ومدائن لوط وموضع الجنان، ومساجد عمر ووقف عثمان. والباب الذي ذكره الرجلان، والمجلس الذي حضره الخصمان. والسور الذي بين العذاب والغفران، والمكان القريب ومشهد بيسان، وباب حطة ذو القدر والشأن. وباب الصور وموضع اليقين وقبر مريم وراحيل ومجمع البحرين، ومفرق الدارين. وباب السكينة وقبة السلسلة ومنزل الكعبة مع مشاهد لا تحصى، وفضائل لا تخفى. وفواكه ورخاء وأشجار ومياه. وآخرة ودنيا، به يرق القلب وينبسط للعبادة الأعضاء، ثم به دمشق جنة الدنيا، وصغر البصرة الصغرى. والرملة البهية وخبزها الحواري، وإيليا الفاضلة بلا لأوى. وحمص المعروفة بالرخص وطيب الهوا، وجبل بصرى وكرومه فلا تنسى، وطبرية الجليلة بالدخل والقرى. ثم البحر يمد على غربية فالحمولات فيه إليه أبداً وبحر الصين متصل بطرفه الأقصى، له سهل وجبل وأغوار وأشياء. والبادية على تخومة كالزقاق منه إلى تيماء، وبه معادن الرخام وعقاقير كل دواء ويسار وتجار ولباقة وفقهاء، وكتاب وصناع وأطباء. إلا أنهم على خوف من الروم وفي جلاء، والأطراف قد خربت وأمر الثغور قد انقضى. وليسوا كالأعاجم في العلم والدين والنهي، بعض قد ارتد وبعض للجزية في أداء، يقدمون طاعة المخلوق على طاعة ربّ السماء. عامتهم جهال أو غوغاء، لا نهضة في جهادٍ ولا حمية على الأعد اء.

 

ويقال إنما سميت الشام لأنها شامة الكعبة، وقيل بل من تشاءم الناس إليها، وقيل بل لشامات بها حمر وبيض وسود. وأهل العراق يسمون كل ما كان وراء الفرات شاماً ولهذا أرسل محمد بن الحسن القول في دواوينه وليس وراء الفرات من الشام غير كورة قنسرين حسب، والباقي بادية العرب والشام من ورائها، وإنما أراد محمد التقريب والمتعارف بين الناس كما يقال لخراسان المشرق وإنما هو من ورائها، وإنما الشام كلما قابل اليمن وكان الحجاز بينهما. فإن قال قائل ما تنكر أن يكون طرف البادية إلى حدود العراق من الشام ليصح ما قاله أهل العراق، قيل قد قسمنا الأقاليم ورسمنا الحدود فلا ينبغي لنا أن ندخل في إقليم من غيره. فإن قال قائل فمن أين لك أنه ليس منه في القديم، قيل له لم يختلف فقهاء الشريعة وأهل هذا العلم أن هذه الأرض المتنازع فيها أنها من جزيرة العرب ولو جعلها أحد من الشام لا مجازاً لكان لنا أن نقول له حدود الشام التي رسمناها مجمع عليها وما زدتم مختلف فيه وعلى من ادعى الزيادة الدليل. وقد أعرضنا عن ذكر طرسوس وأعمالها لأنها بيد الروم، وأما الكهف فإن المدينة هي طرسوس وبها قبر دقيانوس وبرستاقها تل عليه مسجد قالوا هو على الكهف. وحدثنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن عمر البخاري، قال: حدثنا أبو طالب اليماني، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن سهل الخراساني، قال: قرأت على هشام بن محمد حدثنا مجاهد بن يزيد، قال: خرجت مع خالد البريدي في أيام وجه إلى الطاغية سنة 102 وليس معنا ثالث من المسلمين، فقدمنا القسطنطينية ثم خرجنا منصرفين إلى عمورية، ثم أتينا اللاذقية ا المحترقة في أربع ليال، ثم انتهينا إلى الهوية وهي جوف جبل، فذكر لنا أن بها أمواتاً لا يدرى ما هم وعليهم حراس فادخلونا سرباً طوله نحو من خمسين ذراعاً في عرض ذراعين بالسرج، وإذا وسط السرب باب من حديد مكمن لعيالهم إذا جاءهم العرب، وإذا خربة عظيمة وسطها نقرة من ماءٍ عرضها نحو من خمسة عشر ذراعاً يرى منها السماء وإذا كهف ذلك المكان إلى جوف ذلك الجبل، فانطلق بنا إلى كهف مما يلي الجوف من الهوية طوله نحو من عشرين ذراعاً وإذا فيه ثلاثة عشر رجلاً رقوداً على اقفيتهم، على كل رجل منهم جبة لا أدري من صوف أو وبر إلا إنها غبراء، وكساءٌ أغبر يتقعقع كما يتقعقع الرق وقد غطى بكسائه وجهه وسائر جسده، وإذا هي ذوات أهداب، وعلى بعضهم خفاف إلى أنصاف سوقهم وبعض بنعال وبعض بشمشكات، والجميع جدد فكشفت عن وجه أحدهم فإذا شعر رأسه ولحيته لم يتغير وإذا بشرة وجهه منيرة ودم وجهه ظاهر كأنما رقدوا تلك الساعة وإذا أعضاؤهم كألين ما يكون من أعضاء الرجل الحي وكلهم شباب، غير أن بعضهم. قد وخطه الشيب، وإذا بأحدهم قد ضربت عنقه فسألتهم عن ذلك فقالوا غلبت علينا العرب وملكت الهوية، فأخبرناهم خبرهم فلم يصدقونا فضرب أحدهم عنق هذا، وزعم أهل الهوية أنه إذا كان رأس كل سنة في يوم عيد لهم يجتمعون فيه يقيمونهم رجلاً رجلاً، فيتركونهم قياماً ويمسحونهم وينفضون غبار ثيابهم ويسوون اكسبتهم عليهم فلايسقطون ولا يتجرجون ويضجعونهم وأنهم يقلمون أظفارهم في السنة ثلاث مرات ثم تنبت، فسألناهم عن أسبابهم وأمرهم فزعموا أنهم لا علم لهم بشيء من أمرهم غير أنا نسميهم الأنبياء. قال مجاهد وخالد فيظن أنهم أصحاب الكهف والله أعلم.

وهذا شكل الإقليم ومثاله في الصفحة المنقلبة. وقد قسمنا هذا الإقليم ست كور، أولها من قبل أقور قنسرين ثم حمص ثم دمشق ثم الأردن ثم فلسطين ثم الشراة.

فأما قنسرين فقصبتها حلب ومن مدنها: أنطاكية، با لس، السويدية، سميساط، منبج، بياس، التينات، قنسرين، مرعش، إسكندرونة، لجون، رفنية، جوسية، حماة، شيزر، وادي بطنان، معرة النعمان، معرة قنسرين.

وأما حمص فاسم القصبة أيضاً ومن مدنها: سلمية، تدمر، الخناصرة، كفرطاب، اللاذ قية، جبلة، أنطرسوس، بلنياس، حصن الخوابي.

وأما دمشق فاسم القصبة أيضاً ومدنها: بانياس، صيدا، بيروت، أطرابلس، عرقة، وناحية البقاع مدينتها: بعلبك، ولها كامد، عرجموش، الزبداني، ولدمشق ست رساتيق: الغوطة، حوران، البثنية، الجولان، البقاع، الحولة.

وأما الأردن فقصبتها طبرية ومن مدنها: قدس، صور، عكا، اللجون، كابل، بيسان، أذرعات.

وأما فلسطين فقصبتها الرملة ومدنها: بيت المقدس، بيت جبريل، غزة، ميماس، عسقلان، يافه، أرسوف، قيسارية، نابلس، أريحا، عمان.

وأما الشراة فجعلنا قصبتها صغر ومدنها: مآب، معان، تبوك، أذرح، ويلة، مدين.

وفي هذا الإقليم قرىً أجل وأكبر من أكثر مدن الجزيرة مثل داريا، وبيت لهيا، وكفرسلام، وكفرسابا، غير أنها على رسوم القرى معدودة فيها وقد قلنا أن عملنا موضوع على التعارف.

حلب

فبلد نفيس خفيف حضين، وفي أهلها ظرف ولهم يسار وعقول، مبنيٌ بالحجارة عامر في وسط البلد قلعة حصينة واسعة فيها ماءٌ وخزائن السلطان، والجامع في البلد، شربهم من نهر قويق يدخل إلمط البلد إلى دار سيف الدولة في شباك حديد، والقصبة ليست بكبيرة إلا أن بها مستقر السلطان، لها سبعة أبواب باب حمص باب الرقة باب قنسرين باب اليهود باب العراق باب دار البطيخ باب إنطاكية وباب الأربعين مسدود.

بالس

رأس الحد من قبل الرقة عامرة.

قنسرين

مدينة قد خف أهلها، حدثنا الشيخ العدل أبو سعيد أحمد بن محمد بنيسابور قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو عمار بن حريث المروزي قال: حدثنا الفضل أبو موسى عن عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبد الله العامري عن أبي زرعة عن عمرو ابن جرير عن النبي ﷺ قال: إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين. فإن قال قائل لم جعلت قصبة الكورة حلب وههنا مدينة على اسمها قيل له قد قلنا أن مثل القصبات كالقواد، والمدن كالجند، ولا يجوز أن نجعل حلب على جلالتها وحلول السلطان بها وجمع الدواوين إليها وإنطاكية ونفاستها وبالس وعمارتها جناداً لمدينة خربة صغيرة. فإن قال هلا استعملت هذا القياس في شيراز فاضفت إليها اصطخر ومدنها، قيل لما وجدنا بشيراز مدناً أحدقت بها وتباعدت اصطخر عنها استحسنا ما فعلناه، ثم والأستحسان في علمنا هذا ربما غلب القياس كما قلنا في مسائل المكاتب، ألا ترى أن التأجيل بالنيروز والمهرجان باطل في سائر الأحكام جائز في الكتابة استحساناً.

حمص

ليس بالشام بلد أكبر منها، وفيها قلعة متعالية عن البلد ترى من خارج، أكثر شربهم من ماء المطر ولهم أيضاً نهر، ولما فتحها المسلمون عمدوا إلى الكنيسة فجعلوا نصفها جامعاً عنده بالسوق قبة على رأسها شبه من رجل نحاس واقف على سمكة تديرها الأرياح الأربع، وفيه أقاويل لا تصح، والبلد شديد الأختلال متداعٍ إلى الخراب والقوم حمقى. وسائر المدن مختلة والأسعار بها رخيصة وما كان منها على الساحل حصينة، وكذلك تدمر وهي على مثل كرسي من مدن سليمان بن داود، والقصبة قريبة من البادية رحبة طيبة.

دمشق

هي مصر الشام ودار الملك أيام بني أمية وثم قصورهم وآثارهم، بنيانهم خشب وطين وعليها حصن أحدث وأنا به من طين، أكثر أسواقها مغطاة ولهم سوق على طول البلد مكشوف حسن، وهو بلد قد خرقته الأنهار، وأحدقت به الأشجار. وكثرت به الثمار، مع رخص أسعار. وثلج وأضداد لا ترى أحسن من حماماتها ولا أعجب من فواراتها ولا أحزم من أهلها، الذي عرفت من دروبها باب الجابية باب الصغير باب الكبير باب الشرقي باب توما باب النهر باب المحامليين، وهي طيبة جداً غير أن في هوائها يبوسة، وأهلها غاغة، وثمارها تفهة، ولحومها عاسية، ومنازلها ضيقة، وأزقتها غامة، وأخبازها ردية، والمعايش بها ضيقة تكون نحو نصف فرسخ في مثله في مستوى، والجامع أحسن شيءٍ للمسلمين اليومٍ، ولايعلم لهم مال مجتمع أكثر منه، قد رفعت قواعده بالحجارة الموجهة كباراً مؤلفة وجعل عليها شرف بهية، وجعلت أساطينها أعمدة سوداً ملساً على ثلاثة صفوف واسعة جداً، وفي الوسط ازاء المحراب قبة كبيرة، وأدير على الصحن أروقة متعالية بفراخ فوقها، ثم بلط جميعه بالرخام الأبيض وحيطانه إلى قامتين بالرخام المجزع ثم إلى السقف بالفسافساء الملونة في المذهبة صور أشجار وأمصار وكتابات على غاية الحسن والدقة ولطافة الصنعة، وقل شجرة أو بلد مذكور إلا وقد مثل على تلك الحيطان، وطليت رؤوس الأعمدة بالذهب، وقناطر الأروقة كلها مرصعة بالفسيفساء، وأعمده الصحن كلها رخام أبيض، وحيطانه بما يدور والقناطر وفراخها بالفسيفساء نقوش وطروح، والسطوح كلها ملبسة بشقاق الرصاص، والشرافيات من الوجهين بالفسيفساء، وعلى الميمنة في الصحن بيت مال على ثمانية عمد مرصع حيطانه بالفسافساء، وفي المحراب وحوله فصوص عقيقية وفيروزجية كأكبر ما يكون من الفصوص، وعلى الميسرة محراب آخر دون هذا للسلطان، وقد كان تشعث وسطه فسمعت إنه أنفق عليه خمسمائة دينار حتى عاد إلى ما كان، وعلى رأس القبة ترنجة فوقها رمانة كلاهما ذهب، ومن أعجب شيءٍ فيه تأليف الرخام المجزع كل شامة إلى أختها، ولو أن رجلاً من أهل الحكمة أختلف إليه سنةً لأفاد منه كل يوم صيغة وعقدة أخرى، ويقال أن الوليد جمع لبنائه حذاق فارس والهند والمغرب والروم، وأنفق عليه خراج الشام سبع سنين مع ثماني عشرة سفينة ذهب وفضة أقلعت من قبرص سوى ما أهدى إليه ملك الروم من الآلات والفسافساء، ويدخل إليه العامة من أربعة أبواب: باب البريد عن اليمين كبير له فرخان عن يمين وشمال على كل واحدٍ من الباب الأعظم والفرخين مصراعان مصفحة بالصفر المذهب وعلى لباب والفرخين ثلاثة أروقة كل باب منهما يفتح إلى رواق طويل قد عقدت قناطره على أعمدة رخام، لبست حيطانه على ما ذكرنا، وجمع السقوف مزوقة أحسن تزوبق، وفي هذه الأروقة موضع الوراقين ومجلس خليفة القاضي، وهذا الباب بين المغطى والصحن يقابله عن اليسار باب جيرون على ما ذكرنا، غير أن الأروقة معقودة بالعرض يصعد إليه في درج يجلس فيه المنجمون وأضرابهم، وباب الساعات في زاوية المغطى الشرقية مصراعان سواذج عليه أروقة يجلس فيه الشروطيون وأشباههم، والباب الرابع باب الفراديس مصراعان قبال المحراب في أروقة بين زيادتين عن يمين وشمال عليه منارة محدثة مرصعة على ما ذكرنا، وعلى كل من هذه الأبواب ميضأة مرخمة ببيوت ينيع فيها الماء وفوارات خارجة في قصاع عظيمة من رخام. ومن الخضراء وهي دار السلطان أبواب إلى المقصورة مصفحة مطلية، وقلت يوماً لعمي يا عم لم يحسن الوليد حيث أنفق أموال المسلمين على جامع دمشق ولو أصرف ذلك في عمارة الطرق والمصانع ورم الحصون لكان أصوب وأفضل، قال: لا تفعل يا بني أن الوليد وفق وكشف له عن أمر جليلٍ وذلك أنه رأى الشام بلد النصارى، ورأى لهم فيها بيعاً حسنة قد أفتن زخارفها وانتشر ذكرها، كالقمامة وبيعة لد والرها. فاتخذ للمسلمين مسجداً أشغلهم به عنهن وجعله أحد عجائب الدنيا، ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة وهيأتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين، فنصب على الصخرة قبةً على ما ترى. ووجدت في كتاب بخزائن عضد الدولة عروسا الدنيا دمشق والري. وقال يحيى بن أكثم ليس بالأرض أنزه من ثلاث بقاع سمرقند، وغوطة دمشق، ونهر الأبلة. ودمشق بناها دمشق بن قاني بن مالك بن ارفخشذ بن سام قبل مولد ابراهيم بخمس سنين وقال الأصمعي لا بل اشتق اسمها من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:من دمشقوها أي أسرعوها. ويقال أن عمر بن عبد العزيز أراد أن ينقص الجامع ويجعله في مصالح المسلمين حتى ناظروه في ذلك. وقرأت في بعض الكتب إنما أنفق عليه ثمانية عشرحمل بغل ذهب. وقد قال بعض من يهجوهم:

يا ايها السائل عـن ادياينـا                      لما رأى هيئة أحبـارهـم

وحسن سمتٍ لهم ظاهـراً                      إعلانهم ليس كاسرارهـم

ما إن لهم فخرٌ سوى مسجدٍ                      به تعدوا فوق أطوارهـم

لوجاءهم جارٌ لهم قابـسـاً                      ما قبسوه الدهر من نارهم

أسدٌ على الجيران أعداؤهم                      آمنةٌ تخطر فـي دارهـم

وكذب في هذا البيت لأن الأعداء ابداً يخافونهم.

مدينة بانياس

على طرف الحولة وحد الجبل أرخى وأرفق من دمشق وإليها انتقل أكثر أهل الثغور لما اخذت طرسوس، وزادوا فيها وهي كل يوم في زيادة، لهم نهر شديد البرودة يخرج من تحت جبل الثلج وينبع وسط المدينة، وهي خزانة دمشق رفقة بأهلها بين رساتيق جليلة غير أن ماءها ردى.

وصيدا وبيروت

مدينتان على الساحل حصينتان. وكذلك طرابلس إلا أنها أجل.

بعلبك

مدينة قديمة فيها مزراع وعجائب معدن الأعناب، وسائر مدنها طيبة رحاب. وبحوران والبثنية ضياع أيوب ودياره مدينتها نوى معدن القموح والحبوب.

الحولة

معدن الأقطان والأزهار وهي أغوار و أنهار.

الغوطة

تكون مرحلة في مثلها يعجزعن وصفها.

طبرية

قصبة الأردن وبلد وادي كنعان موضوعة بين الجبل والبحيرة، فهي ضيقة كربة في الصيف مؤذية، طولها نحو من فرسخ بلا عرض، وسوقها من الدرب إلى الدرب، والمقابر على الجبل، بها ثماني حمامات بلا وقيد، ومياض عدة حارة الماء، والجامع في السوق كبير حسن قد فرش أرضه بالحصى على أساطين حجارة موصولة. ويقال أهل طبرية شهرين يرقصون وشهرين يقمقمون وشهرين يثاقفون وشهرين عراة وشهرين يزمرون وشهرين يخوضون يعني يرقصون من كثرة الراغيث ويلوكون النبق ويطردون الزنابير عن اللحم والفواكه بالمذاب، وعراة من شدة الحر، ويمصون قصب السكر ويخوضون الوحل. وأسفل البحيرة جسر عظيم عليه طريق دمشق وشربهم منها. عليها بما يدور قرى ونخيل والسفن فيها تذهب وتجيء، وماء الحمامات والدواميس إليها لا يستطيبها الغرباء، كثيرة الأسماك خفيفة الماء، والجبل مطل على البلد شاهق.

قدس

مدينة صغيرة على سفح جبل كثيرة الخير، رستاقهاجبل عاملة، بها ثلاث عيون شربهم منها وحمامهم واحد تحت البلد، والجامع في السوق فيه نخلة، وهو بلد حارٌ، ولهم بحيرة على فرسخ تصب إلى بحيرة طبرية، قد عمد إلى النهر فسجر ببناءٍ عجيب حتى يتبحر، إلى جنبها غابة حلفاء رفقهم منها، أكثرهم ينسجون الحصر وبفتلون الحبال، وفي البحيرة أنواع من السمك منه البني حمل من واسط، كثيرة الذمة.

جبل عاملة

ذو قرى نفيسة وأعناب وأثمار وزيتون وعيون المطر يسقي زروعهم، يطل على البحر ويتصل بجبل لبنان.

أذرعات

مدينة قريبة من البادية، رستاقها جبل جرش يقابل جبل عاملة كثير القرى وجلت طبرية بهذين الجبلين.

بيسان

على النهر كثيرة النخيل وأرزاز فلسطين والأردن منها، غزيرة المياه رحبة، إلا أن ماءها ثقيل.

اللجون

مدينة على رأس حد فلسطين في الجبال.، بها ماءٌ جار رحبة نزيهة.

كابل

مدينة ساحلية، بها مزارع الأقصاب وبها لطبخ السكر الفائق.

الفراذية

قرية كبيرة بها منبر، معدن الأعناب والكروم، بها ماءٌ غزير وموضع نزيه.

عكا

مدينة حصينة على البحر، كبيرة الجامع فيه غابة زيتون تقوم بسرجه وزيادةٍ، ولم تكن على هذه الحصانة حتى زارها ابن طيلون، وقد كان رأى صور ومنعتها واستدارة الحائط على مينائها، فأحب أن يتخذ لعكا مثل ذلك الميناء، فجمع صناع الكورة وعرض عليهم ذلك فقيل لا يهتدي أحد إلى البناء في الماء في هذا الزمان، ثم ذكر له جدنا أبو بكر البناء، وقيل أن كان عند أحدٍ علم هذا فعنده، فكتب إلى صاحبه على بيت المقدس حتى أنهضه إليه، فلما صار إليه وذكر له ذلك قال هذا أمر هين، علي بفلق الجميز الغليظة، فصفها على وجه الماء بقدر الحصن البري وخيط بعضها ببعض وجعل لها باباً من الغرب عظيماً، ثم بنى عليها بالحجارة والشيد وجعل كلما بنى خمس دوامس ربطها بأعمدة غلاظ ليشتد البناء، وجعلت الفلق كلما ثقلت نزلت حتى إذا علم أنها قد جلست على الرمل تركها حولاً كاملاً حتى أخذت قرارها، ثم عاد فبنى من حيث ترك، كلما بلغ البناء إلى الحائط القديم داخله فيه وخيطه به، نم جعل على الباب قنطرة فالمراكب في كل ليلة تدخل المينا وتجر السلسلة مثل صور قال فدفع إليه ألف دينار سوى الخلع وغيرها من المركوب واسمه عليه مكتوب، وقد كان العدو قبل ذلك يغير على المراكب.

الجش

قرية وهي قريبة من القصبة، موضوعة بين أربعة من الرساتيق قريبة من البحر.

صور

مدينة حصينة على البحر، بل فيه يدخل إليها من باب واحد على جسرٍ واحدٍ قد أحاط البحر بها، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة ثم تجر السلسلة التي ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الأكراه، ولهم ماء يدخل في قناة معلقة، وهي مدينة جليلة نفيسة بها صنائع ولهم خصائص، وبين عكا وصور شبه خليج ولذلك يقال عكا حذاء صور، إلا أنك تدور، يعني حول الماء.

 

الرملة

قصبة فلسطين، بهية حسنة البناء خفيفة الماء مرية واسعة الفوإكه، جامعة الأضداد بين رساتيق جليلة ومدن سرية ومشاهد فاضلة وقرى نفيسة، والتجارة بها مفيدة والمعايش حسنة، ليس في الإسلام أبهى من جامعها، ولا أحسن وأطيب من حواريها، ولا أبرك من كورتها، ولا ألذ من فواكهها، موضوعة بين رساتيق زكية ومدن محيطة ورباطات فاضلة، ذات فنادق رشيقة وحمامات أنيقة وأطعمة نظيفة وأدامات كثيرة ومنازل فسيحة ومساجد حسنة وشوراع واسعة وأمور جامعة، قد خطت في السهل وقربت من الجبل والبحر وجمعت التين والنخل وانبتت الزروع على البعل وحوت الخيرات والفضل، غير أنها في الشتاء جزيرة من الوحل وفي الصيف ذريرة من الرمل لا ماء يجري ولا خضر ولا طين جيد ولا ثلج، كثيرة البراغيث، عميقة الآبار مالحة، وماء المطر في جباب مقفلة، فالفقير عطشان والغريب حيران، وفي الحمام ديوان ويدور في الدولاب خدام، وهي ميل راجح في ميل بنيانهم حجارة منحوتة حسنة وطوب، الذي أعرف من دروبها درب بئر العسكر درب مسجد عنبة درب بيت المقدس درب بيلعة درب لد درب يافا درب مصر درب داجون، يتصل بها مدينة تسمى داجون فيها جامع، وجامع القصبة في الأسواق أبهى وأرشق من جامع دمشق يسمى الأبيض ليس في الإسلام أكبر من محرابه ولا بعد منبر بينت المقدس أحسن من منبره وله منارة بهية بناه هشام بن عبد الملك، وسمعت عمي يقول لما أراد بناءه قيل له أن للنصارى أعمدة رخام مدفونة تحت الرمل أستعدوها لكنيسة بالعة فقال لهم هشام بن عبد الملك أما أن تظهروها وأما أن نهدم كنيسة لد فنبني هذا الجامع على أعمدتها، فاظهروها وهي غليظة طويلة حسنة وأرض المغطى مفروشة بالرخام والصحن بالحجارة المؤلفة وأبواب المغطى من الشربين والتنوب مداخلة محفورة حسنة جداً.

 

بيت المقدس

ليس في مدائن الكور أكبر منها وقصبات كثيرة أصغر منها، كاصطخر وقاين والفرما، لا شديدة البرد وليس بها حر وقل ما يقع بها ثلج، وسألني القاضي أبو القاسم ابن قاضي الحرمين عن الهواء بها فقلت: سجسج لا حر ولا برد شديد، قال: هذا صفة الجنة. بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أتقن من بنائها ولا أعف من أهلها ولا أطيب من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها. عنبها خطير، وليس لمعنقتها نظير. وفيها كل حاذق وطبيب، وإليها قلب كل لبيب، ولا تخلو كل يوم من غريب. وكنت يوماً في مجلس القاضي المختار أبي يحيى بن بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى أن سئلت أي بلدٍ أجل، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أطيب، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أفضل، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أحسن، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أكثر خيرات، قلت: بلدنا، قيل: فأيها أكبر، قلت: بلدنا. فتعجب أهل المجلس من ذلك، وقيل: أنت رجل محصل وقد أدعيت ما لا يقبل منك وما مثلك إلا كصاحب الناقة مع الحجاج، قلت: أما قولي أجل فلانها بلدة جمعت الدنيا والآخرة فمن كان من أبناء الدنيا وأراد الآخرة وجد سوقها ومن كان من أبناء الآخرة فدعته نفسه إلى نعمة الدنيا وجدها. وأما طيب الهواء فإنه لا سم لبردها ولا أذى لحرها. وأما الحسن فلا ترى أحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها. وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله تعالى فيها فواكه الأغوار والسهل والجبال والأشياء المتضادة كالأترج واللوز والرطب والجوز والتين والموز. وأما الفضل فلانها عرصة القيامة ومنها المحشر وإليها المنشر، وإنما فضلت مكة والمدينة بالكعبة والنبي ﷺ ويوم القيامة تزفان إليها فتحوي الفضل كله. وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها فاستحسنوا ذلك وأقروا به. إلا أن له عيوباً عدة يقال أن في التورية مكتوب بيت المقدس طشت ذهب مليء عقارب، ثم لا ترى أقدر من حماماتها، ولا أثقل مؤنة، قليلة العلماء كثيرة النصارى، وفيهم جفاءٌ على الرحبة والفنادق، ضرائب ثقال على ما يباع، فيها رجالة على الأبواب فلا يمكن أحداً أن يبيع شيئاً مما يرتفق به الناس إلا بها مع قلة يسار، وليس للمظلوم أنصار، والمستور مهموم والغني محسود، والفقيه مهجور والأديب غير مشهود، لا مجلس نظر ولا تدريس، قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المسجد من الجماعات والمجالس. وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة، عليها حصن بعضه على جبل وعلى بقيته خندق، ولها ثمانية أبواب حديد: باب صهيون باب التيه باب البلاط باب جب ارميا باب سلوان باب أريحا باب العمود باب محراب داود. والماء بها واسع ويقال ليس ببيت المقدس أمكن من الماء والأذان، قل دار ليس بها صهريج وأكثر، وبها ثلاث برك عظيمة بركة بني اسرائيل بركة سليمان بركة عياض عليها حماماتهم، لها دواعٍ من الازقة وفي المسجد عشرون جباً متبحرة، وقل حارة إلا وفيها حب مسبل غير أن مياهها من الأزقة، وقد عمد إلى وادٍ فجعل بركتان يجتمع إليهما السيول في الشتاء وشق منهما قناة إلى البلد تدخل وقت الربيع فتملأ صهاريج الجامع وغيرها. وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة، أساسه من عمل داود، طول الحجر عشرة أذرع وأقل منقوشة موجهة مؤلفة صلبة، وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرفوه وكان أحسن من جامع دمشق، لكن جاءت زلزلة في دولة بنى العباس فطرحت المغطى إلا ما حول المحراب، فلما بلغ الخليفة خبره قيل له: لا يفي برده إلى ما كان بيت مال المسلمين. فكتب إلى امراءٍ الأطراف وسائر القواد أن يبني كل واحد منهم رواقاً، فبنوه أوثق وأغلظ صناعةً مما كان، وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حد أعمدة الرخام وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث، وللمغطى ستة وعشرون باباً، باب يقابل المحراب يسمى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد الباع قوي الذراع، عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب، وعلى اليسار مثلهن، ومن نحو الشرق أحد عشر بابا سواذج وعلى الخمسة عشر رواق على أعمدة رخام أحدثه عبدالله بن طاهر، وعلى الصحن من الميمنة أروقة على أعمدة رخام وأساطين، وعلى المؤخر أروقة آزاج من الحجارة، وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة، والسقوف كلها إلا المؤخرملبسة بشقاق الرصاص، والموخر مرصوص بالفسيفساء الكبار، والصحن كله مبلط وسطه دكة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من الأربع جوانب في مراقٍ واسعة، وفي الدكة أربع قباب: قبة السلسلة قبة المعراج قبة النبي ﷺ وهذه الثلاث لطاف ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام بلا حيطان، وفي الوسط قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مرقاة: باب القبلي باب اسرافيل باب الصور باب النساء يفتح إلى الغرب جميعها مذهبة، في وجه كل واحد باب ظريف من خشب التنوب مداخل حسن أمرت بهن أم المقتدر بالله، وعلى كل باب صفة مرخمة بالتنوبية تطبق على الصفرية من خارج، وعلى أبواب الصفاف أبواب أيضاً سواذح، داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجل من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليها أروقة لاطية، داخلها رواق آخر مستدير على الصخرة لا مثمن على أعمدة معجونة بقناطر مدورة، فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيهاطيقان كبار، والقبة من فوق المنطقة طولها عن القاعدة الكبرى مع السفود في الهواء مائة ذراع، ترى من البعد، فوقها سفود حسن طول قامة وبسطة، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب، وأرض البيت وحيطانه مع المنطقة من داخل وخارج على ما ذكرنا من جامع دمشق، والقبة ثلاث سافات: الاولى من ألواح مزوقة والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلاتميلها الرياح ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق إلى عند السفود يصعدها الصناع لتفقدها ورمها، فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورأيت شيئاً عجيباً، وعلى الجملة لم أر في الاسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة. ويدخل إلى المسجد من ثلاثة عشر موضعاً بعشرين باباً: باب حطه، بابي النبي ﷺ، أبواب محراب مريم، بابي الرحمة، باب بركة بني إسرائيل، أبواب الأسباط، أبواب الهاشميين، باب الوليد، باب إبراهيم، باب أم خالد، باب داود. وفيه من المشاهد محراب مريم وزكريا ويعقوب والخضر ومقام النبي وجبرئيل وموضع النمل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه، وليس على الميسرة أروقة والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي، ومن أجل هذا يقال لا يتم فيه صف أبداً وإنما ترك هذا البعض لسببين: أحدهما قول عمر اتخذوا في غربي هذا المسجد مصلى للمسلمين فتركت هذه القطعة لئلا يخالف، والثاني أنهم لو مدوا المغطى إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك والله أعلم. وطول المسجد ألف ذراع بذراع الملك الأشباني وعرضه سبعمائة، وفي سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السطح خمسة وأربعون ألف شقفة رصاص، وحجم الصخرة ثلاتة وثلاثون ذراعاً في سبعة وعشرين، والمغارة التي تحتها تسع تسعاً وستين نفساً. وكانت وظيفته في كل شهر مائة قسط زيت، وفي كل سنة ثمان مائة ألف ذراع حصر، وخدامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمون الأخماس لا يخدمه غيرهم، ولهم نوب يحفظونها.

سلوان

محلة في ربض المدينة تحتها عين عذيبية تسقي جناناً عظيمة، أوقفها عثمان بن عفان على ضعفاء البلد، تحتها بئرأيوب ويزعمون أن ماء زمزم يزور ماء هذه العين ليلة عرفة.

وادي جهنم

على قرنة المسجد إلى آخره قبل الشمرق، فيه بساتين وكروم وكنائس ومغاير وصوامع ومقابر وعجائب ومزارع، وسطه كنيسة على قبر مريم، ويشرف عليه مقابر فيها شداد بن أوس الخزرجي وعبادة بن الصامت.

جبل زيتا

مطل على المسجد شرقي هذا الوادي، على رأسه مسجد لعمر نزله أيام فتح البلد، وكنيسة على الموضع الذي صعد منه عيسى عم، وموضع يسمونه الساهرة، وحدثونا عن ابن عباس أن الساهرة هي أرض القيامة بيضاء لم يسفك عليها دم.

بيت لحم

قرية على طرف فرسخ من نحو حبري، بها ولد عيسى، وثم كانت النخلة وليس يرطب النخيل بهذا الرستاق، ولكن جعلت لها آية وبها كنيسة ليس بالكوره مثلها.

حبري

هي قرية إبراهيم الخليل عم، فيها حصن منيع يزعمون أنه من بناء الجن من حجارة عظيمة منقوشة وسطه قبة من الحجارة اسلامية على قبر إبراهيم، وقبر إسحاق قدام في المغطى، وقبريعقوب في المؤخر حذاء كل نبي امرأته، وقد جعل الحيرمسجداً وبني حوله دور للزوار وأختلطت به العمارة، ولهم قناة ضعيفة وهذه القرية إلى نحو نصف مرحلة من كل جانب قرى وكروم وأعناب وتفاح، يسمى جبل نضرة لايرى مثله ولا أحسن من فواكه عامتها تحمل إلى مصر وتنشر، وفي هذه القرية ضيافة دائمة وطباخ وخباز وخدام مرتبون يقدمون العدس بالزيت لكل من حضر من لفقراء ويدفع إلى الأغنياء إذا اخذوا، ويظن أكثر الناس أنه من قرى إبراهيم وإنما هو وقف تميم الداري وغيره، والأفضل عندي التورع عنه. وعلى فرسخ من حبري جبل صغير مشرف على بحيرة صغر، وموضع قريات لوط، ثم مسجد بناه أبو بكر الصباحي فيه موضع مرقد إبراهيم عم قد غاص في القف نحو ذراع، يقال أن إبراهيم لما رأى قريات لوط في الهواء رقد ثم وقال أشهد أن هذا هو الحق اليقين. وحد القدس ما حول إيليا إلى أربعين ميلاً يدخل في ذلك: القصبة ومدنها. واثنا عشرميلاً في البحر، وصغر ومآب، وخمسة أميال من البادية، ومن قبل القبلة إلى ما وراء الكسيفة وما يحاذيها، ومن قبل الشمال تخوم نابلس، وهذه الأرض مباركة كما قال الله تعالى، مشجرة الجبال زريعة السهول من غير. سقي ولا أنهار وكما قالى الرجلان لموسى ابن عمران وجدنا بلداً يفيض لبناً وعسلاً.

 

بيت جبريل

مدينة سهلية جبلية، رستاقها الداروم فيه مقاطع الرخام وميرة القصبة وخزانة الكورة، بلد الغوال والرخاء ذات ضياع جليلة، إلا أنها قد خفت وهي كثيرة المخنثين.

غزة

كبيرة على جادة مصر وطرف البادية وقرب البحر، بها جامع حسن وفيها أثر عمر بن الخطاب ومولد الشافعي وقبر هاشم بن عبد مناف.

ميماس

على البحر حصينة صغيرة تنسب إلى غزة.

عسقلان

على البحر جليلة كثيرة المحارس والفواكه ومعدن الجميز، جامعها في البزازين قد فرش بالرخام، بهية فاضلة طيبة حصينة قزها فائق وخيرها دافق والعيش بها رافق، أسواق حسنة ومحارس نفيسة إلا أن ميناءها ردي وماءها عذيبي ودلمها مؤذٍ.

يافة

على البحر صغيرة إلا أنها خزانه فلسطين وفرضة الرملة، عليها حصن منيع بأبواب محددة وباب البحر كله حديد، والجامع مشرف على البحر نزه، وميناؤها جيد.

أرسوف

أصغر من يافة حصينه عامرة، بها منبرحسن بني للرملة ثم كان صغيراً فحمل إلى أرسوف.

قيسارية

ليس على بحر الروم بلد أجل ولا أكثر خيرات منها، تفور نعماً وتندفق خيرات طيبة، الساحة حسنة الفواكه، عليها حصن منيع وربض عامر قد أدير عليه الحصن، شربهم من آبلا وصهاريج، ولها جامع حسن.

نابلس

في الجبال كثيرة الزيتون يسمونها دمشف الصغرى، وهي في وادٍ قد ضغطها جبلان، سوقها من الباب إلى الباب وآخر إلى نصف البلد، والجامع وسطها، مبلطة نظيفة لها نهر جارٍ، بناؤهم حجاره ولهم دواميس عجيبة.

أريحاء

هي مدينة الجبارين، وبها الباب الذي ذكره الله لبني إسرائيل، وهي معدن النيل والنخيل، رستاقها الغور وزروعهم تسقى من العيون، شديدة الحر، معدن الحيات والعقارب، أهلها سمر وسودان، كثيرة البراغيث، غير أن ماءها أخف ماءٍ في الإسلام، كثيرة الموز والارطاب والريحان.

عمان

على سيف البادية ذات قرىً ومزارع، رستاقها البلقاء، معدن الحبوب والأغنام، بها عدة أنهار وارحية يديرها الماء، ولها جامع ظريف بطرف السوق مفسفس الصحن وقد قلنا إنه شبه مكة، وقصرجالوت على جبل يطل عليها، وبها قبر أوريا عليه مسجد وملعب سليمان، رخيصة الأسعار كثيرة الفواكه غير أن أهلها جهال وإليها الطرق الصعبة.

الرقيم

قرية على فرسخ من عمان على تخوم البادية، فيها مغارة لها بابان صغير وكبير يزعمون أن من دخل الكبير ولم يمكنه الدخول من الصغير فهو ممذر، وفي المغارة ثلاثة قبور وهي التي حدثنا أبو الفضل محمد بن منصور قال: حدثنا أبو بكر بن سعيد، قال: حدثنا الفضل بن حماد، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، قال: أخبرني نافع عن عبد الله ابن عمر عن رسول الله ﷺ، قال: بينما نفر ثلاثة يتماشون إذ أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت إلى فم غارهم صخرة من الجبل فاطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالاً عملتموها لله عز وجل صالحة فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم كان لي والدان شيخان كبيران ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالدي اسقيتهما قبل ولدي، وأنه نابني السخريوماً فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسها أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية ينضاعون فلم نزل كذلك حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجةً نرى منها السماء، ففرج إلله تعالى فرجة رأوا منها السماء، وقال الآخر: اللهم أنه كانت لي ابنة عم أحببمها كأشد ما يحب الرجال، فطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها، قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجاً. ففرج الله لهم فرجة. وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيراً بعرف من ارز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه فتركه ورغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً وراعيها، فجاءني وقال اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي فقلت إذهب إلى تلك البقر وراعيها، فخذها، فقال اتق الله ولا تهزأ بي، فقلت إني لا اهزأ بك خذ تلك البقر وراعيها، فأخذها وانطلق بها، فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج ما بقي. ففرج الله عنهم.

 

ولهذه الكورة قرى جليلة ذات منابر أعمر وأجل من أكثر مدن الجزيرة، وهي مذكورة غير أنه لما لم يكن لها قوة المدن في الآئين ولا ضعف القرى في المعمول وتردد أمرها بين الرتبتين وجب أن نستظهر بذكرها ونبين مواضعها. منها

لد

وهي على ميل من الرملة، بها جامع يجمع به خلق كثيرمن أهل القصبة وما حوله من القرى وبها كنيسة عجيبة على بابها يقتل عيسى الدجال.

كفرسابا

كبيرة بجامع على جادة دمشق.

عاقر

قرية كبيرة بها جامع كبير، لهم رغبة في الخير، وليس مثل خبزهم على جادة مكة.

يبنا

بها جامع نفيس، معدن التين الدمشقي الفائق.

عمواس

ذكروا أنها كانت القصبة في القديم. وإنما تقدموا إلى السهل والبحر من أجل الآبار لأن هذه على حد الجبل.

كفرسلام

من قرى قيسارية كبيرة آهلة، بها جامع على الجادة.

لهذه القصبة رباطات على البحريقع بها النفير، وتقلع إليها شلنديات الروم وشوانيهم معهم أساري المسلمين للبيع كل ثلاثة بمائة دينار، وفي كل رباط قوم يعرفون لسانهم ويذهبون إليهم في الرسالات ويحمل إليهم أصناف الأطعمة، وقد ضج بالنفير لما تراءت مراكبهم، فإن كان ليل أوقدت منارة ذلك الرباط وإن كان نهار دخنوا، ومن كل رباط إلى القصبة عدة مناير شاهقة قد رتب فيها أقوام،، فتوقد المنارة التي للرباط ثم التي تليها ثم الأخرى، فلا يكون ساعة إلا وقد أنفر بالقصبة وضرب الطبل على المنارة ونودي إلى ذلك الرباط وخرج الناس بالسلاح والقوة، واجتمع أحداث الرساتيق ثم يكون الفداء، فرجل يشتري رجلاً وآخر يطرح درهماً أو خاتماً حتى يشترى ما معهم. ورباطات هذه الكورة التي يقع بهن الفداء: غزة، ميماس، عسقلان، ماحوز أزذود، ماحوز يبنا، يافه، أرسوف.

ضغر

أهل الكورتين يسمونها صقر، وكتب مقدسيئ إلى أهله من سقر االسفلى إلى الفردوس الأعلى، وذلك أنه بلد قاتل للغرباء ردي الماء ومن أبطأ عليه ملك الموت فليرحل إليها، ولا أعرف في الإسلام لها نظيراً في هذا الباب، وقد رأيت بلداناً وبيةً ولكن ليس كهذه، أهلها سودان غلاظ وماؤها حميم وكأنها جحيم، إلا إنها البصرة الصغرى والمتجر المربح، وهي على البحيرة المقلوبة وبقية مدائن لوط، وإنما نجت لأن أهلها لم يكونوا يعملون الفاحشة، والجبال منها قريبة.

مآب

في الجبل، كثيرة القرى واللوز والأعناب، قريبة من البادية ومؤتة من قراها، وثم قبر جعفر الطيار، وعبدالله بن رواحة.

أذرح

مدينة متطرفة حجازية شامية، وعندهم بردة رسول الله ﷺ وعهده وهو مكتوب في أديم.

ويلة

مدينة على طرف شعبة بحر الصين عامرة جليلة ذات نخيل وأسماك، فرضة فلسطين وخزانة الحجاز، والعام يسمونها أيلة، وأيلة قد خربت على قرب منها وهي التي قال الله تعالى وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر

مدين

على تخوم الحجاز في الحقيقة، لأن جزيرة العرب كلما دار عليه البحر ومدين في هذه الخطة، وثم الحجر الذي رفعه موسى عم حين سقى غنم شعيب، والماء بها غزير، وأرطالهم ورسومهم شامية. وفي ويلة تنازع بين الشاميين والحجازيين والمصريين كما في عبادان واضافتها إلى الشام أصوب. لأن رسومهم وأرطالهم شامية وهي فرضة فلسطين ومنها يقع جلائبهم.

تبوك

مدينة صغيرة بها مسجد النبي ﷺ.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو إقليم متوسط الهواء إلا وسطه من الشراة إلى الحولة، فإنه بلد الحر والنيل والموز والنخيل، وقال لي يوماً غسان الحكيم ونحن باريحاء ترى هذا الوادي قلت بلى، قال: هو يمد إلى الحجاز ثم يخرج إلى اليمامة ثم إلى عمان وهجر ثم إلى البصرة ثم إلى بغداد ثم يصعد إلى ميسرة الموصل إلى الرقة وهو وادي الحر والنخيل. وأشد هذا الاقليم برداً بعلبك وما حولها، ومن أمثالهم قيل للبرد أين نطلبك قال بالبلقاء، قال فإن لم نجدك قال بعلبك بيتي. وهو إقليم مبارك بلد الرخص والفواكه والصالحين وكلما علا منه نحو الروم كان أكثر أنهاراً وثماراً وأبرد هواءً، وما سفل منه فإنه أفضل وأطيب وألذ ثماراً وأكثر نخيلاً. وليس فيه نهريسافر فيه إنما يعبر، قليل العلماء كثير الذمة والمجذمين، ولا خطر فيه للمذكرين، والسامرة فيه من فلسطين إلى طبرية ولا تجد فيه مجوسياً ولا صابئاً.

 

مذاهبهم مستقيمة أهل جماعة وسنة وأهل طبرية ونصف نابلس وقدس وأكثر عمَان شيعة، ولا ماء فيه لمعتزلي إنما هم في خفية، وببيت المقدس خلق من الكرامية لهم خوانق ومجالس، ولا ترى به مالكياً ولا داودياً وللأوزاعية مجلس بجامع دمشق والعمل كان فيه على مذهب أصحاب الحديث، والفقهاء شفعوية وأقل قصبة أو بلد ليس فيه حنفي وربما كانت القضاة منهم، فإن قيل لِم لَم يقل والعمل فيه على مذهب الشافعي والصدور ثم شفعوية، قيل له هذا كلام من لا تمييز له لأن مذهب الشافعي الجهر بالبسملة والقنوت في الفجر، ولا نقنت إلا في النصف الأخير من شهررمضان في الوتر وغيرذلك ما لم يكن يستعمله أهل الشام وينكرونه، ألا ترى أن ملكهم لما أمر بالجهر بالبسملة بطبرية كيف تظلموا منه إلى كافور الأخشيدي واستبشعوا ما فعله، واليوم أكثر العمل على مذاهب الفاطمي ونحن نذكرها مع رسومهم في إقليم المغرب إن شاء الله تعالى.

والغالب فيه من القراءات حروف أبي عمرو، إلا بدمشق فإنه لا يؤم في الجامع إلا من يقرأ لابن عامر وهي شائعة فيهم مختارة عندهم، وقد فشت قراءة الكسائي في الاقليم ويستعملون السبع ويجتهدون في ضبطها.

والتجارات به مفيدة، يرتفع من فلسطين الزيت والقطين والزبيب والخرنوب والملاحم والصابون والفوط. ومن بيت المقدس الجبن والقطن وزبيب العينوني والدوري غاية، والتفاح وقضم قريش الذي لا نظير له والمرايا وقدور القناديل والإبر. ومن أريحاء نيل غاية. ومن صغر وبيسان النيل والتمور. ومن عمان الحبوب والخرفان والعسل. ومن طبرية شقاق المطارح والكاغد وبز. ومز قدس ثياب المنيرة والبلعيسية والحبال. ومن صور السكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات. ومن مآب قلوب اللوز. ومن بيسان الرز. ومن دمشق المعصور والبلعيسي وديباج ودهن بنفسج دون والصفريات والكاغد والجوز والقطين والزبيب. ومن حلب القطن والثياب والأشنان والمغرة. ومن بعلبك الملابن. ولا نظير لقطين وزيت الأنفاق وحواري وميازر الرملة، ولا لمعنقة وقضم قريش وعينوني ودوري وترياق وترذوغ وسبح بيت المقدس. وأعلم إنه قد اجتمع بكورة فلسطين ستة وثلاثون شيئاً ولا تجتمع في غيرها. فالسبعة الأولى لا توجد إلا بها، والسبعة الثانية غريبة في غيرها، والاثنان والعشرون لا تجتمع إلا بها. وقد يجتمع أكثرها في غيرها مثل قضم قريش والمعنقة والعينوني والدوري وانجاص الكافوري وتين السباعي والدمشقي والقلقاس والجميز والخرنوب والعكوب والعناب وقصب السكر والتفاح الشامي والرطب والزيتون والأترج والنيل والراسن والنارنج واللقاح والنبق والجوز واللوز والهليون والموز والسماق والكرنب والكمأة والترمس والطري والثلج ولبن الجواميس والشهد وعنب العاصمي والتين التمري. وأما القبيط فقد يرى مثله غير أن له طعماً آخر، وقد ترى الخس غير أنه في جملة البقل إلا بالأهواز فإنه غاية ويفرد عن البقل أيضاً بالبصرة.

وأما المكاييل فلأهل الرملة القفيز والويبة والمكوك والكيلجة، فالكيلجة نحو صاع ونصف، والمكوك ثلاث كيالج، والويبة مكوكان، والقفيز أربع ويبات، وينفرد أهل ايليا بالمدى وهو ثلثاً القفيز، وبالقب وهو ربع المدى، ولا يستعمل المكوك إلا في كيل السلطان، ومدى عمان ست كيالج وقفيزهم نصف كيلجة وبه يبيعون الزبيب والقطين، وقفيز صور مدى ايليا وكيلجتهم صاع، وغرارة دمشق قفيز ونصف بالفلسطيني.

والأرطال من حمص إلى الجفار ستمائة، غير أنه يتفاوت فاملاه رطل عكا، وأزله الدمشقي، وأوقيتهم من خمسين إلى بضع وأربعين. وكل رطل اثنا عشر أوقية، ورطل قنسرين ثلثا هذا.

والسنج متقاربة: الدرهم ستون حبة، وحبتهم شعيرة واحدة، والدانق عشر حبات، والدينار أربعة وعشرون قيراطاً، والقيراط ثلاث شعيرات ونصف. ورسومهم إنهم يقدون القناديل في مساجدهم على الدوام يعلقونها بالسلاسل مثل مكة، وفي كل قصبة بيت مالٍ بالجامع معلق على أعمدة، وبين المغطى والصحن أبواب إلا اريحاء، ولا ترى الحصى إلا في صحن جامع طبرية، والمناير مربعة، وأوساط سقوف المغطى مجملة، وعلى أبواب الجوامع وفي الأسواق مطاهر، ويجلسون بين كل سلامين من التراويح وبعض يوترون بواحدة وكان وترهم في القديم ثلاثاً، وفي أيامي أمر أبو إسحاق المروزي حتى قطعوه بايليا وإذا قام إلى كل ترويحة نادى منادى الصلاة رحمكم الله، ويصلون بايليا ست ترويحات، والمذكرون به قصاص، ولأصحاب أبي حنيفة بالمسجد الأقصى مجلس ذكر يقرأون في دفتر، وكذلك الكرامية في خوانقهم، وكان الحراس يهللون بعد صلاة الجمعة ويجلس الفقهاء بين الصلاتين وبين العشائين، وللقراء مجالس في الجوامع. ومن أعياد النصارى التي يتعارفها المسلمون ويقدرون بها الفصول: الفصح وقت النيروز، والعنصرة وقت الحر، والميلاد وقت البرد، وعيد بربارة وقت الأمطار. ومن أمثال الناس إذا جاء عيد بربارة فليتخذ البناء زماره، يعني فليجلس في البيت والقلندس، ومن أمثالهم إذا جاء القلندس فتدفيء واحتبس. وعيد الصليب وقت قطاف العنب، وعيد لد وقت الزرع. وشهورهم رومية: تشرين الأول والثاني كانون الأول والثاني شباط آذار نيسان آيار حزيران تموز آب إيلول. وأقل ما ترى به فقيهاً له بدعة أو مسلماً له كتابة إلا بطبرية فإنها ما زالت تخرج الكتاب وإنما الكتبة به، وبمصر نصارى لأنهم اتكلوا على لسانهم فلم يتكلفوا الأدب كالأعاجم، وكنت إذا حضرت مجلس قاضي القضاة ببغداد اخجل من كثرة ما يلحن، ولا يرون ذلك عيباً وأكثر الجهابذة والصباغين والصيارفة والدباغين بهذا الاقليم يهود، وأكثر الاطباء والكتبة نصارى. وأعلم أن خمساً في خمسة مواضع من الإسلام حسن: رمضان بمكة وليلة الختمة بالمسجد الأقصى والعيدين باصقلية ويوم عرفة بشيراز ويوم الجمعة ببغداد وأيضاً ليلة النصف من شعبان بايليا ويوم عشوراء بمكة حسن. ولهم تجمل يلبسون الأردية كل عالم وجاهل ولا يتخففون في الصيف إنما هي نعال الطاق، وقبورهم مسنمة ويمشون خلف الجنائز ويسلون الميت ويخرجون إلى المقابر لختم القرآن ثلاثة أيام إذا مات ميت، ويكشفون المماطر ولا يقورون الطيالسة، ولا جلة البزازين بالرملة حمر مصرية بسروج، ولا يركب به الخيل إلا أمير أو رئيس، ولا يتدرع إلا أهل القرى والكتبة، ولباس القرياتيين برستاق ايليا ونابلس كساء واحد حسب بلا سراويل ولهم الأفرنة، وللقرياتيين الطوابين تنور في الأرض صغير قد فرش بالحصى فيوقد الزبل حوله وفوقه فإذا أحمر طرحت الأرغفة على الحصى، وبه طباخون للعدس والبيسار ويقلون الفول المنبوت بالزيت ويصلقونه ويباع مع الزيتون، ويملحون الترمس ويكثرون أكله، ويصنعون من الخرنوب ناطفاً يسمونه القبيط، ويسمون ما يتخذون من السكر ناطفاً، ويصنعون زلابيةً في الشتاء من العجين غير مشبكة، وعلى أكثر هذه الرسوم أهل مصر وعلى أقلها أهل العراق وأقور.

وبه معادن حديد في جبال بيروت، وبحلب مغرة جيدة، وبعمان دونها، وبه جبال حمر يسمى ترابها السمقة وهو تراب رخو، وجبال بيض تسمى الحوارة فيه أدنى صلابة يبيض به السقوف ويطين به السطوح وبفلسطين مقاطع حجارة بيض، ومعدن للرخام ببيت جبريل، وبالأغوار معادن كبريت وغيره. ويرتفع من البحيرة المقلوبة ملح منثور، وخير العسل ما رعى السعتر بايليا وجبل عاملة، وأجود المري ما عمل باريحاء. وقد ذكرنا أكثر المشاهد في عنوان الاقليم وأن ذكرنا مواضعها طال الكتاب غير أن أكثرها بايليا ثم بسائر فلسطين ثم بالاردن.

ومياه هذا الاقليم جيدة إلا ماء بانياس فإنه يطلق، وماء صور يحصر، وماء بيسان ثقيل، ونعوذ بالله من صغر، وماء بيت الرام ردي ولا ترى أخف من ماء اريحاء، وماء الرملة مري، وماء نابلس خشن، وفي ماء دمشق وايليا أدنى خشونة، وفي الهواء أدنى يبوسة.

 

وفيه عدة من الأنهار تقلب في بحر الروم إلا بردى فإنه يشق أسفل قصبة دمشق فيسقي الكورة، وقد شق منه شعب يتدور في أعلى القصبة ثم ينقسم قسمين بعض يتبحر نحو البادية وبعض ينحدر فيلقي نهر الاردن، ونهر الاردن ينحدر من خلف بانياس فيتبحر بازاء قدس ثم ينحدر إلى طبرية ويشق البحيرة ثم ينحدر في الأغوار إلى البحيرة المقلوبة، وهي مالحة جداً وحشة مقلوبة منتنة فيها جبال وليس فيها أمواج كثيرة. وبحر الروم يمد على طرفه الغربي، وبحر الصين يمس طرفه الجنوبي، وبازاء صور تقع جزيرة قبرص، يقال إنها اثنا عشر يوماً كلها مدن عامرة، وللمسلمين فيها رفق وسعة لكثرة ما يحمل منها من الخيرات والثياب والآلات وهي لمن غلب. المسافة إليها في البحر اقلاع يوم وليلة ثم إلى بلد الروم مثل ذلك.

ومن العجائب بايليا مغارة بظاهر البلد عظيمة، سمعت بعض العلماء وقرأت في بعض الكتب أنها تنفذ إلى قوم موسى، وما صح لي ذلك وإنها مماطع للحجارة وفيها طرق يدخل فيها بالمشاعل. بين فلسطين والحجاز الحجارة التي رمى بها قوم لوط على طريق الحجاج مخططة صغاروكبار. بطبرية عين تغلى تعم أكثر حمامات البلد وقد شق إلى كل حمام منها نهرفبخاره يحمي البيوت فلا يحتاج إلى وقيد، وفي البيت الأول ماء بارد يمزج مقدار ما يتطهرون به ومطاهرهم من ذلك الماء، وفي هذه الكورة ماء مسخن يسمى الحمة حارٌ من اغتسل فيه ثلاثة أيام ثم اغتسل في ماءٍ آخر بارد وبه جرب أو قروح أو ناسور أو أي علة تكون برأ بإذن الله، وسمعت الطبرانيين يذكرون إنه كان عليها بما يدور بيوت، كل بيت لعلة، فكل من به تلك العلة واغتسل فيه برأ إلى وقت أرسطاطاليس، ثم سأل ملك ذلك الزمان هدم هذه البيوت لئلا يستغنوا عن الاطباء، وصحت لي هذه الحكاية لأن كل من دخله من أصحاب العلل وجب أن يخوض الماء كله ليوافق موضع شفائه. وبحيرة صغر اعجوبة يقلب فيها نهر الاردن ونهر الشراة فلا يحيل فيها، ويقال إنها لا تغرق سريعاً ومن احتقن بمائها أشفى من عللٍ كثيرة ولها موسم في شهر آب يذهب إليها الاحداث وأصحاب العلل. وفي جبال الشراة أيضاً حمة. ينزل على فلسطين في كل ليلةٍ الندى في الصيف إذا هبت الجنوب حتى يجري منه مزاريب المسجد الأقصى. أبو رياح حمص طلسم جعل للعقارب ومن أخذ طيناً وطبعه عليه نفع من لذغ العقارب بإذن الله تعالى فالعمل للطبع لا للطين. مدن سليمان عم بعلبك وتدمر من العجائب، وقبة الصخرة وجامع دمشق وميناء صوروعكا من العجائب.

ووضع هذا الإقليم ظريف، هو أربعة صفوف فالصف الأول يلي بحر الروم وهو السهل رمال منعقدة ممتزحة، يقع فيه من البلدان الرملة وجميع مدن السواحل. والصف الثاني الجبل مشجر ذو قرى وعيون ومزارع، يقع فيه من البلدان بيت جبريل وإيليا ونابلس واللجون وكابل وقدس والبقاع وانطاكية. والصف الثالث الأغوار ذات قرى وأنهار ونخيل ومزارع ونيل، يقع فيه من البلدان ويلة وتبوك وصغر وأريحاء وبيسان وطبرية وبانياس. والصف الرابع سيف البادية وهي جبال عالية باردة معتدلة مع البادية ذات قرى وعيون وأشجار، يقع فيه من البلدان مآب وعمان واذرعات ودمشق وحمص وتدمر وحلب. وتقع الجبال الفاضلة مثل جبل زيتا وصديقا ولبنان واللكام في الصف الثاني. وسرة الأرض المقدسة في الجبال المطلة على الساحل. وكنت يوماً في مجلس أبي محمد الميكالي رئيس نيسابور وقد حضر الفقهاء للمناظرة، فسئل أبو الهيثم عن دليل جواز التيمم بالنورة، فاحتج بقول النبي صلى اللع عليه وسلم جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فعم الأرضين كلها. فقال السائل إنما عني السهل لا الجبل، ثم كثر الكلام والجلبة واعجبوا بقولهم. فقلت لأبي ذر بن حمدان وكان أشغبهم ما تنكر على قائل لو قال العلة ما ذكرها هذا الفقيه الفاضل لأن الله تعالى قال آدخلوا الأرض المقدسة وهي جبال، فجعل يخردل في كلامه ويورد ما لا ينقض ما ذكرناه، ثم قال الفقيه سهل بن الصعلوكي إنما قال ادخلوا الأرض ولم يقل اصعدوا الجبل ووقف الكلام.

فإن قال قائل لِمَ لم يقل أن الباب باريحاء والله أمرهم بدخوله، وأريحاء بالغور لا بالجبال، فصح ماقاله الامام ابن الامام. قيل له لنا في هذا جوابان: أحدهما فقهي وهو أن الأرض المقدسة جبال لا محالة وأريحاء في سهولها ومن اتباعها، فظاهر الآية مصروف إلى حقيقة القدس وهي إيليا وإنما هي في الجبال لا إلى التبع من السهول والأغوار. فإن قال بل الآية مصروفة إلى مدينة الجبارين وهي أريحاء التي أمروا بدخولها فتفيد الآية أمرين دخول الأرض المقدسة والمدينة المذكورة، وفائدتها على ما ذهبت إليه مقصورة على الأرض حسب وكلما حملنا القرآن على كثرة الفوائد كان أحسن. قيل أن الله عز اسمه قد أوضح ما ذهبنا إليه بقوله: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها ألتي باركنا فيها . فدخلت سهول فلسطين وجبالها تحت هذه الآية، وصار قولهم: إن فيها قوما جبارين يعني في نواحيها. والجواب الآخر اقليمي وذلك إنهم أمروا بدخول القدس والجبارون باريحاء وهي في غور بين الجبال والبحيرة، ولا يجوز أن تقول أنهم أمروا بركوب البحر فلم يبق إلا دخولها من نحو الجبال، وكذلك فعلوا لأنهم دخلوها من تحت البلقاء وعبروا الأردن إلى أريحاء. مع أنه يلزم صاحب هذه المقالة شيئان أما أن يقول إنهم لم يؤمروا بدخول جبال القدس وأما أن يقول أن جبال إيليا والبلقاء ليست من الأرض المقدسة، ومن زعم شيئاً من هذين فترك الكلام معه أصوب. وقد كان الفقيه أبو ذر لما ضيقت عليه هذه المسألة قال لي إنك لم تدخل بيت المقدس ولو دخلتها لعلمت إنها سهل بلا جبل، حتى قال له الرئيس أبو محمد هو منها. وسمعت خالي عبدالله بن الشوا يقول: أراد بعض السلاطين أن يتغلب على دير شمويل وهي قرية على فرسخ من إيليا فقال لصاحبها صف لي قريتك، قال: هي أيدك الله قريبة من السماء، بعيدة من الوطاء. قليلة الابروط، كثيرة البلوط. تحتاج إلى الكد، ولا تزكى بالرد.

يغالب غر، ولوز مر. إزرع قبا وخذ قبا، إلا أن الذي نذرت كان أنبل جبا فقال اذهب لا حاجة لنا في قريتك.

وأما الجبال الشريفة فجبل زيتا يطل على بيت المقدس وقد ذكرناه، وجبل صديقا بين صور وقدس وبانياس وصيدا، ثم قبر صديقا عنده مسجد له موسم يوم النصف من شعبان يجتمع إليه خلق كثير من هذه المدن ويحضره خليفة السلطان واتفق وقت كوني بهذه الناحية يوم الجمعة في النصف من شعبان، فأتاني القاضي أبو القاسم بن العباس حتى خطبت بهم فبعثتم في الخطبة على عمارة ذلك المسجد، ففعلوا وبنوا به منبراً. وسمعتهم يزعمون أن الكلب يعدو خلف الوحش فإذا بلغ ذلك الحد وقف وما يشبه هذه من الحكايات. وأما جبل لبنان فهو متصل بهذا الجبل كثير الأشجار والثمار المباحة، وفيه عيون ضعيفة، يتعبد عندها أقوام قد بنوا لأنفسهم بيوتاً من القش، يأكلون من تلك المباحات، ويرتفقون بما يحملون منها إلى المدن من القصب الفارسي والمرسين وغير ذلك وقد قلوا به. وجبل الجولان يقابله من نحو دمشق على ما ذكرنا، وبه لقيت أبا إسحاق البلوطي في أربعين رجلاً لباسهم الصوف ولهم مسجد يجتمعون فيه، ورأيته فقيهاً عالماً على مذهب سفيان الثوري، ورأيت تقوتهم بالبلوط ثمرة على مقدار التمر مر يفلق ويحلى ثم يطحن، وثم شعير بري يخلط به. وأما جبل لكام فإنه أعمر جبال الشام وأكبرها وأكثرها ثماراً، هو اليوم بيد الأرمن، وطرسوس من ورائه، وانطاكية دونه.

والولايات لصاحب مصر وقد كان سيف الدولة غلب على أعلاه. والضرائب فيه هينة إلا ما يكون على الفنادق فإنه منكر على ما ذكرنا من بيت المقدس. وحماياته ثقيلة، على قنسرين والعواصم ثلاثمائة ألف وستون ألف دينار، وعلى الأردن مائة ألف وسبعون ألف دينار، وعلى فلسطين مائتا ألف وتسعة وخمسون ألف دينار، وعلى دمشق أربعمائة ألف ونيف. وقرأت في كتاب ابن خرداذبة خراج قنسرين أربعمائة ألف دينار، وخراج حمص ثلاثمائة ألف وأربعون ألفاً، وخراج الأردن ثلاثمائة ألف وخمسون ألفاً، وخراج فلسطين خمسمائة ألف دينار.

وأما المسافات فتأخذ من حلب الى بالس يومين، ومن حب الى قنسرين يوماً وكذلك الى الأثارب، ومن حلب الى منبج يومين، ومن حب إلى أنطاكية خمسة أيام، ومن أنطاكية إلى اللاذقية ثلاثة أيام، ومن منبج إلى الفرات مرحلة. وتأخذ من حمص إلى جوسية مرحلة ثم إلى يعاث مرحلة ثم إلى بعلبك نصف مرحلة ثم إلى الزبداني مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة. وتأخذ من حمص إلى شمسين مرحلة ثم إلى قارا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى القطيفة مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة. وتأخذ من حمص إلى سلمية مرحلة ثم إلى القسطل مرحلتين ثم إلى الزراعة مثلها ثم إلى الرصافة مثلها ثم إلى الرقة نصف مرحلة. ثم تأخذ من حمص إلى حماة مرحلة ثم إلى شيزر مرحلة ثم إلى كفرطاب مرحلة ثم إلى قنسرين مرحلة ثم إلى حلب مرحلة. وتأخذ من دمشق إلى طرابلس أو إلى بيروت أو إلى صيدا أو إلى بانياس أو إلى الحوران أو البثنية يومين يومين، وتأخذ من دمشق إلى أقصى الغوطة أو إلى بيت سرعا مرحلة مرحلة. وتأخذ من دمشق إلى الكسوة بريدين ثم إلى جاسم مرحلة ثم إلى فيق مثلها ثم إلى طبرية بريداً. وتأخذ من بانياس إلى قدس أو إلى جب يوسف بريدين بريدين. وتأخذ من بيروت إلى صيدا أو إلى طرابلس مرحلة مرحلة. وتأخذ من طبرية إلى اللجون أو إلى جب يوسف أو إلى بيسان أو إلى عقبة أفيق أو إلى الجش أو إلى كفركيلا مرحلة مرحلة. وتأخذ من اللجون إلى قلنسوة مرحلة ثم إلى الرملة مرحلة وإن شئت فخذ من اللجون إلى كفرسابا بالبريد مرحلة ثم إلى الرملة مرحلة. وتأخذ من بيسان إلى تعاسير بريدين ثم إلى نابلس مثلها ثم إلى بيت المقدس مرحلة. وتأخذ من جب يوسف إلى قرية العيون مرحلتين ثم إلى القرعون مرحلة ثم إلى عين الجر مرحلة ثم إلى بعلبك مرحلة وهذا يسمى طريق المدارج. وتأخذ من الجش إلى صور مرحلة ومن صور إلى صيدا مرحلة ومن صور إلى قدس أو إلى مجدل سلم بريدين، ومن مجدل سلم إلى بانياس بريدين. وتأخذ من طبرية إلى عكا مرحلتين، ومن جبل لبنان إلى نابلس أو إلى قدس أو إلى صيدا أو إلى صور نحو مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى بيت المقدس أو إلى بيت جبريل أو إلى عسقلان أو إلى السكرية مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى نابلس أو إلى كفرسلام أو إلى مسجد إبراهيم أو إلى أريحاء مرحلة مرحلة. وتأخذ من الرملة إلى يافه أو إلى الماحوز أو إلى أرسوف أو إلى أزدود أو إلى رفح مرحلة مرحلة. وتأخذ من بيت المقدس إلى بيت جبريل أو إلى مسجد إبراهيم أو إلى نهر الأردن مرحلة مرحلة. وتأخذ من بيت المقدس إلى نابلس مرحلة، وتأخذ من بيت المقدس إلى أريحاء بريدين. وتأخذ من غزة إلى بيت جبريل أو إلى أزدود أو إلى رفح مرحلة مرحلة. وتأخذ من مسجد إبراهيم إلى قاووس مرحلة ثم إلى صغر مرحلة. وتأخذ من نهر الأردن إلى عمان مرحلة. وتأخذ من نابلس إلى أريحاء مرحلة، وتأخذ من أريحاء إلى بيت الرام بريدين ثم إلى عمان مرحلة. وتأخذ من صغر إلى مآب مرحلة. وتأخذ من عمان إلى مآب أو إلى الزرقاء مرحلة مرحلة، وتأخذ من الزرقاء إلى أذرعات مرحلة، ومن أذرعات إلى دمشق مرحلتين. وتأخذ من قيسارية إلى كفرسلام أو إلى كفرسابا أو إلى أرسوف أو إلى الكنيسة مرحلة مرحلة. ومن يافه إلى عسقلان مرحلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج7وج8.كتاب الإحكام في أصول القرآن ابن حزم{والاخير}

ج7وج8 .كتاب الإحكام في أصول القرآن ابن حزم   ...